إجراءاتٌ ومقترحاتٌ لمواجهة مخاطر الزلازل

ريبورتاج 2023/03/06
...

   بدور العامري


 أثار الزلزال المدمر، الذي حدث مؤخرا في تركيا وسوريا مخاوف كبيرة لدى اغلب الناس واثار تساؤلات ومخاوف متعددة، منها هل العراق معرض لهكذا هزات؟ وفي حال تعرض البلاد أو المنطقة بصورة عامة فماذا سيكون مصير السدود والمنشآت الكبيرة المشيدة، وهل للسدود الضخمة التي شيدتها تركيا على نهري دجلة والفرات تأثير في حصول الكوارث الطبيعية، وغيرها من التساؤلات المشروعة، ولذلك كان لـ"الصباح" حديث مع ذوي الخبرة والاختصاص للإجابة عنها. 

حقائق

 نقيب الجيولوجيين سعد عبيد في تصريح صحفي سابق بين أن "العراق يحتل موقعاً متاخماً لحزامي زاكروس وطوروس الزلزاليين، حيث تصطدم الصفيحتان العربية والأوراسية، وغالبا ما يكون لنشاطهما الزلزالي مخاطر لا يستهان بها على البلاد".

وأوضح عبيد أن "النقابة عقدت مؤخرا حلقة نقاشية عن الأنشطة والعلوم الزلزالية، بمشاركة ممثلي الوزارات والهيئات المعنية، إذ أسفرت عن اتخاذ توصيات في محاور عديدة شملت البنى التحتية والرصد الزلزالي والبناء والتشييد والتوعية والإعلام والدفاع المدني.

 وشملت أبرز التوصيات بحسب عبيد، "عمل فحص شامل للسدود والبنى التحتية الستراتيجية، للتأكد من سلامتها من الزلازل والهزات الأرضية الأخيرة، وكذلك زيادة عدد المحطات الزلزالية لتغطية مساحة العراق بالكامل، خصوصاً المناطق القريبة من نشاطها ومناطق السدود.


لجانٌ متخصصة 

وتابع عبيد بخصوص التوصيات التي تضمنت أهمية مراجعة احتياج السدود، من الأجهزة الزلزالية لتقييم حالتها وتحديث الخرائط المختصة بهذا الامر، فضلا عن الدراسات الخاصة باحتمالية حدوث الزلازل في البلاد والمناطق المجاورة، التي تعطي فكرة عن إمكانية تكرارها خلال الأعوام المقبلة، لا سيما الشديدة منها، مع استخدام تقنيات تحليل صور الرادار الفضائي في مجال معرفة حركة الفوالق، واستخدام تقنيات الذكاء الصناعي في مجال تحليل المعلومات الزلزالية. 

من جانبه أفاد مدير المكتب الاستشاري لنقابة الجيولوجين الدكتور مازن العبودي، بأن من بين المقترحات التي تقدمت بها نقابة الجيولوجين إلى ممثل مكتب رئيس الوزراء، خلال الحلقة النقاشية هو تشكيل لجان متخصصة من ذوي الخبرة والتخصص لإحصاء وفحص الأبنية والمشاريع الهندسية، من النواحي الإنشائية والتصميمية والتنفيذية ومواد البناء، واتخاذ تدابير وتعليمات صارمة عند منح إجازات البناء للمشاريع، التي تمتاز بكثافة سكانية عالية كالمستشفيات والملاعب والمولات وغيرها، واستخدام معايير البناء الإنشائية والزلزالية العراقية والاهتمام بالإشراف الهندسي للمشاريع واستخدام مواد البناء المناسبة، إلى جانب رصد وإحصاء الأبنية والمشيدات القديمة والآثارية لصيانتها وتقويتها".


مؤشرات 

وأوضح العبودي أن هناك مؤشرات رافقت الزلزال الأخير الذي ضرب تركيا، مما يستوجب التعامل بجدية مع موضوع الزلازل ومدى تاثيرها في السدود او المنشآت الأخرى في المستقبل، أولها "حجم الازاحة للصفيحة الاناضولية البالغ (3 - 5)م، وهذا يشكلُّ خطرا على جميع دول الجوار، كذلك وجود البؤر الزلزالية في أماكن قريبة من مناطق السدود، ما يزيد احتمالية تأثرها بشكل مباشر، وبحسب العبودي أن العدد الكبير للهزات الارتدادية ما بعد الزلزال، والذي تجاوز 7 آلاف هزة ارتدادية حتى الآن، هو أمرٌ يدعو إلى القلق وأخذ الحيطة والحذر، وتابع العبودي بشأن المؤشرات الجديدة أن السنوات الأخيرة شهدت نشاطا زلزاليا اكبر من ذي قبل، وبالتحديد خلال الخمس السنوات الأخيرة، حيث بدأ يشعر سكان بعض المناطق في العراق بتلك الهزات، ومنها مدينة بغداد وباقي المدن.


سحب غير منظم

 استاذ الجيوفيزياء وعلم الزلازل في قسم الجيولوجيا التطبيقية بكلية العلوم في جامعة الأنبار الأستاذ الدكتور عماد عبد الرحمن الهيتي، أشار إلى أن هناك نوعاً من الهزات الارضية يكون الإنسان سببًا في اطلاقها تسمى الزلزالية المحتثة، وتنجم عن أنشطة البشر مثل بناء السدود وحصر وضخ المياه، وسحب النفط والغاز، فضلا عن التعدين السطحي والعميق، ويعتقد الهيتي أن هناك علاقة ما بين إقامة السدود في منطقة ما وحدوث الهزات فيها، وعادة ما تتم مراقبة النشاط الزلزالي قبل المباشرة بإنشاء السد وأثناء إنشائه، وتستمر المراقبة طيلة عمر السد. وعادة ما تكون الهزات المحتثة الناجمة عن انشاء السدود، ذات مقادير قليلة إلى متوسطة وعمق ضحل وتقع ضمن حدود السد والبحيرة.


أوقات الذروة 

يبين الجيولوجي أحمد حامد أنه لا يوجد أوقات ذروة لنشاط الزلزال، ومن الممكن أن تصاحب البراكين لذلك متوقع أن ترافقه هزات ارتدادية، ومن الجدير بالذكر أنه لدينا أجهزة ترصد الزلزال، لكنها غير قادرة على تحديد وقت الحدوث بالضبط، مهما بلغت دقتها وقوتها. هناك ما يعرف بالحلقة النارية، وهي تضم مناطق مختلفة منها اليابان واليونان، التي تمتاز بنشاطها الزلزالي المستمر.


حركة مستمرة

ويوضح الهيتي أن المنطقة التي حصل فيها الزلزال الأخير هي منطقة نشطة وتعرضت منذ عام ١٩٧٠ إلى ثلاث هزات مقاديرها أعلى من 6، أما الهزة الاخيرة فقد وقعت بالقرب من صدع شرق الاناضول وهو معروف بنشاطه، كما أن عدداً كبيراً من الهزّات الارتدادية وقعت على امتداده . ويرى الهيتي أن السدود لم يتم إنشاؤه على صدع شرق الأناضول، لأن في ذلك مخاطر لا يمكن توقعها لأن الأحمال الناجمة عن جسم السد والضغط، الذي يولده عمود الماء في البحيرة سوف يقرب من لحظة حصول الحركة على الصدع وبالتالي حدوث الزلزال، الخلاصة لا يمكن الحكم بهذه السهولة على وجود علاقة بين السدود المقامة والهزة الأخيرة. وما ورد في الفيديو ايضا معروف لدى علماء الزلازل بأن ضغط السوائل يسهل من عملية انزلاق الصدع.


  الأحزمة الزلزاليَّة 

ويؤكد الهيتي أنه لا يوجد مكان في كوكب الأرض بعيدٌ عن حدوث الهزات الارضية، التي غالبا ما تحدث ملايين المرات سنويا، التي تقل مقاديرها عن ٣ درجات على مقياس ريختر، ولكن الإنسان لا يشعر بها في حين تسجلها اجهزة الرصد الزلزالي، علما أن الهزات تحدث ضمن ما يعرف بالأحزمة الزلزالية في نطاقات محددة، وهي المحيط الهادئ، ونطاق الالب – الهيمالايا، وغيرها.

 ومن الجدير بالذكر أن الزلزال المدمر الذي حدث كان بقوة 7،7 درجة على مقياس ريختر في  مناطق جنوبي تركيا وشمال سوريا مطلع شهر شباط من العام الحالي، ووصلت ارتداداته الى دول أخرى، وشعر بها السكان في لبنان والعراق ومصر، وتسبب بمصرع واصابة عشرات آلاف في تركيا وسوريا، حيث قدرت منظمة الصحة العالمية عدد المتضررين من الزلزال بنحو 23 مليون شخص، كما أدى الزلزال إلى تعرض آلاف المباني لأضرار جسيمة، بما في ذلك المدارس ومرافق الرعاية الصحية والبنى التحتية العامة الأخرى، مثل الطرق والجسور والمطارات والموانئ ومحطات النفط وخطوط الكهرباء، إضافة إلى مشكلات توفير المياه والصرف الصحي.