عراقيون يروون قصصاً إنسانيَّة عن زلْزال تركيا المدمر

منصة 2023/03/06
...

    بغداد: نجلاء الخالدي


لا نعرف كيف ساقتنا الأقدار إلى "اضنة" المدينة الهادئة المطلة على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، امضينا فيها تسعة أشهر وكنا نخطط لشراء منزل، كل شيء كان يوحي بالسكينة في تلك الليلة الباردة من شتاء شباط، وقبيل حلول الصباح، فجأة وجدت نفسي تحت ركام الانقاض الهائلة وتحول الهدوء المطبق الذي يلف أحياء المدينة إلى عويل ونحيب وحشرجات أنفاس تحت الأرض تبحث عن طوق نجاة.


تروي لـ "الصباح" السيدة جنان وهي إحدى الناجيات العراقيات من الزلازل المدمرة، الذي ضرب عددا من المدن في تركيا في شباط الماضي، كيف تم إنقاذها ومن ثم اجلاؤها من تركيا عبر جسر جوي اقامته الخارجية العراقية من مطار غازي عنتاب إلى مطار بغداد.

تقول: النجاة بالنسبة لي ولأطفالي كان مخاضا عسيرا، فقد تمَّ إنقاذي من قبل إحدى الأسر السورية، التي كانت تبحث عن أفراد من ذويهم يقيمون معنا في العمارة ذاته، التي انهارت في لمح البصر وتحولت الى ركام من التراب والبشر.

غير أن مأساة الأسرة لم تنته عند هذا الحد، فقدت وجدت الأسرة نفسها في الشارع بلا مأوى أو طعام بينما يستمر هطول الثلوج، التي حاصرتها من كل جانب، وفيما الجميع مشغولون بلملمة جراحهم، فقدت الأم وأطفالها الأمل في العثور على ملاذ آمن وسط كل هذا الخراب.

وتشير السيدة جنان إلى صوت كان ينادي من بعيد بلهجة عراقية صافية، يبدو أن أحدا ما أرشده إلى المكان الذي كنا نقيم فيه. 

اقترب أكثر منا وهنا تيقنت أن الأمر لم يكن حلماً أو هلوسات ما بعد الصدمة، التي تعرضت لها جراء الزلزال، كان بالفعل القادم الينا شابا عراقيا قدم نفسه لي "أنا فلان من السفارة العراقية هنا في تركيا"، لدينا أوامر من الحكومة العراقية بإجلائكم إلى مناطق آمنة.

وتواصل السيدة خديجة حديثها "قلت لنفسي ها قد نجونا من الزلزال وسيقتلنا البرد والجوع"، لم أتوقع في هذا الظرف الحرج وعلى وقع الهزات الارتدادية المستمرة، أن يأتي فريق مكلف من وزارة الخارجية والحكومة العراقية لإنقاذنا من هول الكارثة التي اصابتنا، إلا أن الرجولة والشهامة والوطنية، تجلت في أعلى صورها لدى شباب القنصلية العراقية، الذين كانوا أول الواصلين إلى المناطق المنكوبة لإجلاء الأسر العراقية العالقة، هناك على الرغم من استمرار الهزات الارتدادية.

بينما أكد مواطن آخر نجا من الزلزال أن السفارة بذلت جهوداً استثنائية في إجلاء أسرتي المتكونة من ثلاثة أفراد بعد أن فقدنا أحد اطفالنا، الذي يبلغ من  العمر ثلاثة أشهر في مُحافظة أديامان إثر الزلزال الذي ضربها فجر السادس من شباط الماضي، لافتا إلى أن فريق من السفارة استطاع الوصول الينا وقام بنقلنا إلى مركز الإيواء الذي خصصته السفارة العراقية في أنقرة، ولفت الى أن  السفير العراقي في أنقرة السيّد ماجد اللجماوي أمر بإصدار جوازات مرور لنا، وحجز لنا أيضا تذاكر السفر عبر رحلة الخطوط الجويَّة العراقيَّة المُتوجهة من أنقرة إلى 

بغداد.

يقول د. أحمد الصحاف المتحدث باسم وزارة الخارجية إننا لم ندخر أي جهد في تلك الأيام العصبية فقد تم تشكيل، خلية ازمة واصلت جهدها في إغاثة المتضررين من الزلازل حتى اطمأنت على عمليات الأجلاء والإغاثة  في  تركيا عبر الاستمرار في الجسر الجويّ من  بغداد إلى  غازي- عنتاب وبناء على  توجيه رئيس مجلس الوزراء في تشكيل خلية الازمة برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجيَّة د. فؤاد حسين، وعضويَّة كل من وكيل الوزارة للشُؤُون الإداريَّة والفنيَّة، ورئيس دائرة دول المجاورة ورئيس الدائرة العربيَّة في وزارة الخارجيَّة، تمكنت سفارة العراق في أنقرة وبالتنسيق مع القنصليَّة العامة في غازي عنتاب من إجلاء المواطنين العراقيين العالقين في المناطق، التي ضربها الزلزال المدمر ، إذ تم تسيير اكثر من 13 طائرة محملة بمواد الإغاثة لضحايا الزلزال، من أبناء الجاليَّة العراقيَّة .

مشيرا إلى اجلاء أكثر 59 مواطناً عبر قافلة برية الى مدينة الموصل وعدد اخر عبر الخطوط الجوية العراقية الى بغداد.

كما تم نقل 22 عراقيا الى مستشفيات تركيا اصيبوا جراء الزلزال.

فضلاً عن فتح عدد من المراكز الايوائية، التي تمت زيارتها واصدار 83 جواز مرور للمواطنين الراغبين بالعودة إلى العراق.

فضلًا عن تنظيم زيارات تفقدية من قبل موظفي السفارة في أنقرة والقنصلية العامة في "غازي عينتاب" لأبناء الجالية المقيمين في الولايات التركية المنكوبة ومن بينها أديلمان، اضنة، مرسين، شانلي اورفا، ولاية مركز الزلازل كهرمان مرعش.

ويقول مسؤول الملف الإعلامي في السفارة العراقيَّة في أنقرة حسن الشمري: كانت خلية الأزمة في السفارة العراقية بأنقرة تسابق الزمن من أجل تلبية نداءات الأسر العراقية، التي كانت تطلب المساعدة، لافتا إلى أن وفدا من الخلية توجه إلى مدينتيّ مرسين وأضنة، على الرغم من ضبابية الموقف وسوء الاحوال الجوية، وفور وصول الوفد تابع احتياجات الأسر، وقدم المساعدة للمتضررين ونقلهم إلى مركز الإيواء في مدينة مرسين.

وما زلت خلية الأزمة في السفارة العراقية بأنقرة تمد يد العون والمساعدة لمئات الأسر العراقية المقيمة في تركيا، في أكبر عملية اجلاء ومساعدة تقوم بها الحكومة العراقية، متمثلة بوزارة الخارجية التي كان فريقها في خلية الأزمة أول الواصلين إلى المناطق المنكوبة من زلزال تركيا المدمر.