الديوانية : عباس رضا الموسوي
كثيرة جداً هي المشكلات التي أثقلت كاهل المواطن العراقي، وقضت مضجعه على مدى سنوات طويلة من القهر والظلم والإهمال، فمن حروب ثمانينيات القرن الماضي وحصار تسعينياته إلى الإرهاب وسوء الخدمات الذين شهدهما العراق منذ مطلع الألفية الثانية. غير أن نقص الخدمات الأساسية وغيابها في بعض الأحيان بات هاجساً يؤرق المواطنين ويزيد من معاناتهم حتى بات حديث الناس في المقاهي ووسائل التواصل الاجتماعي.
واقع الأحياء السكنيَّة
إن تردي الواقع الخدمي في الأحياء السكنية خصوصاً، ذات الكثافة السكانية العالية أثر سلباً في حياة المواطنين لما تشهده هذه الأحياء من نقص في خدمات الكهرباء، والمجاري والتبليط وطمر المستنقعات والصحة وغيرها من الخدمات الضرورية، ويكاد يجمع المواطنون على صعوبة حياتهم اليومية بسبب نقص الخدمات الأساسية، وإن شكاواهم ونداءاتهم لم تجد صداها لدى الجهات الحكومية، خصوصاً أن أغلب مدراء الدوائر ما زالوا يطلقون الوعود الكاذبة التي لم يتحقق منها شيء، بل هدر في الوقت فقط، مشيرين إلى فشل الدوائر الخدمية في ملف تحسين الخدمات لعدم وجود الرادع الحقيقي الذي يجعل المقصرين يدفعون ثمن تقصيرهم، بينما اشتكى بعضهم من استحواذ أصحاب المحال على الأرصفة، وأحياناً استغلال جزء من الشارع لكثرة بضائعهم، بل وصل الأمر إلى أن البعض الآخر ضم الرصيف وحوله إلى ملكية خاصة عبر إنشاء واجهات زجاجية، فضلاً عن كثرة مخالفات أصحاب محال القصابة، وسوء تخزين اللحوم وانتشار الذبح خارج المجزرة وتربية الأغنام والأبقار والماعز، داخل الأحياء السكنية وغيرها من المخالفات التي يفترض معالجتها بالسرعة الممكنة.
تفعيل الدور الرقابي
ولكون الدور الرقابي له أثره الإيجابي في حسر وتقليل المخالفات، فهو بمثابة الرادع الذي يخشاه المخالفون خصوصاً عندما تكون الإجراءات العقابية شديدة، لكن يلاحظ غياب الرقابة في محافظة الديوانية ما زاد من رقعة المخالفات، ويقول المواطن ضياء رزاق: «إن غياب الدور الرقابي في الدوائر الحكومية، تسبب باستفحال ظواهر الفساد والإهمال والرشوة وتأخير المعاملات وغيرها من الظواهر السلبية، التي أثرت في حياة المواطنين وزادت من معاناتهم، مشيراً إلى ضرورة قيام الحكومة المحلية بتفعيل دور الرقابة على الأسواق والمشاريع وأداء الموظفين لعملهم وجميع مفاصل الحياة، واتخاذ الإجراءات القانونية المشددة بحق هؤلاء الذين عاثوا في البلاد فساداً، ليكونوا عبرة للآخرين».
أما المواطن علي الفتلاوي فيقول : «أعتقد أنه لن يتم تفعيل دور الأجهزة الرقابية، بالشكل الذي يلبي متطلبات المرحلة التي نمر بها، لكون الكثير من تلك الأجهزة باتت متهمة بالفساد» .
اتحاد المقاولين
ولأن إشراك الجهات ذات الاختصاص بمهمة تحسين مستوى الخدمات، ضرورة ملحة لمن يريد اتخاذ الخطوات الصحيحة والمدروسة لبلوغ الهدف، خصوصاً أن اسهام ذوي الخبرة سيقلل من الأخطاء ويزيد من فرص النجاح، ويبين رئيس اتحاد المقاولين في محافظة الديوانية خضير الكرعاوي أن من أبرز الإجراءات المطلوب تنفيذها إشراك اتحاد المقاولين بخصوص المشاريع الخدمية، لأنه يمتلك رؤى واضحة، تسهم في تحسين مستوى الخدمات الآخذة بالتردي، لافتاً إلى ضرورة إعطاء مهمة تنفيذ المشاريع للشركات الموجودة في الديوانية دون غيرها، كونها تمتلك القدرة الكبيرة التي لا تمتلكها نظيراتها الوافدة من المحافظات الأخرى.
مؤكداً أن المبلغ الذي خصص لمشاريع الأمن الغذائي في الديوانية وقيمته 500 مليار دينار تقريباً لا يساوي 10 بالمئة من حاجة المحافظة التي تفتقر إلى مشاريع البنية التحتية، ودعا الكرعاوي الحكومة المحلية إلى التعاون مع اتحاد المقاولين، خلال الفترة المقبلة لتنفيذ مشاريع ذات قيمة خدمية توفر ما يحتاجه المواطنون.
ملفات
إن استشراء ظاهرة الفساد المالي والإداري، سيؤثر سلباً في الارتقاء بواقع الخدمات ويزيد من عناء المواطنين ويتسبب بهدر المال العام، وغير ذلك من المشكلات التي يدفع ثمنها المواطن لذلك يتوجب على الجهات ذات العلاقة تفعيل دورها لمواجهة هذه الآفة، التي يزداد حجمها يوماً بعد آخر، ويقول عضو مجلس النواب باسم الغرابي : «إن ظاهرة الفساد في الدوائر الحكومية لا يمكن انكارها، أو التخفيف من وطأتها خصوصاً في محافظة الديوانية، موضحاً أن موظفي مكتبه اكتشفوا ما يقرب من 28 ملف فساد في دائرة صحة الديوانية وحدها وأن هناك ملفات فساد أخرى، في الدائرة نفسها سيعلن عنها قريباً وأن عددها يفوق بكثير ما تم اكتشافه حتى الآن، ما يدل على وجود نسبة عالية من الفساد الإداري والمالي ويتوجب على الجميع محاربة هذه الظاهرة.
وأضاف الغرابي : أن موظفي مكتبه خلال الأشهر الماضية تحملوا مشقة كبيرة أثناء عملهم للحصول على الاثباتات، التي تدين هؤلاء الأشخاص المتورطين بالفساد، إذ بلغ الأمر حد منعهم من دخول مستشفى الديوانية التعليمي، وغيره من محاولات لثني إرادتهم .
إنجاز المشاريع
لقد تسببت المشاريع الوزارية التي تنفذ في محافظة الديوانية بمشكلات كبيرة، نتيجة تلكؤ مراحل إنجازها طيلة السنوات الماضية، بل إن بعض المشاريع التي بوشر بتنفيذها قبل نحو 8 سنوات حالت دون تنفيذ أخرى لعدم اتمام العمل بها، غير أن الأشهر الثلاثة الأخيرة وبتوجيهات مشددة من رئاسة مجلس الوزراء شهدت البدء بالعمل والمباشرة بتلك المشاريع بالشكل المطلوب، ويقول محافظ الديوانية وكالة فارس وناس الحمزاوي : «إن الحكومة المحلية مستمرة بمتابعة المشاريع الوزارية، التي باتت نسب إنجاز بعضها متقدمة ومتطورة»، مشيراً إلى أن الأيام المقبلة ستشهد افتتاح مشروع مجسر الجمهورية الذي يعد المجسر الأكبر في المحافظة في وقت تستمر الأعمال فيه بالتقدم في المشاريع الوزارية الأخرى، منوهاً إلى حاجة الديوانية لمثل هذه المشاريع النوعية التي ترتقي بواقع البنية التحتية، وهو الأمر الذي يرفع من مستوى التنسيق، مع الوزارات للحصول على أخرى خدمية جديدة توفر الضروريات والأساسيات التي يحتاجها المواطن، وأكد الحمزاوي استعدادات تجريها الحكومة المحلية في الديوانية، لتأهيل عشرات الأحياء السكنية خلال الفترة المقبلة مبيناً أن هذه الأحياء شملت بمشروع مجاري الديوانية الكبير وأصبحت ضمن خطة التأهيل.