وسائل التواصل الاجتماعي وفرض السيطرة الذهنيَّة

ريبورتاج 2023/03/08
...

 سرور العلي 


انتشرت وسائل التواصل الاجتماعي بشكل كبير، فأصبحت تتحكم بطريقة حياتنا، فلم نعد نتفاجأ بمشهد أفراد الأسرة مجتمعين، وفي يد كل واحد منهم هاتفاً ذكيَّاً يتصفح من خلاله، ويتواصل مع أصدقائه أو يشارك يومياته مع الآخرين، وفي هذا التحقيق سنتعرّف على سيطرة تلك الوسائل وتلاعبها بأذهاننا.

تقول الموظفة زينب محمد:

"دخلت تلك الوسائل لكل بيت، وأصبح لها تأثير كبير، فمن خلالها تنتشر الأخبار والأفكار التي يتداولها الناس، كما أنّها أصبحت مرتعا للباحثين عن الشهرة، لكن المقلق في الأمر أحيانا هو نشر أفكار وقيم غريبة لا تناسب ما اعتدنا عليه في مجتمعنا، وكل ذلك يعد نوعاً من السيطرة على جمهور كبير من روّاد تلك المنصّات".

وترى زميلتها ميعاد الساعدي أنَّ "هذه الوسائل استغلها البعض بشكل جيد، من خلال ممارسة التجارة الإلكترونية التي تدر عليهم أرباحاً، عن طريق فتح متاجر لبيع الطعام المصنّع في المنازل، وتسويق وترويج منتجات التجميل والثياب والعطور، وهو جانب إيجابي ومهم في مواقع التواصل لا يمكن لأحد إنكاره".  


سلبيات 

من جانب آخر فإنَّ ظاهرة الابتزاز الإلكتروني تفرض سيطرتها في هذه الوسائل، بنشاط القراصنة وسرقة معلومات خاصة ومهمة بالمستخدمين، واستخدامها في عمليات التخريب والاتجار بالبشر، إذ يؤكد الباحث في الشأن الاجتماعي د.أحمد عباس أنَّ "كل ذلك حصل نتيجة لسلبيات تلك المواقع وإساءة استخدامها، بسبب الجهل التام بها وضياع وقت كبير في التصفّح بها من دون فائدة تذكر، وبرغم من أن لها ميزات كثيرة فإنّها لا تخلو من المخاطر، وهي اختراق خصوصيَّة أفراد المجتمع في بعض الأحيان، ومشاهدة الأطفال لمحتويات لا تناسب سنّهم كألعاب الفيديو الخطرة، كما أنّها تؤثر على العلاقات الأسريَّة، بسبب قضاء أحد الزوّجين وقته بعلاقات افتراضيَّة عابرة، تعمل على إهمال شريك حياته في الواقع، ومن ثمَّ تسهم بتعدد الخلافات الزوجيَّة، كذلك فإنَّ هذه الوسائل تنشر عادات وتقاليد جديدة وغريبة على المجتمعات المحافظة، فهي تهدف إلى الانفتاح على العالم والمجتمعات الأخرى المتنوّعة بأطيافها وأفكارها، مما تتسبب بتشكل هوية جديدة لبعض الأفراد، لا سيما ممن تثيرهم هذه الأفكار، وينجرفون سريعاً وراءها".

مضيفاً: "تتسبب منصّات التواصل بعزلة اجتماعية وإنطواء، إذ ينقطع الفرد عن الاختلاط بمجتمعه، ويتغيّب عن حضور المناسبات الأسريّة ويتراجع مستواه التعليمي وينخفض إنتاجه وإبداعه، كما أنَّ شريحة كبيرة من روّاد هذه المنصّات تتعرّض للتنمّر والتصيّد والإساءة، وبسبب جهل البعض قد ينشر محتوى غير لائق من دون وعيه أو عن طريق الخطأ".

ونصح عباس التقليل من ساعات استخدام هذه الوسائل، والتركيز على المهام اليوميَّة في حياة الفرد التي تعود عليه بالفائدة، وعدم التواصل مع الأشخاص الغرباء والمجهولين، لا سيما أولئك الذين يستخدمون أسماء مزيّفة وصوراً غير حقيقيّة، وضرورة تطوير مهارات استخدام هذه الوسائل، لتفادي الوقوع بالمشكلات، 

وقضاء وقت ممتع مع أفراد 

الأسرة، وزيارة الأقارب والأصدقاء والتنزّه معهم، وممارسة الهوايات النافعة كالتطريز والرسم، والرياضة والقراءة، لتقليل وقت التصفّح بمواقع التواصل الاجتماعي.


أضرار أخرى

أما في ما يخص الأضرار الأخرى لهذه المنصّات، فتوضحها الاخصائيَّة النفسيَّة وجدان عبد الأمير بالقول:

"يعاني معظم أفراد المجتمع من قلة النوم والإصابة بالأرق، بسبب تأثير إضاءة الهواتف المحمولة على الهرمون المسؤول عن النوم، وتؤثر بشكل سلبي على خلايا المخ ووظائفه كذلك الإصابة بالاكتئاب خاصة لفئة المراهقين، وتكوين لديهم نزعات عدوانيَّة وعنف اتجاه الآخرين، كما أنّ من أضرارها قلة الإنتاج للموظف في العمل، كونه يتصفّح أثناء عمله ما يقلل من إنتاجه، فضلا عن الإصابة 

بالعديد من الأمراض كارتفاع ضغط الدم".

ولفتت إلى أن "هناك منتجات وبضائع أصبحت تصل إلينا عبر الإنترنت عن طريق خدمة التوصيل، تلك الخدمة التي انتجتها التكنولوجيا وما وصلت إليها أحدث التقنيات اليوم، فبكبسة زر أصبح ما نرغب به يصل لباب منزلنا من دون بذل عناء المسافة والتجول في المتاجر وزحام الأسواق، إذ تعرض هذه المنتجات في منصات التواصل مع أسعارها، ومع هذا فإن التضليل والخداع يصاحبنا في كثير من الأحيان أثناء طلب إحدى البضائع المعروضة، إذ إن ما يصلنا لا يتوافق مع ما تمّ عرضه لنصاب بخيبة أمل كبيرة بعد انفاقنا المال، وبقاء سلعة ليست لها فائدة تذكر".