اعداد: الباب المفتوح
تصوير: نهاد العزاوي
استبشرت الأسر العراقية خيراً بحجب وزارة الاتصالات آلاف “المواقع الإباحية” في العراق، الذي جاء ضمن خطوات الحفاظ على سلامة الأسر ومساعدتها على تربية أطفالها بشكل سليم، إلا أن هذا الإجراء لم يوقف المحتوى السيئ والبذيء، الذي تبثه يومياً العديد من تطبيقات “السوشيال ميديا” والقنوات الفضائية، فضلا عن المحتوى الممول الذي يظهر كإشعارات على الهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية، في ظاهرة بدأت تؤثرا سلباً في الأسر العراقية ما يستدعي الوقوف بحزم ومنعها.
ويقول المواطن علي الزيدان: إن “مروجي المحتوى السيئ، ومنها ما يتعلق بالمثلية وغيرها، بدؤوا يبثون سمومهم حتى في أفلام الكارتون التي تعرض على القنوات الفضائية، بل تجاوز الأمر ذلك ببثها إعلانات او مقاطع ممولة في “الفيسبوك او اليوتيوب” أو ألعاب الأطفال المحملة من سوق “بلي (Play Store) او الآب ستور (App Store)”، وغيرها التي تروج لأفكار منحرفة تؤثر سلباً في الأطفال والمراهقين بهدف كسب المال أو التأثير في المجتمع”.
وأكد أنه “انصدم عندما سأله ابنه عن إعلان ممول على اليوتيوب يدعو إلى أمور منحرفة، رغم أنه مفعل خاصية لا تسمح بأن يشاهد ابنه مقاطع تخص الكبار”، مؤكداً أن “ذلك تكرر في الفيسبوك بعد
أيام”.
ودعا الزيدان وزارة الاتصالات وهيئة الإعلام والاتصالات إلى متابعة ذلك”.
كما أيد المواطن سليم عبدالله ما ذكره الزيدان من وجود اختراق غير مقبول نهائياً لنشر المحتوى المنحرف، قائلاً: “هذا السلوك السيئ هدفه بث السموم المرئية فجأة ما يشكل صدمة عنيفة لوعي الأطفال، وهم في أعمار صغيرة يمكنهم من استقبال ما يشاهدونه وتقليده”، عاداً ذلك “تدميراً لبراءتهم بعد ممارسة الخديعة بحقهم”.
وانتقد عبدالله عدم وجود رقابة لمحاولات اقحام مقاطع فيديوية منحرفة، وعرض مرئيات خادشة للذوق العام، إضافة إلى احتواء أخرى على الكلمات النابية والسباب، الذي يُعود الأطفال على أن هذه السلوكيات طبيعية الاستخدام بين أفراد المجتمع، متسائلاً: “الا يعد هذا محتوىً هابطاً، وينبغي اتخاذ إجراءات رادعة
بشأنه؟»
بدورها، تقول زينب رسول: إنها “انصدمت من مشاهد أحد أفلام الكرتون للأطفال بثت ضمن أحد شبكات الكرتون العربية أثناء جلوس أولادها للمشاهدة، إذ تروّج هذه المشاهد للمثلية وأمور منحرفة أخرى، ما استدعى الأمر إلى اغلاق جهاز التلفزيون فوراً وحذف جميع هذه القنوات”.
وأضافت “لم أتخيل أن هكذا مشاهد أراها في قنوات للأطفال، وكيف تسمح وزارة الاتصالات أو هيئة الإعلام لهذه الشركة وغيرها ببث هكذا مشاهد”، مؤكدة “ضرورة الإسراع في وضع حد لخروق كهذه تؤثر في مجتمعنا”.
كما اقترحت رسول أن تقوم إدارات المدارس بتخصيص دروس أو أوقات خاصة لتوعية التلاميذ والطلبة، إضافة إلى إطلاق حملات توعية وطنية في جميع المحافظات.
من جانبه، يقول مؤسس ورئيس الجمعية النفسية العراقية د. قاسم حسين صالح: “الآن أصبح الوضع منفلتا عن السابق، بعد شيوع اليوتيوب، فلا رقابة على ما ينشر ولا سيطرة للوالدين على أطفالهم، خاصة أن التلفزيونات العربية في القرن الماضي كانت تخضع للرقابة، وكان الآباء مطمئنين لما يبث من أفلام تحمل رسائل تعليمية وتربوية، عكس ما يجري حالياً”.
ويضيف أن “شركات انتاج أفلام الكارتون تتعمد بث مشاهد تستهدف تأسيس قيم لدى ملايين الأطفال من جيل الألفية الثالثة تفضي إلى خطر كبير، خططوا له عن قصد هو (التمرد)، في مسارين: “الأول: إشاعة الانحرافات الأخلاقية، والقضاء على كل ما يعد (عيباً) او حراماً او شرفاً، وإشاعة العدوان ايضاً بالتشبه بدراكولا مثلاً، الذي يتغذى على الدماء والأشلاء، والثاني: اشغال هذا الجيل بإشباع غرائزه وإيصاله إلى الاستمتاع بما هو تافه”.
وتابع الدكتور قاسم: “المشكلة الأخلاقية والاجتماعية التي تواجهها الأسرة العراقية الآن، هي كيف يمكن السيطرة على هذا الوباء الأخلاقي المدمر، وتلك مهمة رجال الإعلام ورسالتهم الإنسانية، إضافة إلى الجهات المعنية الأخرى”.