حقائق عن جوائز الأوسكار الأولى

بانوراما 2023/03/08
...

 سامانثا فرانكو

 ترجمة: شيماء ميران


يختلف حفل توزيع جوائز الأوسكار الأول، الذي أقيم عام 1929، بنحو كبير عن الحفل المتلفز والنقل المباشر للحدث في أيامنا هذه. فقد كان الحفل مسألة خاصة لم تجذب الكثير من انتباه وسائل الأعلام او العامة. لكنه اليوم من أهم الأحداث المرتقبة والمشاهدة في هوليوود.

فبمقارنة ملحوظة، كان أول حفل اوسكار بسيط جدا نسبة إلى الإخراج الإعلامي للحفل الذي نراه اليوم. إذ كان يتم استئجار "قاعة بولوسوم" في فندق "هوليوود روزفلت" لإقامة هذه المناسبة لجعلها تبدو حفلة استقبال أكثر من كونها حفل لتوزيع الجوائز. حضر في الليلة الأولى 270 شخصا فقط، دفع بعضهم خمسة دولارات للحصول على تذكرة الدخول. وتم تقديم وجبة طعام للضيوف تضم الدجاج المشوي وفاصولياء خضراء وبطاطا، وكان هناك وقت مخصص للرقص. كانت المراسم بحد ذاتها قصيرة جدا وخالية من عنصر التشويق لأن الفائزين بالجوائز قد تم الاعلان عنهم قبل ثلاثة اشهر من الحفل. ولم يكن يُشار إلى الحدث والجوائز حتى ذلك الحين على انها اوسكار، حتى جاءت هذه التسمية لاحقا في العام 1931.

لم يحظ الحدث باهتمام الاعلام كثيرا، بل مجرد إشارة بسيطة إلى ليلة الأوسكار التي غطتها الصحيفة. والسبب الأكبر يعود إلى أن العامة لم يكترثوا فعلا بالمراسم، وهذا من المحتمل كونهم يعرفون من سيفوز بكل فئة. وعقب أول توزيع للجوائز، اقترحت الممثلة "ماري بيكفورد" انه ينبغي على الاكاديمية العمل بجد لكسب اهتمام الاعلام. وفي العام التالي، حجبوا اسماء الفائزين حتى الليلة التي سبقت الحدث في محاولة منهم لإضفاء بعض التشويق.


12 جائزة

الشيء الوحيد الباقي اليوم هو ان الحفل كان يُدار من قبل المستضيف. وكانت هناك حالات قليلة على مدار تاريخ الأوسكار وزعت فيها الجوائز بدون مستضيف منها مراسم الاعوام 1948، 1969، 1970، 1980، 2020، 2021. وكان أول حفل توزيع لجوائز الأوسكار بضيافة الممثل دوغلاس فيربانكس الاب. واستمر الحفل بأكمله خمسة عشر دقيقة فقط، لذلك لم يكن من المتوقع حديثا مطولا من نجم الفيلم الصامت. إلى جانب مؤهلاته في التمثيل، كان فيربانكس احد مؤسسي وأول رئيس" لأكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة".

تضم الأوسكار اليوم 23 فئة. مع إنه في أول حفل توزيع لجوائز الأوسكار كانت القائمة أقل من نصف هذا العدد تقريبا، وبالتحديد 12 فئة فقط، ضمت أفضل ممثل وممثلة، وأفضل إخراج فني، وأفضل تصوير سينمائي، وأفضل إخراج كوميدي، وأفضل إخراج درامي، وأفضل مؤثرات هندسية، وأفضل صورة إبداعية، كصورة فنية مميزة، وأفضل كتابة نص، وأفضل قصة، وأفضل كتابة عنوان، وآخر فئة تسمى الجائزة الخاصة.

في العام 1929، مُنحت جائزة أفضل صورة إبداعية إلى الفيلم الصامت "اجنحة- Wings" الذي ركز على الطيارين الأوائل للحرب العالمية الأولى، كان الفيلم يعد الأكثر وطنية والتزاما ومنحهُ الجائزة عزز فكرة امكانية أن تكون هوليوود وطنية وملتزمة أخلاقيا. اما جائزة صورة فنية مميزة للعام 1929 فمنحت إلى فيلم "شروق الشمس- Sunrise" الذي تم تصويره عام 1927 وكان من الناحية الفنية الأكثر ملائمة للسرد الفني لمهمة الاكاديمية.

ربما لاحظ المولعون بالأوسكار انه من بين فئات جوائز الأوسكار الأولى ثلاث فئات في الكتابة، هي الاقتباس، والقصة الأصلية، وكتابة العنوان. كانت الفئة الثالثة ضرورية بالنسبة لحفل توزيع الجوائز الأول الذي أُقيم نهاية حقبة الأفلام الصامتة. مُنحت جميع الجوائز تقريبا حينها إلى شركاء الأفلام الصامتة.

تتطلب الأفلام الصامتة كتابة بطاقات العنوان وإدراجها في الفيلم، فحصلت هذه الفئة على الجائزة الخاصة بذلك. وبحلول العام 1930 انتهت حقبة الأفلام الصامتة تقريبا، وحل محلها "ناطقون"، وبالتالي ظهرت هذه الفئة مرة واحدة ولفائز واحد فقط. ومُنحت الجائزة الوحيدة لأفضل كتابة (كتابة العنوان) "لجوزيف فارنام". وبحسب رأي الكثيرين انه لم يكن أفضل مرشح لنيل الجائزة، لكن على الأرجح منحت له كونه أحد الأعضاء المؤسسين للاكاديمية.


جائزة لكلب

واجهت فئة أفضل ممثل بعض المشكلات في حفل الأوسكار. إذ يُزعم انه عندما كان المسؤولون يحسبون الاصوات، أدركوا ان كلب الراعي الالماني "Rin Tin Tin" فاز بأكبر عدد من الأصوات. بعد بطولته لفيلم  A Dog of the Regiment and Jaws of Steel ما تسبب بأحراجهم، فاختار المسؤولون تغيير النتائج، ومنح جائزة أفضل ممثل للممثل "إميل جينينغز".

كان اختيار "جينينغز" لنيل الجائزة مشكلة كبيرة بالنسبة لمسؤولي الأكاديمية، كونه ممثلا سينمائيا صامتا اشتهر بتقلب مزاجه. ولان الشعب الألماني يتمتع بلهجة غليظة جدا، والتحول من الأفلام الصامتة إلى الناطقة، لم يعد بإمكانه العثور على أي عمل في هوليوود. وبالعودة إلى المانيا، أدى "جينينغز" الأدوار التي قدمها له الحزب الالماني الصاعد في الحرب العالمية الثانية، وبطولة الأفلام الدعائية والحملات من أجل نجاحهم.

ربما تمنى القائمون على حفل توزيع جوائز الأوسكار عدم منح "جينينغز" أول جائزة على الإطلاق لأفضل ممثل، ومنحها الكلب بدلا من ذلك. ومع ان جينينغز نجا من الحرب، لكن دعمه للحزب الألماني دمر سمعته في النهاية.

ومن المرجح اليوم، ان يلقي الفائزون بجوائز فئتهم خطابات القبول، وهو ما استحوذت عليه مراسم الأوسكار وبنحو متزايد على مر السنين. وكانت مدة أطول خطاب قبول مسجل ست دقائق تقريبا للممثلة "غرير غارسون" التي فازت بجائزة أفضل ممثلة عام 1942. اما أقصر كلمة، "شكرا لك!"، فقد ألقتها "باتي ديوك" بعد فوزها بجائزة أفضل مساعدة ممثل عام 1963.

لم تكن خطابات القبول جزءا من جوائز الأوسكار. فقد كان هناك خطاب واحد فقط في الحفل الأول واستمر 15 دقيقة. وغالبا ما كان يظهر الفائزون على خشبة المسرح لتلقي جوائزهم قبل العودة  إلى مقاعدهم. هذا على الأرجح بسبب الإعلان عن الفائزين قبل ثلاثة أشهر. وألقى خطاب القبول المنتج "داريل زانوك" بعد حصوله على الجائزة الخاصة لمغني الجاز، وأول فيلم ناطق على الإطلاق، مستغلا المنصة للتحدث ببضع كلمات عن فريق إنتاج الفيلم. وأشار خلال خطابه إلى أن الفيلم "أحدث ثورة في الصناعة".