بوح في حضرة تراتيل الخجل

ثقافة شعبية 2023/03/09
...

 محمد الجحيشي

يذهب الباحثون إلى أن شعر الدارمي ظهر في جنوب العراق وفي فرع من قبيلة تميم العربية الكبيرة ويسمى هذا الفرع (دارم)، ويقال إن نساء هذا الفرع هن من جرى هذا اللون من الشعر على ألسنتهن.

والبيت الواحد من الدارمي يعد قصيدة متكاملة تتصف بالإيجاز والإبهار بأقل المفردات.

ونال الدارمي اهتماماً وعناية كبيرة من الأدباء والشعراء والنقاد وشهرة كبيرة وانتشاراً واسعاً في عموم العراق، إذ تعدى حدود المحلية أحياناً وحمل تسميات عدة أبرزها غزل البنات وتقف وراء ذلك جملة من الأسباب، أبرزها سهولة نظمه وبلاغة معانيه وجمالية صوره.  

لذا نجد أن النساء يتداولن هذا اللون وينظمن فيه أحياناً  لا سيما في التعبير عن الحب والحبيب وكذلك الرجال يعبرون فيه عن عشقهم وتعلقهم بالمحبوب. 

  ومن هؤلاء الذين استغرقوا في نظم الدارمي الشاعر الشاب علي هادي الفتلاوي الذي أصدر ديوانه الموسوم «تراتيل الخجل» وخصصه للدارمي. 

وكان الفتلاوي موفقاً في اختيار العنوان، إذ أفصح عن موهبته في مواضع عدة، وألبس تلك الأبيات ثوب الوقار، وهو يرتل للخجل بأعلى صوته إذ يقول:

قصتنه أني وياك قصة مجانين

خلصت بس نظرات كل هاي السنين

وبلغت أبيات الدارمي في ديوانه نحو مئتين وثمانية أبيات، عبر فيها عن مكنونات نفسه، إذ  تتصارع وتعتمل حالات وانفعالات إنسانية عدة تتراوح بين الحب واللوم والحسرة والحرمان والعتب واليأس أحياناً.فالحب عند الفتلاوي يظهر لديه بصور تتواءم مع المحبوب حسب المقاييس الاعتبارية والاجتماعية حيث يقول في حب والدته:

أمي بكثر ما روح ورجع عليهه

مو ميته جنها وياي وسمع حجيهه

وفي مكان آخر يصف لنا الفتلاوي ما يعتريه من حب تجاه معشوقته وهو في حال يرثى لها إذ يقول:

اني ادري بالينباك لو سلعة لو مال

مو كلب مني تبوك وتبهذل الحال


إن من يتصفح هذا الديوان يجد الكثير من الانفعالات الوجدانية التي جسدها الشاعر علي الفتلاوي، فلو أردنا الوقوف عندها لطال المقال، فهي أبيات عفوية بسيطة واضحة لا يعتريها الغموض وقد عالج فيها الكثير من تطلعات

جيله.