المرأة بين القيد والتحرر

منصة 2023/03/12
...

  سهى الطائي 


حين نتحدث عن عمل المرأة ووجودها في المجتمع وفي جميع نواح الحياة؛ نجدها فاعلة مُتفاعلة عاملة مجاهدة، تسعى دوماً لترك بصمة أينما حلّت فهي كالياسمين يفوح عطرها أينما وجدت، وحيثما كانت، تزهر بها الأرض ويصبح لها رونقاً أخاذاً ينعش الحياة، ما أبشع الأماكن حين تخلو من وجودها؛ فهي الهواء النقي الذي يجعل من حولها يتنفّسه بسعادة، ولا ينكر الرجال ذلك ومع كل ما تقدمه وترسمه المرأة هُناك من لا يتقبل وجودها أحياناً، ومنهم من يزاحمونها في كلِّ شيء لقللوا من إبداعها لأنهم مُدركون أنّها إن أبدعت أوجعتهم؛ وإن ظهرت مواهبها حجبتهم لذلك يعمل بعضهم على تقييدها أو إقصائها أو تكبيل حركتها.

تعاني المرأة ما تُعانيه في مجتمعها هذا، فهي تكاد أن تكون أسيرة في بيت  أبيها يُقيدها أخوها وحين تخرج الى بيت الزوجيَّة تنتقل الى سجن وردي مُزيّن ومُنمّق غير أنَّ أصفاده ورديَّة وقد يُكمم كثير من الأزواج فمها، وحين يمنُّ الله عليها بزوجٍ مُناصرٍ لها يدافع عن حقوقها ويدفع بها الى الأمام فهي ستنطلق حتماً وبقوة؛ لكنها للأسف ستقف عند أول حاجز مُجتمعي نصبه لها المجتمع ليحبّطها مرة وليوقفها أُخرى، فتظل مأسورة العادات تُكبلها التقاليد لا تكاد تسعى بإبداعها حتى يوقفوها بإشارات حمراء مكتوب عليها "أنت امرأة مهما حاولت وبنت مهما تطورتِ".

مع كلِّ الذي تقدم من تكبيل وتكميم للأفواه وتقييد للمسير انطلقت المرأة العراقيَّة بإبداعها في المؤسسات الإعلاميَّة فهي تخطُّ بأناملها اليوم المقالات وتسهم بتقاريرها المميزة عالم الصحافة وتحقيقاتها الجميلة، فنجدها محررة هنا ورئيس تحرير هناك، مذيعة هنا ومقدمة برامج في مكان آخر، وقد كشفت عن خمارها لتبدو للعيان بحُلّة الحريّة وكي تزهر بها المؤسسات الإعلاميَّة التي لا تحلو إلّا بوجودها؛ فهي اليوم أثبتت حقاً جدارتها بإخراجها للبرامج في هذه القناة وبالإعداد في قنوات شتى، أبهرت العالم بما تقدمهُ فهي فاعلة مؤثرة متى ما أتاح الرجل لها الفرص؛ لتُظهر عن مواهبها المكتومة وإبداعها الكبير الذي يحتاج فقط لالتفاتة ضوء وبقعة تكشف عن جمال عملها في تلك المؤسسات الإعلاميَّة .

نشهد هذه الأيام عيدها الأغر الذي تحتفي به الدنيا بأجمعها لتُبين مكانتها وبصمتها في كلِّ المجالات، فقد ظهرت في عدد كبير من مؤسسات المجتمع المدني لتكون ناشطة في مجتمع حاول جعلها مشلولة؛ غير أنّها نهضت وكسرت كرسي العوق، فالنساء اليوم يشبهن أصحاب الهمم باندفاعهن رغم وجود ما يمنع ظهورهن خوفاً من المجتمع رغم الإشارة لهن بالعزم والتلويح لهن بالمضي قدماً رغم التعثر 

والفشل.