فيروز .. بس مو حجر

ثقافة شعبية 2023/03/16
...

كاظم غيلان 

بهجة عارمة انتابتني وأنا أطلع على (فيروز بس مو حجر) مجموعة الشاعر المبدع عباس الغالبي، بهجة دفعت مخاوفي من التراجع المحزن الذي تعيشه القصيدة العامية العراقية في راهنها المشوش، المضطرب الذي أسهم الإعلام بإشاعة وترويج نماذجه الهابطة، تشبه بهجة من يرى بريق الأحجار الكريمة وسط مشهد من خرائب دهرنا العراقي. سارعت للاحتفاء بهذا المنجز بعد لحظات من وقوع المجموعة بيدي، إذ التقيت مصادفة بصديقي الشاعر الجميل عارف الساعدي الذي وضع مقدمة لهذه المجموعة لشاعر يعي تماماً اشتراطات الجمال وفكرة الشعر .

أحسست بأن الساعدي غلق منافذ الكتابة لأنه لم يدع لي شيئاً أقوله، فكانت بحق مقدمة شاعر لشاعر، إذ اعتمدت وعياً شعرياً نقدياً كاشفاً عن أعماق تجربة الغالبي ومراياها الداخلية، تجربة تبوح بشعر الحياة المقاومة بكل ما فيها من غنى وشرف انتماء وموقف بهي تجاه حياة تناسلت تعقيداتها ولربما الثقافية في مقدمتها .

المجموعة تشير لاعتماد شاعرها على عامل الدهشة، فهي سرعان ما تصدمك صورها الزاخرة بجنون الشاعر، وهيامه، ووعيه النادر، وإذ قالها الساعدي بنباهة العاثر على جوهر الشعر: (أنا المفطوم بالنواب) ونستطيع أن نستخلص منها طريقة عباس الغالبي بكتابة الشعر الشعبي، وفهمه للأشياء من خلال هذه الزاوية   .

تقدمت قصائد المجموعة مفاتيح مصنوعة من خيال يبهر، يعلن عن ولادات تحيلنا للشعر وحده، بعيداً عن هامش المتداول لتوقظ فينا ذلك الحماس الذي انتظرناه وانتظرنا لنقرأه بحب : (جني المايعرف يسولف جروحه وهو بكل وكت شاعر).

أو:              (من تالي الثلج رديت 

وتكول النهر زتني)   .

مفاتيح الغالبي باهرة سرعان ما تربكنا، وتذهب بنا لمتخيل فيه من العجب الكثير :

(اليعيش ابلا حبيبه 

ايعيش عد اهله دخيل)  

الفنان الغالبي خبر الصورة الشعرية وأسس لها ذلك الشاهق في معمارية بناء لافت، يشاغلنا من كل الجهات:

(من حجيتك يلا صار اللون الأبيض للنوارس)    .

تعددت موضوعات المجموعة بخليط تراكم وجدانيات ووطنيات وغناء عذب تعددت انتقالاته كما هو الحال في الأعمال اللحنية الكبيرة .

هذه الكتابة الخجولة أتمنى أن تكون إفرازاً لقراءة أولى كمباركة للشاعر المهم، أكرر: المهم "عباس الغالبي" ولا بد لي من كتابة أوسع وأشمل وأهم.