«مجالس المحافظات».. حل أم تعديل؟

العراق 2019/04/15
...

 
بغداد/ أحمد محمد
 
على الرغم من تحديد مجلس الوزراء يوم 19 تشرين الثاني المقبل كموعد أولي لإجراء انتخابات مجالس المحافظات، إلا أن الجدل مازال قائما بين الكتل السياسية بشأن التعديل الثالث لقانون انتخابات مجالس المحافظات مع انقسام سياسي حول مستقبل الحكومات المحلية وإجراء الانتخابات في موعدها المحدد، فبين مطالبات بحلها وتجميد عملها وقانون غائب عن التشريع لغاية الآن، بات مصير مجالس المحافظات متأرجحاً وغير واضح المعالم في دوامة الكتل السياسية.
مصدر من داخل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات أفاد في تصريح خاص لـ«الصباح»، بأنه «لم يحدد حتى الآن موعد انتخاب مجالس المحافظات بشكل رسمي، وذلك بسبب عدم حسم التعديلات الخاصة بقانون الانتخابات وبعض فقرات قانون الاحزاب والتنظيمات السياسية»، لافتا الى أن «عدم حسم تلك التعديلات أمر مقصود من الكتل السياسية التي تطمح الى تأجيل الانتخابات الى العام القادم».
وأكد المصدر، أن «المفوضية المستقلة للانتخابات ستجتمع مع الكتل السياسية في شهر أيار المقبل لالتماس رأي الحكومة في تحديد موعد نهائي لإجراء الانتخابات أو تأجيلها، وذلك لأن المفوضية عليها الاستعداد قبل ستة أشهر من الموعد الرسمي للانتخابات للعمل عليها وخلاف ذلك سيكون من الصعب إكمال الاجراءات وحسم الموقف بشكل صحيح».
النائب عن تيار الحكمة جاسم موحان البخاتي، أعرب عن أمله بإجراء الانتخابات في الوقت المحدد، مؤكدا خلال حديثه لـ»الصباح»، أن «مقترحات الكتل بتجميد مجالس المحافظات لم تلق استجابة من قبل بعض الكتل السياسية، كما لا يمكن حل هذه المجالس كونها فقرة دستورية تمت قراءتها وطرحها على مجلس النواب وهناك نية فعلية بتنفيذ الانتخابات هذا العام بموعدها المحدد».
وأضاف البخاتي، أن «ما لمسناه من مجالس المحافظات خلال الحكومات المتعاقبة هو أن التحالفات التي تولدها المجالس تكون أداة ضاغطة على المحافظ لابتزازه، لذا يتم استبدال المحافظ أكثر من مرة، وذلك بسبب عدم الانسجام مع مصالحها الخاصة وليس لغرض الاصلاح، لذا يجب أن يستوعب المجلس دوره بصورة صحيحة بعيداً عن الحزبية، واختيار الاشخاص المناسبين لشغل هذه المناصب بما ينسجم مع دورهم الرقابي».
 
آلية إجراء الانتخابات
النائب عن حزب الاتحاد الوطني الكردستاني مثنى أمين وضح لـ«الصباح»، أن «هناك إشكاليات متعلقة بإجراء الانتخابات الخاصة بالمحافظات التي لم تنتظم في إقليم كمحافظة كركوك التي تحتاج الى مزيد من النقاش والموضوعية لحسم أمر توزيع المناصب داخل المجلس، إضافة الى إشكالية تحديد سجل الناخبين لذا نحن بحاجة الى وقت لحسم موضوع محافظة كركوك»، ويشير أمين الى أن «عدم إجراء الانتخابات في المحافظات الأخرى هو خرق للدستور؛ ومع الأسف فنحن فعلياً بهذه المرحلة، لذا نطمح الى معالجته في وقت قريب من دون الإخلال بآلية إجراء انتخابات نزيهة لمجالس المحافظات».
وقال الناطق باسم ائتلاف دولة القانون النائب بهاء الدين النوري في تصريح خاص لـ»الصباح»: «نحن مع إجراء الانتخابات في الوقت الذي تحدده المفوضية المستقلة للانتخابات مع تقليص عدد مجالس المحافظات والاقضية التي تمثل عدداً ليس بالقليل».
وأكد النوري، أن «مطالبة بعض الكتل السياسية بإلغاء مجالس المحافظات هي عملية غير ناجحة وستترك فراغاً في مهامهم ودورهم المهم كجهة رقابية، وان ما قلل من فعاليتهم هو تجاوزهم السقف الزمني في شغل هذا المنصب ودخولهم السنة السادسة، لذا يجب على المفوضية المستقلة للانتخابات أن تكون مهيأة لوجستياً ومعنوياً ومتممة لكافة الاجراءات الخاصة بانتخابات مجالس المحافظات في الوقت الذي حدد من قبل مجلس النواب في 16 تشرين الثاني، ونحن مع مفوضية الانتخابات بشرط أن تجري الانتخابات بشكل شفاف ونزيه خال من أية شوائب قد تؤثر بشكل سلبي في مصداقية الانتخابات، لذا على المفوضية المستقلة للانتخابات حسم موعد إجراء الانتخابات على أن تتحمل كافة المسؤولية بمخرجات الانتخابات بصورة صحيحة مع مراعاة الشفافية في عملية التصويت».
 
مطالبات بحل المجالس
واقترح عضو كتلة النصر النائب الحقوقي علاء سكر الدلفي، «تجميد مجالس المحافظات كونها خرجت عن المستوى المطلوب وأصبحت مجرد مسميات ولا تقوم بأي دور تشريعي أو رقابي بعد أن أصبح موضوعها من المواضيع المهمة التي تشغل مختلف الكتل السياسية».
ودعا الدلفي خلال حديثه لـ»الصباح»، الى أن «تكون هناك انتخابات نزيهة نستطيع من خلالها ضخ دماء جديدة تستطيع مواكبة العملية السياسية والخطة العمرانية التي يمر بها البلد في الوقت الحاضر، وستكون لمجلس النواب العراقي كلمته الحاسمة هذا الفصل بموضوعة مجالس المحافظات».
وأكد النائب، أن «الكثير من الكتل السياسية تريد أن تبقي على مجالس المحافظات لكي تكون جهة رقابية على المحافظ وفق القانون 21 الذي سمح بأن تكون المحافظة هي المسؤولة عن الكهرباء والصحة والتربية وغيرها، لذلك تعتقد بعض الكتل بأن دور مجالس المحافظات  رقابي ويلزم المحافظ باتخاذ كافة الاجراءات بطريقة قانونية في عمله من دون أية خروقات تذكر».
وبحديث مقتضب، أعرب النائب عن محافظة نينوى نايف الشمري عن امتعاضه من مجالس المحافظات، داعيا الى «حلها» لأنها تشكل عبئا على المحافظات بحسب قوله لـ «الصباح»، مشددا «على اجراء الانتخابات في الوقت الذي تم تحديده مبدئيا في 16/11/2019».
 
المشروعية والدستور
وبسؤال يشغل الرأي العام: (هل يمتلك مجلس النواب صلاحية حل السلطات المحلية قانونيا)؟، أوضح القاضي ناصر عمران لـ «الصباح»، أن «المادة الاولى من الدستور هي تنظيمية للدولة العراقية فهي وحسب النص ترى أن (جمهورية العراق دولة اتحادية واحدة مستقلة ذات سيادة كاملة، نظام الحكم فيها جمهوري نيابي -برلماني - ديمقراطي، وهذا الدستور ضامن لوحدة العراق). وهذا يعني أن هناك خصائص للسلطة ضمن التعريف الوارد في المادة (1) من الدستور ووجود عبارة ضامن لوحدة العراق يمنح العراق فكرة الدولة الموحدة التي تعني وجود دستور واحد وسلطة واحدة وإن تشكلت سلطات متعددة داخل البلاد وهو ما نص عليه الدستور في الباب الثالث/ السلطات الاتحادية والباب الخامس/ سلطات الاقاليم كما نص في المادة 116».
وأشار القاضي عمران، إلى أن «النظام الاتحادي في جمهورية العراق يتكون من عاصمة وأقاليم ومحافظات لا مركزية وإدارات محلية، وجاء في الفصل الثاني منه (المحافظات التي لم تنتظم في إقليم) فنص في المادة (122): أولا:- تتكون المحافظات من عددٍ من الأقضية والنواحي والقرى. ثانياً:- تمنح المحافظات التي لم تنتظم في إقليم الصلاحيات الإدارية والمالية الواسعة، بما يمكنها من إدارة شؤونها على وفق مبدأ اللامركزية الإدارية، وينظم ذلك بقانون. ثالثاً:- يُعد المحافظ الذي ينتخبه مجلس المحافظة، الرئيس التنفيذي الأعلى في المحافظة، لممارسة صلاحياته المخول بها من قبل المجلس. رابعاً:- ينظم بقانونٍ، انتخاب مجلس المحافظة وصلاحياتها. خامساً: لا يخضع مجلس المحافظة لسيطرة أو إشراف أية وزارة أو أية جهة غير مرتبطة بوزارة، وله مالية مستقلة».
مؤكدا أن «الفصل الرابع جاء تحت عنوان (الادارات المحلية) وبالرجوع الى نص المادة (13): أولا:- يعد هذا الدستور القانون الأسمى والأعلى في العراق، ويكون ملزماً في أنحائه كافة، وبدون استثناء. ثانياً:- لا يجوز سن قانون يتعارض مع هذا الدستور، ويعد باطلا كل نص يرد في دساتير الأقاليم، أو أي نص قانونيٍ آخر يتعارض معه. وعليه يمكننا وبشكل واضح أن نؤكد أن السلطات المحلية تم النص عليها دستورياً وهذا يعني أن إلغاءها أو تحديد صلاحياتها لابد من أن يكون ضمن النص الدستوري والأمر بحاجة الى رأي دستوري، فالجهة المختصة بتفسير الدستور هي المحكمة الاتحادية وحسب المادة (93) تختص المحكمة الاتحادية العليا بما يأتي أولاً:- الرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة. ثانياً:- تفسير نصوص الدستور».
 
تعديل النصوص
وأشار القاضي عمران الى «آليات تعديل النصوص الدستورية التي وردت في (الأحكام الختامية) وفي المادة (126)، وتضمنت أولا-: لرئيس الجمهورية ومجلس الوزراء مجتمعين، أو لخُمس (1/5) أعضاء مجلس النواب، اقتراح تعديل
الدستور.
 ثانياً: لا يجوز تعديل المبادئ الأساسية الواردة في الباب الأول، والحقوق والحريات الواردة في الباب الثاني من الدستور، إلا بعد دورتين انتخابيتين متعاقبتين، وبناء على موافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب عليه، وموافقة الشعب بالاستفتاء العام، ومصادقة رئيس الجمهورية خلال سبعة أيام. ثالثاً:- لا يجوز تعديل المواد الأخرى غير المنصوص عليها في البند (ثانياً) من هذه المادة، إلا بعد موافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب عليه، وموافقة الشعب بالاستفتاء العام، ومصادقة رئيس الجمهورية خلال سبعة أيام. رابعاً:- لا يجوز إجراء أي تعديل على مواد الدستور، من شأنه أن ينتقص من صلاحيات الأقاليم التي لا تكون داخلةً ضمن الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية، إلا بموافقة السلطة التشريعية في الإقليم المعني، وموافقة أغلبية سكانه باستفتاءٍ عام، وقد ذكرت المحافظات غير المنتظمة بإقليم والادارات المحلية ضمن الباب الخاص بسلطات
 الأقاليم».