عباس رضا الموسوي
تصوير: مصطفى الجيزاني
حفلة التخرج هي أسعد المناسبات التي يمكن أن يعيشها الطالب وأسرته، إذ تختلف لحظة الاحتفاء بالتخرج عن باقي لحظات العمر الدراسي الذي امتد إلى 16 سنة وأكثر، ففي حفلة التخرج يودع الطالب مرحلة عمرية طويلة عاشها بأتراحها وأفراحها ويستقبل مرحلة جديدة بعيدة كل البعد عن تلك المناخات التي اعتاد عليها في روتين حياته اليومي، إذ تبدأ رحلة الانتقال من الشاب المستهلك إلى الشاب المنتج الذي يسعى إلى إثبات ذاته من خلال إعانة أسرته وتكوين مستقبله وتحقيق أحلامه التي خطط لها .
مشاعر أسريَّة جياشة
جميعنا نلمس الفرحة التي تعيشها الأسر وهي تحتفل مع أبنائها بمناسبة تخرجهم بعد سنوات من الجلوس في مقعد الدراسة، خصوصاً أن الأسرة عانت كثيراً وهي تساند الأبناء والبنات ليصلوا إلى مبتغاهم سواء كانت هذه المساندة مادية أو معنوية، إذ يقول المواطن سلام الخياط : إن تخرج ولدي (محمد) في كلية الطب يعد من أجمل اللحظات في حياتي لذلك ذرفت دموع الفرح وأنا أراه يرتدي ملابس التخرج ويقف مع زملائه لالتقاط صور ذكرى التخرج، مشيراً إلى أنه تذكر في تلك اللحظة اليوم الأول الذي اصطحبه فيه إلى المدرسة قبل سنوات طويلة، وهو طفل صغير وكيف تمكن من المضي قدماً رغم التحديات التي رافقت مسيرته التعليمية وغيرها من ذكريات باتت في طي الماضي، متمنياً أن يحقق ولده وزملاؤه جميع أحلامهم وأن يعيشوا مستقبلهم كما رسموه وهم يتبادلون أطراف الحديث في قاعات الدراسة وأروقة الجامعة وحدائقها .
لحظة تحقيق الحلم
إن من أجمل اللحظات التي يعيشها الفرد هي تلك اللحظة التي يتحقق فيها حلمه الذي راوده لسنوات طويلة، خصوصاً أننا نعيش في زمن غير قابل لتحقيق الأحلام سواء كانت هذه الأحلام والأماني عاطفية أو اقتصادية الخ، ويقول الطالب المتخرج أحمد الشرموطي : لقد كانت اللحظة الأجمل في حياتي هي تلك التي صعدت فيها إلى خشبة مسرح الكلية وتسلمت شهادة تخرجي بحضور أسرتي وزملائي وأساتذتي لتكون هذه اللحظة بمثابة النقطة الفاصلة بين حياة الطالب المستهلك وحياة الشاب المنتج الذي يبحث عن مستقبله في غياهب الأيام المقبلة، مشيراً إلى أن وقوف أسرته إلى جانبه لسنوات طويلة هي التي أوصلته إلى هذه اللحظة التاريخية بالنسبة له، وهو الأمر الذي جعله يهدي نجاحه وتفوقه إلى والديه، لأن هذا النجاح ما كان أن يكون لولا صمودهم وتضحياتهم ورعايتهم .
مرحلة حياتية جديدة
المؤكد، أن الشاب الذي يتخطى مراحله الدراسية يصبح أمام مرحلة جديدة في هذه الحياة الصاخبة بأحداثها وتحدياتها، إذ يجد نفسه وللمرة الأولى أمام مسؤوليات جديدة ربما ينشغل بها إلى آخر رمقه، منها تكوين الأسرة وما يترتب على ذلك من التزامات وإنشاء المنزل وما يتطلبه من انفاقات ومصدر العيش وباقي الالتزامات الأخرى، ويقول الطالب حسنين جلال: إن أكثر ما يشغل بالي بعد يومين من فرحة التخرج هو ما علي القيام به لإثبات الذات، خصوصاً أنني أرغب في الاستفادة من الذي تعلمته في الجامعة، مشيراً إلى أن أسرته لا تحتاج إلى أن يقوم بدعمها مادياً، ولكنه يريد السعي لتحقيق مستقبله وهو الامر الذي يلزمه البحث عن فرصة العمل في وقت مبكر. بينما يقول الطالب علي حسين : أنا من أسرة ميسورة إلا أنني مصر على خوض الحياة العملية، لأكون مستقبلي بنفسي متوقعاً أن القطاع الخاص سيكون وجهته الأولى لحين الحصول على الوظيفة .
حفلة التخرج وآثارها
وبشأن الآثار النفسية التي تتركها حفلات التخرج في الطلبة خصوصاً أنها تبقى في ذاكرتهم ما داموا في هذه الحياة، يقول الدكتور زهير هداد السعدي : إن حفلات التخرج هي حصاد الثمر بعد سنوات من الدراسة والجد والعمل للوصول إلى نتيجة النجاح، ولا شك أن هذا الحصاد يرافقه شعور كبير بالفرح الذي يخرج أحياناً عن المألوف، هذا الفرح يشبه كثيراً حصول فريق كرة قدم على إحدى الكؤوس، فنلاحظ أحياناً فرحة هستيرية قد تخرج البعض عن طبيعتهم المعتادة، مشيراً إلى أن حفلات التخرج مهمة بالنسبة للطلبة فهي آخر ذكرى للطالب في دراسته، إذ سيواجه بعدها سوق العمل وأعباء الحياة ومع ذلك فيجب ألا تخرج حفلات التخرج عن العادات العامة والأخلاق المجتمعية وألا تتحول إلى تهريج وتصرفات يرفضها المجتمع، بل من الممكن تحويل حفل التخرج إلى كرنفال لا ينسى عن طريق إقامة المسابقات الثقافية وتقديم عروض مسرحية وفنية وموسيقية والتعرف على خطط الطلبة لحياتهم بعد التخرج وحين تكون حفلات التخرج تحت إشراف الجامعة فلا شك أن النتائج ستكون إيجابية حتماً .
لحظات الاقتران والوداع
ربما عصفت بأكثرنا أهوال لحظة الوداع مع من نحب حيث الفراق الأبدي بعد لقاءات يومية شهدتها كل الأمكنة، لذلك فإن الكثير من الطلبة يعيشون في لحظة التخرج مشاعر جياشة منقسمة بين الفرح بالتخرج والحزن على فراق الحبيبة، بينما تكون تلك اللحظة قد جلبت معها فرحتين لبعضهم حيث التخرج وإعلان الخطوبة على هامش الاحتفالية، ويقول التدريسي رسول سالم : إن البعض من الطلبة المرتبطين مع زميلاتهم يفضلون إعلان الخطوبة على هامش احتفالية التخرج وبحضور الأهل والزملاء ليضاعفوا فرحتهم، مشيراً إلى أن البعض الآخر ممن وضعت التحديات أمام حبهم يفارقون بعضهم بدموع حارة لعلمهم أن هذه اللحظة هي آخر فرصة يرون فيها بعضهم البعض .