السخرية المُضحكة

منصة 2023/03/30
...

  سهى الطائي 


يستخدم الكثيرون اليوم وفي الأوجه كافة في إبداء الرأي وخاصة في مواقع التواصل التي نندمح معها من دون دراية، أسلوب السخرية في كثير من الأمور للتعبير عن آرائهم، ومن باب حقهم في اطلاق الآراء من دون قيد يمنعهم، فهم يتهكمون هنا ويسخطون هناك في ردة فعلٍ لعدم رضاهم أولاً ولاعتراضهم على ما يحدث ثانياً، وقد يصور بعضهم السخرية بصورة ضاحكة مضحكة للتخفيف من وطأة الحدث ووقعه في الواقع.

فالسخرية هي أحد أساليب النقد يتعدد توجيهها باختلاف المواضيع والاتجاهات التي تتناولها ودائما الشعب الساخر يكون من وجهة نظري مغلوب على أمره يدافع عن حقوقه بسلاح السخرية الضاحكة مرة أو المبكية مرة أُخرى وكلنا نعرف أن معنى السخرية هو "الهُزْء والتهكّم" وغالبا من يُعرض للسخرية أمر يثير حفيظة الكثيرين فيدفع بعضا منهم الى الانتقاد اللاذع أو الصارخ بشكل ما، موضحا الأمر بكلام ساخر أو صورة ساخرة يرضي به نفسه المظلومة ويشفي غليل البعض، وخاصة إذا كان الانتقاد شخصي لاظهار عيوب أو للحط من قدر شخص ما والبعض لا يعرف كيف يعبر عن موقف أو أمر ما وخاصة اذا كانت خبرته قليلة، فالأمر يحتاج الى مفكر مُتمعن في الامر. 

ولو نظرنا من جهة أخرى وابتعدنا عن السخرية من الاشخاص والتي أعتبرها تنمرا ونتجه للمواقف والاحداث التي تدور حولنا وانفتاحنا على العالم من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والاعلام الرقمي والمشاركة بالآراء وإبداء الرأي وإن كان سلبيا بصورته الساخرة التي تكلمنا عنها. إن كثرة السخرية دليل واقع مؤلم ومرير وهذا نابع أيضا من واقع مليء بالمرارة، السياسية والاجتماعية، والاقتصادية فتأتي السخرية لتخفف ثقله؛ ويتجه الناس للتخفيف عن أنفسهم والآخرين، بما يكتبون وينقدون بصور ضاحكة، وإن الكثيرين من الناس البسطاء ينقدون المجتمع بمختلف اتجاهاته وعلى أي شيء لا يروق لهم، وهذا التواصل ما أنتج لنا كماً كبيراً من الناس عملهم هو السخرية وربما هدف الكثير منهم هو وضع روح الدعابة في الامور المهمة أو البسيطة، فكيف يمكن لكاتب غير مختص أن يحول السخرية المضحكة الى سخرية جادة تحد من الفساد، أظن أن من يستطيع حقا أن يحول هذه السخرية إلى جادة مؤثرة يجب أن يكون مختصا في إدارة الحرف يعرف لمن يوجه حروفه يراعي ثقافة المتلقي ويأخذ بنظر الاعتبار عواطفه ومشاعره تجاه أي موضوع، وفي قول لأحد الفنانين "ظروف كتابة الكوميديا في بلاد منكوبة، هي أمر يشبه الخيال".

فالقدرة على الإضحاك موهبة بحد ذاتها، وأي كتابة نكتبها غايتنا فيها أن تكون مؤثرة وأن نصبح فاعلين في مجتمع أنهكه التعب أما عن الطرق التي يجب أن يتبعها الكاتب لتحقيق ماذكرت آنفا: بأن يحشد الناس حول رأيه الساخر، وبإقناعهم للثورة ضد أي عمل غير مُرضٍ أو حدث مرفوض وبطلب التفاعل معه، حتى وإن كان تفاعلا ناقدا لسخرية سلبية، المهم هي التغذية العكسية وردة الافعال بعد القراءة فنجاح الشيء متعلق بالتفاعل ويبنى تميزه على ذلك، وممكن أيضا بعد النقد الساخر أن يقدم الكاتب حلولا للنهوض أو فكرة لانعاش المجتمع ولمساعدته للتعكز على أفكار تنهض بنا من واقع مزرٍ ولكي يصل الكاتب لهدفه ويحقق قفزة نحو النجاح وعدم البقاء في خانة لاعنين الظلام من دون أن يشعلوا شمعة إصلاح ضاحكة !