الحياة المسرحيَّة في بابل

ثقافة 2023/04/01
...

 شكر حاجم الصالحي 

 

ضمن جهده التوثيقي، أصدر كتابه الجديد (المسرح البابلي.. في جريدة الوقائع العراقيَّة) محاولاً فيه تقديم صورة مضيئة عن الحياة المسرحية في محافظة بابل للأعوام 1937 – 1946، وقد حرص المؤلف الفنان محسن الجيلاوي على عرض صور ضوئيَّة لسبعة وعشرين مسرحية قُدمت خلال العشر سنوات التي استهدفها التوثيق، ومن بين تلك (المسرحيات) نشير إلى: أنا الجندي، رواية الخنساء، أميرة الاندلس، الزبّاء، ليلى ابنة النعمان، مجنون ليلى، قطر الندى، شهامة العرب، قيس لبنى... و. و ..

ويلاحظ القارئ أن معظم تلك المسرحيات كانت ذات موضوعات ومضامين تاريخيّة مما يؤكد تصاعد الوعي الوطني والقومي في تلك السنوات التي شهدت أحداثاً كبيرة مثل مقتل الملك غازي ونشوب الحرب الكونيّة الثانية و (ثورة) مايس عام 1941، ويشير المؤلف الجيلاوي في مقدمة كتابه إلى:

إنَّ الأعمال المنشورة في الوقائع العراقيَّة كان يراد منها جمع مبالغ محددة وفق الضوابط و (قانون الاكتتابات واليانصيب) لمساعدة أسرة معلم متوفى أو إكساء طلّاب أو شراء كتب ولوازم مدرسيَّة أو بناء وترميم صفوف.. أي بمعنى آخر كان المسرح هو مصدر التكافل الاجتماعي، فضلاً عن أهدافه الثقافيّة والانسانيّة.. ص9.

ويشير الدكتور علي محمد هادي الربيعي في كلمته الموجزة في صدر الكتاب والتي عنونها: توثيق جمع فيه الجيلاوي الأذونات بموجبها الى الجهات المنتجة لتقديم المسرحيات. ص11 وهنا لا بدَّ من طرح سؤال مهم على المؤلف: لِمَ اقتصر جهده التوثيقي على الفترة من (1937 – الى 1946) في الوقت الذي تميزت بابل بنشاطاتها المسرحية في السنوات اللاحقة بعد اتساع ونهوض الوعي وزيادة عدد المدارس والمعلمين المهتمين بفن المسرح والفنون الأخرى، والملاحظ لكتاب الجيلاوي سيكشف أن الجهة الأكبر من النشاط المسرحي كانت تمر من خلال النشاط المدرسي وهذا ما يؤكده أيضاً الدكتور عامر صباح المرزوك في سطوره المضيئة عن كتاب الجيلاوي هذا، التي ختمها بمباركة الجهد المنجز 

باعتباره: أسهم في إنجاز جديد يضاف الى المكتبة المسرحية البابلية، وهو جزء من الوفاء لمدينتنا العريقة.

وقبل الختام من الضروري جداً إطلاع القارئ على منهجية المؤلف في توثيق مسعاه وحفظ وثائق تلك المرحلة من الزمن التي شهدت نمو وتصاعد الفعل المسرحي المنظم من خلال البيانات الحكوميّة التي تشير إلى الأذونات بتقديم تلك المسرحيات التاريخيّة والتربويّة، ولنقرأ بيان متصرفيَّة لواء الحلة المرقم (6786) الذي يتضمن موافقتها على عرض مسرحية رواية الخنساء من قبل مدرسة الفيحاء للبنات: عملاً ببيان وزارة الداخلية المرقم (23936) في 16/ 12/ 1934 واستنادا الى أحكام المادة الخامسة من قانون اليانصيب والاكتتابات العامة رقم 42 لسنة 1934 نوافق على تمثيل رواية الخنساء من قبل مدرسة الفيحاء للبنات في الحلة بغية جمع عشرين (دينارا) بطريقة بيع البطاقات لإكساء الطالبات الفقيرات في المدرسة المذكورة.. وفي ص 72 من المسرح البابلي في 

جريدة الوقائع العراقيّة نقرأ بيان متصرفية لواء الحلة الرقم (14220) والذي ينص على ان المتصرفية.

نأذن للجنة المؤلفة من الأشخاص المبينة (أسماؤهم) أدناه بإجراء اكتتاب عن طريق تمثيل رواية الخنساء من قبل المدرسة الغربية الابتدائية لجمع مبلغ قدره (35 دينارا) لإكساء الطلاب الفقراء على أن يجري الاكتتاب في مدينة الحلة، وخلال الأسبوع الأخير من شهر تشرين الثاني سنة 1945 بموجب بطاقات توزع لهذا الغرض.

الرئيس/ السيد قاسم خليل.. مدير المدرسة الغربية   

العضو/ عبد الحسين عريبي... معلم المدرسة الغربية 

العضو/ محمود شكر أبو خمره.. معلم المدرسة الغربية 

وأخيراً، بورك الجهد الذي أضاء لنا هذه السنوات المليئة بالنشاطات المسرحية المنظمة وأوضحت لنا حجم الوعي الاجتماعي في تلك الأيام من خلال مشاركة الطالبات في هكذا فعاليات جميلة.