الغناء الصوفي

ثقافة 2023/04/05
...

سامر المشعل 

الإنشاد الصوفي منبثقٌ من الغناء الديني، والأخير نشأ مع الدعوة الاسلامية، ومن أوائل الشعراء الذين نظموا بمديح الرسول (ص)، هو الشاعر حسان بن ثابت، واول غناء ديني كان بمناسبة استقبال اهل المدينة للرسول محمد(ص)، عندما هاجر من مكة إلى المدينة، فرحين بقرع الدفوف منشدين "طلع البدر علينا من ثنيات الوداع، وجب الشكر علينا ما دعا لله داع".

نشأت الصوفية وتطورت من خلال التعمق بآيات القرآن الكريم، ويرى البعض أنها تقوي الارتباط القلب بالخالق، وأنها تحقق تطهيرا للنفس والقلب، ويعدون مبايعة شيخ صوفي هو امتداد لمبايعة رسول الله (ص).

تستخدم الصوفية الرقص والغناء للتقرب إلى الله عز وجل، ومن أشهر هذه الممارسات هو الدوران الصوفي، وهو أحد أشكال التأمل النشط على مستوى البدن، اشبه بدوران الكواكب حول الشمس، ويمارس من قبل الدراويش، ويرمز إلى الدوران حول النفس لكبح الشهوات والرغبات والوصول إلى مرحلة الكمال. 

الغناء الصوفي فيه عمق في الكلام واللحن والأداء، وفيه تقرب إلى الله سبحانه وتعالى، وهي طقوس تعبدية روحية، مستوحاة من شعراء الصوفية امثال جلال الدين الرومي، الحسين بن منصور الحلاج، محيي الدين بن عربي، الذي لقب بالشيخ الاكبر، والشيرازي وغيرهم.

انتشرت الصوفية في الكثير من البلدان الاسلامية مثل العراق ومصر وسوريا والمغرب العربي.. واهتمت تركيا على نحو خاص بهذا الفن، والسبب يرجع إلى زواج احد الخلفاء العثمانيين من بنات احد " المولويين "، الأمر الذي جعل الاتراك يدعمون انتشار الطريقة المولوية.

وهناك قول إن الغناء الصوفي انطلق من العراق في بغداد والبصرة والموصل في العصر العباسي، ثم انتشر إلى كل العالم، ومنبع هذه الفرق هو عراقي، ويكفي أن نعرف أن رابعة العدوية هي من البصرة، وهي من أوائل من أنشد الشعر الصوفي.

ولم يقتصر الغناء الصوفي على اصحاب الطرق الصوفية، إنما جذب هذا الفن الكثير من الشعراء والملحنين والمطربين والموسيقيين لتقديم الغناء الصوفي والابتهالات.. النابع من عاطفة دينية للتقرب إلى الله سبحانه وتعالى، وهناك الكثير من الفنانين الذين ولجوا هذا الفن عرفوا به، مثل الفنانة ياسمين الخيام في قصيدة " يارسول الله "، والسيدة أم كلثوم في قصيدة " نهج البردة " في العام 1946 وهي من كلمات احمد شوقي والحان رياض السنباطي، والملحن بليغ حمدي، الذي لحن ستة ابتهالات دينية لصوت السيد النقشبندي، وكان أبرزها ابتهال "مولاي انني ببابك"، والموسيقار روحي الخماش الذي لحن ابتهال "يا إله الكون إنا لك صمنا" لفرقة الانشاد العراقية، وكان هذا الدعاء يتردد بعد فترة الإفطار في رمضان، حتى أصبح الدعاء الأثير لدى العراقيين، والمحبب إلى نفوسهم في شهر رمضان منذ العام 1967 ولغاية الآن. كذلك لا ننسى أن الفنان كاظم الساهر غنى للحلاج بالروحية الصوفية قصيدة:

عجبت منك ومني 

يامنية المتمني 

أدنيتني منك حتى ظننت أنك أني

اضافة إلى العديد من الفنانين العراقيين ومنهم: فاضل عواد، فتح الله احمد، نجاح عبد الغفور، جواد محسن، فؤاد فتحي 

وآخرون.