العراقيون وسيكولوجيا .. اللهمّ إني صائم

منصة 2023/04/06
...

 واضح أن هذه العبارة تخص "اللسان"، وانها تأتي عندما يهمّ الصائم بقول شيء يذكّره بانه صائم، أو حين يكون في موقف يدفعه إلى التعليق عليه بكلمة يعتقد أنها ستبطل صيامه كأن يريد أن 

يغتاب أحدا. 

والمفارقة انه يغتابه فعلا ويجد في قوله (اللهمّ اني صائم) تبريرا لاغتيابه كما يعتقد!.

من جهة أخرى، ان شيوع عبارة (اللهمّ اني صائم) تعني أننا في غير رمضان نكثر من الكذب والنفاق والغيبة والنميمة والالفاظ النابية، وعدم القدرة على التحكم بغضبنا في تعاملنا مع الناس فنطلق العنان للسان بقضم سمعة فلانه وفلان.

 وننبّه إلى أن ما يزيد من تعكّر المزاج في رمضان، أن الحالة النفسية للعراقي تزيد حالته الفسلجية سوءا. فالأحداث والفواجع وما عاناه من خيبات واحباطات أتعبت اعصابه ولم يعد في حوصلته مكان يتسع لها..ما يعني أن وضعه النفسي والفسلجي في رمضان سيكون متأزما، وأن مزاجه قد ينفلت قبل أن يقول (اللهمّ اني صائم).

  وننبّه ايضا.. ليس فقط إلى نرفزة الاعصاب وضعف السيطرة على التصرّف لدى بعض الصائمين الناجمة عن هذين الوضعين النفسي والفسلجي، بل إلى آلية نفسية نسميها (التحويل)، ونعني بها أن الأقوى (يفرّغ قهره) بالأضعف. فحين يعود الصائم من العمل وتتأخر زوجته في فتح الباب، فإنه ما ان تفتحه، ينفجر بوجهها، ويلعن اليوم الاسود (العرّفني بيج.. وساعة السوده التزوجتك بيها...) خاصة اذا وصل بيته متأخرا من شدة الازدحام، أو أن مديره وجّه له عقوبة في ذلك اليوم.. فعندها (يا ويل زوجته منه).. سيفرغ بها قهر زحام الطريق والعقوبة!.. وينسى نفسه أنه صائم.

   والأم الصائمة تمارس ايضا (تحويلا) .فاذا تضاعف سعر البصل واللحم، وانقطع الماء والكهرباء ولا تعرف ماذا تطبخ للفطور فياويل أطفالها منها.. سوف تكفخ هذا وتصرخ بوجه ذاك وتلعن هي الاخرى اليوم الذي تزوجت فيه. بل إن أقل احتكاك بينهم يؤدي إلى نشوب (حريق نفسي) قد ينجم عنه ما يجعل الأسرة تخسر ليس فقط المودّة بين أفرادها، بل حتى صيامهم أيضا.

  ونصيحتنا للأسرة العراقية الكريمة.. أن مزاج بعض الصائمين والصائمات في رمضان يكون (عكرا نزقا) وأن جهازهم العصبي، بفعل انخفاض مستويات السكر بالدم وجفاف الاعصاب وتغير ايقاع الساعة البيولوجية، واضطراب برنامج النوم المعتاد عليه الدماغ، يدفع صاحبه لا إراديا إلى أن يعمل على خفض توتره.. اسهلها عليه (التحويل) بأن يفرغ الاقوى قهره بالاضعف.. ليس فقط بين الزوجين وافراد العائلة.. بل وحتى بين الموظفين والعاملين في المؤسسات الحكومية والأهلية.

وعلينا أن نكتسب درسا جديدا من رمضان.. بأن نتعلم من عبارة (اللهمّ اني صائم) أن نضبط السنتنا.. ليس في رمضان فقط، بل وما بعد عيده..المبارك 

عليكم وعلينا.