باب المراد

منصة 2023/04/06
...

  جعفر لبجة

كتاب صدر للباحث المهندس محمد صالح محمد تناول فيه جانبا من مدينة الكاظمية تناول فيه أولا مشهد الإمام موسى الكاظم الذي هو بالأساس موقع لمدفن اتخذه أبو جعفر المنصور مؤسس مدينة بغداد الذي فوجئ بوفاة ابنه الأكبر [جعفر] عام 150هـ سميت {مقابر قريش} لدفن بني العباس وأبناء عمومتهم من العلويين وهم جميعاً من قريش باستثناء أبو يوسف الانصاري قاضي القضاة وهو من الانصار وليس من قريش.

كما دفن فيها عدد من امراء البويهيين ففي عام 356هـ توفي الأمير معز الدولة وتم دفنه في مقابر قريش، وكذا عضد الدولة 367هـ وفي زمن البويهيين بنيت جدران حول القبر الكاظمي ووضع صندوق من خشب الساج على قبر الإمام وبنى عضد الدولة البويهي سوراً حول المشهد ليقيه من الفيضانات، ولعل أشهر من دفن في مقابر قريش: الخواجة نصير الدين الطوسي وهو من أعاظم حكماء الإسلام وكان من تلامذته (ابن سينا) وحين استولى (هولاكو) على مدينته (قهمستان) عام 654هـ اتخذه مشاوراً له ومن الذين دفنوا (الشيخ المفيد) وكان أستاذاً للسيد المرتضى وأخيه الشريف الرضي، لقد اصبحت الكاظمية قبلة للتجار وأصحاب الحرف وهاجرت اليها العديد من الأسر من انحاء العالم الإسلامي واتخذت لها حرفاً ومهناً مثل صناعة ودبغ الجلود وسميت محلة باسم مهنتهم (الدبخانة) وشاعت مهنة تصنيع القطن ونسجه واتخذت لهم محلة تسمى (القطانة)، ثم صارت المحلات تسمى باسماء المشاهير كالاستربادي، الكنجلي، الشوشتري).

وللكاظمية محلات أربع أشهرها، هي: محلة الشيوخ وهي من أكبر المحلات سكنها (آل شطيط، وقبيلة طي والعيكلات والكنعانية) وفيها سوق الاستربادي وشارع الشريف الرضي وشارع المرتضى وباب الدروازة ومركز الشرطة القديم ومستشفى الكاظمية القديم ومدرسة الاميرية واعدادية الكاظمية وتانكي الماء القديم الذي رفع في التسعينيات، وفيها طرف عكد السادة ومحلة الكنعانية. ومحلة التل لوجود تل كبير كان يؤخذ منه التراب لصناعة الطابوق. ومحلة الدبخانة كون أهلها كانت تعمل في دباغة الجلود ومن أطرافها طرف البحية وأم النومي لوجود بستان كبير أكثر أشجاره النومي الحلو.

ومن المحلات الشعبية: محلة العكيلات ومحلة النعشخانة ومحلة الهبنة والشوصة (ساحة الزهراء اليوم) ومحلة الهبنة.

لقد كان التنقل داخل وخارج المدينة على الدواب والعربات إلى أن جاء مدحت باشا عام 1899 وبنى سكة حديد عليها عربات تجرها الخيول، سمية ترامواي بين الكاظمية والكرخ، وآخر أيامها اشترت الشركة قاطرة لسحب العجلات، ولكن لم يتم تشغيلها، حتى سيطرة الحكومة عليها عام 1941 وألغيت عام 1946 في 15/12، وتم استحداث مصلحة نقل الركاب، في الفصل الرابع تناول المؤلف القادمين من مملكة أوده الهندية واستقرارهم في الكاظمية ومنهم (آل النواب).

من المعروف أن الشيعة في الهند قد أقاموا أربع دول في الجنوب (العادل شاهيه) عاصمتها بياجاور، والقطب شاهيه في حيدر آباد، والنظام شامية وعاصمتها (احمد نكر)، والرابعة في شمال الهند وهي دولة (أوده) وعاصمتها 

(فيض آباد). أولى حكام هذه المملكة عناية بالمراقد المقدسة في العراق حيث زار كربلاء الملك محمد علي شاه مع زوجته (داربهو) الذي أوعز بتعمير المرقد المقدس وإنشاء الأيوان الذهبي وتذهيب إيوان مرقد العباس، من شخصيات أوده (إقبال الدولة النواب الذي توفى عام 1887 والذي يعود نسبه إلى الإمام موسى بن جعفر، هذا الرجل استهوته مدينة الكاظمية مرقد جده الكاظم وكانت داره التي توفي ودفن فيها في باب المراد وكان ذا ثروة طائلة على شكل ليرات ذهبيَّة تحت يده وله رصيد في مصرف انكلترا بلغ 25 مليون ليرة حتى أنّه أقرض الحكومة العثمانيَّة في زمن السلطان (عبد الحميد). 

وصفه الكاتب والمؤرخ عباس العزاوي في كتابه (تاريخ العراق بين احتلالين) قائلا: هو من أكابر الرجال أديب فاضل له اتصالات عديدة بالأدباء العرب وعلمائهم.

وله احترام كبير عند الأهالي له راتب يأتيه من انكلترا ثلاثة آلاف روبية وهو يحمل لقب (سير)، مما يؤسف له أن يقوم البعض أن يتم الاستيلاء على البقعة المدفون فيها واقامة مول وسوق على هذه البقعة بينما تقوم الدولة متفرجة على المتجاوزين.

يذكر المؤلف حمامات الكاظمية وشيوع العامة منها لصغر مساحة البيوت، ولدخول إسالة الماء إلى الدور متأخرة، وكذلك اهتمام الأهالي بالنظافة. من هذه الحمامات المشهورة، حمام الدروازة (حمام الطمة) بني منذ ما يقارب من 200 عام وهذا في الحقيقة هو حمامان رجالي ونسائي متجاوران، ولكل حمام خزينة، وحمام الحلو بجوار باب المراد وطرف الحبية وتم هدمه عام 1958، واتخذ باعة الاسماك مكانه للبيع. وحمام مرزا هادي ويقع مباشرة خلف جدران الصحن الشريف من طرف الانباريين وصاحبه الذي بناه (المرزا هادي)، وحمام الدجيلي، وحمام المملوكي وكلاهما يقعان في شارع واحد، وحمام حاج بارود في ساحة العروبة، وحمام حيدر وخو آخر حمام بني في أول شارع المرتضى/ باب الدرواز، وهو من أرقى الحمامات ومن معالم مدينة الكاظمية (محطة قطار الكاظمية) التي تم إنشاؤها عام 1912 من قبل الألمان، وهي المحطة الأولى بعد انطلاق قطار بغداد برلين، إلا أن لقيام الحرب العالمية الأولى توقفت المانيا عن اكمال الخط عند سامراء.  ومن الطريف أن الجيش العثماني المنسحب بقيادة خليل باشا والي بغداد ومعه الجيش وباقي الضباط ليلة 11 /3 /1917 ودخول القوات البريطانية المحتلة عندها تم تدمير النقاط العسكرية القريبة من الكاظمية مثل محطة اللاسلكي التي نقلت آخر برقية لها خبر الانسحاب، وكذلك تدمير باب الطلسم لوجود مخازن البارود والذخيرة فيها، كما أن تتويج الملك فيصل تم في الصحن الكاظمي، وغير ذلك من أحداث يسردها

 المؤلف.