الجيش الأميركي يدرّب جنود غرب أفريقيا

بانوراما 2023/04/09
...

  سام ميدنيك

 ترجمة: بهاء سلمان

مع انتشار أعمال العنف للجماعات المتطرّفة في منطقة جنوب الصحراء الكبرى الواقعة غرب القارة الأفريقية، متجهة جنوبا صوب الدول الشاطئية، أطلق جيش الولايات المتّحدة موسم تدريباته العسكرية السنوية الهادفة إلى مساعدة جيوش المنطقة على احتواء التهديدات الارهابية. ويجري تدريب جنود من عدة دول أفريقية على فنون التكتيك والتنظيم الحربي الخاصة بمكافحة التمرّد كجزء من تدريبات سنوية بقيادة أميركية تعرف بـ "فلنتلوك"؛ وقد بدأت فعلا قبل عدة أيام.


ويتجمّع نحو 1300 جندي من 29 دولة أفريقية في غانا وساحل العاج لغرض إجراء التدريبات، وسط خضم أعمال ارهابية متصاعدة ترتكبها عصابات تنظيم القاعدة و"داعش" الارهابي، حيث قتل الآلاف وهجر الملايين، وسقطت تلك البلدان أسيرة لأزمات كبرى. وبينما تتركز معظم النشاطات الارهابية ضمن المناطق غير الشاطئية من جنوب الصحراء الكبرى غرب أفريقيا، في مالي وبوركينا فاسو والنيجر، يجري انتشار أعمال العنف بشكل سريع إلى الدول الشاطئية، مثل غانا، التي تشهد ارتفاعا سريعا بالهجمات من قبل مجاميع مجهولة الهوية، ويحتمل ارتباطها بالحركات المتشددة. وكانت منطقة شمال غانا قد تعرّضت لحادثة عنف واحدة فقط مرتبطة بمجاميع مسلحة سنة 2021، بينما إرتفع عدد الهجمات بشكل هائل إلى 19 اعتداء سنة 2022، بحسب مشروع بيانات مواقع الصراعات المسلحة.

وتجري دورة التدريب الأميركية لهذا العام وسط مشاعر متزايدة بالضد من فرنسا داخل غرب أفريقيا، فقد أنهت كل من مالي وبوركينا فاسو تعاونهما العسكري مع الفرنسيين، بشكوى من أن الحضور العسكري الفرنسي على مدى عدة سنين لم يقدم إلا القليل لاستئصال جذور أعمال العنف المتزايدة من قبل الجماعات المتشددة. ويتلقى المجلسان العسكريان الحاكمان لمالي وبوركينا فاسو حاليا دعما عسكريا من روسيا، كما إن مالي تتعامل مع منظمة فاغنر الخاصة لتجنيد المقاتلين المرتزقة.


مد يد العون

وتقول المصادر الأميركية بأنها تريد مساعدة الدول الأفريقية على استئصال جذور التهديد المتطرف للارهابيين قبل أن يمتد لمناطق أخرى عبر المنطقة. "في حال لو تحركت حالة عدم الاستقرار بشكل واسع جدا، أو سيئ للغاية، فهي بذلك تعمل على فتح منفذ لجهات فاعلة خبيثة للسعي والتأثير، وفرض حالات فساد لكسب وسائل دخول إلى بعض من هذه الحكومات،" كما يقول الكولونيل الاميركي "روب زيلا"، نائب قائد قيادة العمليات الخاصة لافريقيا.

وبنفس الوقت الذي لا تعمل فيه الولايات المتحدة على توسيع عدد جنودها في غرب افريقيا، سوف تستمر قوات العمليات الخاصة بتنفيذ تدريبات مشتركة مع شركائها، بالاعتماد على احتياجاتهم وطلباتهم، بحسب زيلا.

ولأول مرة خلال تدريبات فلونتلوك، سيكون هناك موقع خصص للتدريبات البحرية، حيث ستمارس القوات العسكرية أعمال البحث والاقتحام وغيرها من فنون القتال، لاجل إبعاد خطر التهديدات المتزايدة لأعمال القرصنة في خليج غانا. ويعرب المسؤولون العسكريون في غانا عن خشيتهم من تعاون الارهابيين قريبا مع القراصنة بغية جعل المياه منطقة غير آمنة، الأمر الذي سيؤدي إلى تحييد النشاط الاقتصادي للدول الشاطئية. يقول الكولونيل "ويليام نورتي"، من الجيش الغاني: "نحن نعلم مسبقا بوجود نيّة لدى الارهابيين بتأسيس علاقات مع القراصنة وتعزيز العمليات. هذا الأمر سيكون بمثابة "تغيير لقواعد اللعبة" بالنسبة للدول الشاطئية، لذا، صار من الضروري لنا منع هذا الوضع بأي تكلفة كانت."


تغيير الواقع

ومع انتشار أعمال العنف المرتكبة من قبل المتطرفين نحو الجنوب، تنفق غانا أموالا لتدعيم الأمن على طول حدودها، فقد اشترت أكثر من مئة ناقلة جنود مصفحة، من بين معدات أخرى، وفقا لما قاله الرئيس الغاني "نانا اكوفو ادو" خلال خطابه إلى الأمة قبل عدة أيام، وجاء في خطابه: "يقتضي واقع الحال لدول الجوار أن تمضي الحكومة الغانية إلى مديات بعيدة لتأمين أمن وسلامة واستقرار بلادنا." 

وتعد غانا أيضا جزء من مبادرة اكرا، وهو برنامج عسكري يضم أيضا بوركينا فاسو والدول الشاطئية المجاورة لمحاربة الانتشار المتزايد للحركات المتطرفة في منطقة جنوب الصحراء الكبرى.

ويظهر انتشار أعمال العنف الارهابية عبر منطقة جنوب الصحراء الكبرى أن الحل العسكري ليس كافيا، وهناك حاجة ماسة لأمور أخرى لمنع حالة العصيان من تدمير منطقة الشاطئ، كما يقول الخبراء الاقليميين. وتشير "روكميني سانيال"، المحللة الغانية لدى وحدة الاستخبارات الاقتصادية، التابعة لمجموعة الايكونومست، إن انتشار الفقر والتضخّم الهائل والنقص الحاد بالوظائف للشباب الصغار توفر ظروفا مناسبة لتجنيد أعداد جديدة من الارهابيين، وتضيف: "هناك مثال يثير القلق في الصراع الجاري حول تسيّد الزعامة بين مجموعتي مامبروسي وكوساسي العرقيتان على منطقة باوكو الواقعة شمالي غانا، حيث إن الاستياء المنتشر من الممكن له أن يخلق حيّزا لتسلل الإرهابيين. الحكومة بحاجة إلى تبني منهاجا متعدد الجوانب يركز على بناء مرونة مجتمعية أكثر من اعتمادها على الوسائل الأمنية الأكثر تقليدية."


وكالة اسيوشيتد برس الأميركية