ارتفاع الأسعار.. أزمة المواطن في رمضان

ريبورتاج 2023/04/10
...

 بدور العامري

 تصوير: مصطفى الجيزاني

ما إن حل علينا شهر رمضان الفضيل حتى بدأت أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية بالارتفاع ليصل سعر كيلو البصل على سبيل المثال إلى 2500 دينار، فما بالك بأسعار اللحم والدجاج وباقي الخضر والفواكه، الأمر الذي انعكس سلباً على حياة المواطنين من ذوي الدخل المحدود والفقراء، وتسبب بزيادة الأعباء المالية وصعوبة توفير ما تحتاجه الأسرة من مأكل وملبس وخدمات أساسية.

غلاء فاحش

أم رضا (55 عاماً)، من سكنة مدينة الصدر في بغداد تقول: استقبلنا الشهر الفضيل مع صعود مستمر لأسعار المواد الغذائية، إذ أصبح سعر الكيلوغرام من اللحم 20ألف دينار بعد أن كان لا يتجاوز في أسواقنا الشعبية  الـ15 ألف دينار قبل رمضان، وكذلك سعر كيلوغرام الدجاج الذي أصبح بعشرة آلاف دينار، والحبوب والبقوليات والفواكه والخضر كان لها نصيب في ارتفاع الأسعار، وتناشد المواطنة أم رضا "من ينقذ الفقير من هذا الغلاء الفاحش الذي ليس له مبرر سوى رغبة التجار الجشعين وجني الأموال على حساب الناس المتعففة؟، ولا بد من إيجاد عقوبات رادعة بحق هؤلاء الذين يتحكمون في أحوال السوق"، وكذلك طالبت أم رضا الجهات المعنية بتوفير أسواق مدعومة توفر المواد الغذائية والمستلزمات الضرورية للفئات الفقيرة في المجتمع".


سعر الدولار

الخبير الاقتصادي الدكتور فالح الزبيدي يقول: هناك عدة أسباب عملت على رفع أسعار المواد الغذائية والسلع خلال الفترة الأخيرة، أولها هو ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي، ما تسبب بارتفاع أسعار السلع والخدمات بصورة عامة، لأننا نعلم أن الاقتصاد العراقي هو اقتصاد أحادي ريعي يعتمد على تصدير النفط، واعتماده كمصدر للدخل ولتمويل موازنة الدولة ومشاريعها، الأمر الذي انعكس سلباً على الواقع الاقتصادي للبلد وتركه عرضة لتأثيرات تقلبات سعر صرف الدولار، وتعرضه بصورة مستمرة لظاهرة (الاختلالات الهيكلية للاقتصاد)"، وتابع الزبيدي "أما السبب الآخر لارتفاع الأسعار فيرجع إلى العادات الشعبية التي يتمتع بها العراقيون خلال شهر رمضان، إذ يزداد الطلب على تلك الأغذية والمواد الأساسية بصورة كبيرة، ونتيجة لزيادة الطلب كان ارتفاع الأسعار حاضراً بالتزامن مع ضعف الإجراءات الكفيلة بالسيطرة على الأسعار واستشراء الفساد في جميع مفاصل العمل المالي والاقتصادي للدولة".


حملات وجهود

وكانت وزارة الداخلية قد أعلنت في وقت سابق عن تنفيذها لخطة خاصة بالسيطرة على أسعار المواد الغذائية خلال شهر رمضان، وبحسب المتحدث باسم الوزارة اللواء خالد المحنا، تشتمل تلك الخطة على عدة إجراءات من ضمنها حملة تفتيش الأسواق والمحال التجارية ومراقبة المخازن، لغرض الحفاظ على استقرار الأسعار طيلة الشهر المبارك، مبيناً أن "مكافحة الاحتكار والتلاعب بالأسعار إحدى مهام مديرية مكافحة الجريمة المنظمة في وزارة الداخلية"،

وأشار المحنا إلى أن "مفارز مكافحة الجريمة الاقتصادية تضاعف جهودها في شهر رمضان عن طريق تكثيف حملات تعقب المخالفين والمتلاعبين بأسعار المواد الغذائية".

على صعيد ذي صلة قامت وزارة التجارة في وقت سابق بفتح منافذ لبيع المنتجات الغذائية بشقيها (الحيواني والنباتي)، بسعر الكلفة لمواجهة ارتفاع أسعار هذه المواد، ودعم شرائح المجتمع ذات القدرة الشرائية المحدودة، وكانت الوزارة قد أعلنت عن فتح ثلاثة منافذ توزعت بين مناطق بغداد كمرحلة أولى للتخفيف عن كاهل الطبقات المتضررة بشكل كبير من ارتفاع أسعار المواد الغذائية، من جانبه قلل عبد الكريم حسن وهو موظف حكومي، من جدوى هذه الإجراءات في مواجهة مشكلة ارتفاع الأسعار قبل وخلال شهر رمضان، معللاً السبب إلى زيادة الطلب مقابل المعروض في الأسواق ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار وحدوث أزمات مرافقة لهذا الارتفاع تتمثل بالتضخم.


سياسة ماليَّة

وكانت تقارير اقتصادية قد تحدثت عن ارتفاع حجم التضخم لموسم رمضان الحالي مقارنة بالعام السابق، إذ وصلت نسبة التضخم في السوق العراقية إلى 7،2 ويرجع المختصون سبب زيادة التضخم إلى ارتفاع الأسعار مع ثبات مستوى دخل الفرد أو تراجعه بالنسبة للأعمال الحرة، الأمر الذي نتج عنه تراجع الإنفاق والقدرة الشرائية. ويعتقد الخبير الاقتصادي فالح الزبيدي أن الإجراءات المتخذة من قبل الجهات الحكومية تعتبر غير كافية لحل مشكلة ارتفاع الأسعار في الوقت الحالي، إذ لا بد من إيجاد سياسة مالية واقتصادية كفيلة بمواجهة هذه الظاهرة من جذورها عن طريق إيجاد آليات لمراقبة واستقرار سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي، بالتزامن مع بناء إنتاج محلي قوي، وتشجيع الاستثمار في القطاع الزراعي والصناعي، الذي من شأنه توفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين من مواد غذائية ومستلزمات أخرى وبأسعار مناسبة، وإيجاد موارد للتصدير بهدف الحصول على العملات الصعبة وانعاش السوق الداخلية عن طريق تعدد مصادر الدخل وعدم الاعتماد على الاقتصاد الأحادي المتمثل بتصدير النفط.