{تقنيات الكتابة الروائيَّة}

ثقافة 2023/04/11
...

  حربي محسن عبدالله 


كتاب صدر مؤخراً بعنوان {تقنيات الكتابة الروائية} وهو عبارة عن مجموعة من الدراسات لمجموعة من الكتاب والكاتبات من الذين لهم تجربة طويلة في كتابة الرواية، من الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، ونيوزيلندا، ومن إعداد أبراهام شاول بوراك وترجمة إيفا شاهين. يقدم الكتاب نهوجاً مختلفة في كتابة الرواية لدى عدد كبير من الروائيين الناجحين. 

جميعهم يبرهنون أنه لا يوجد نهج واحد لكتابة الرواية، ففي الحقيقة، كل روائي من هؤلاء يستخدم تقنية مختلفة.

بعضهم يبدأ روايته بشخصية أو مكان، فيما يميل البعض الآخر إلى بدئها بحبكة أو موضوع. بينما يقدّم آخرون موجزاً عاماً، وهناك قسم منهم لا يملك أدنى فكرة عن نهاية الرواية عندما يباشر في كتابتها، وآخرون لديهم نهاية راسخة في أذهانهم لدرجة أنهم يقومون بكتابتها قبل البدء بكتابة الرواية نفسها. اي أنهم يبدؤون من النهاية وينتهون بالبداية.

لعل النقطة الأهم هي أنه، ومن بين كل هذه التقنيات المختلفة للكتابة، ثمة واحدة مناسبة لك كروائي. في نهاية الأمر لا يهم الاختلاف في أساليب الروائيين، الأمر الأهم هو النتائج، وأن تكون الرواية ناجحة بالنسبة للقراء والنقّاد.

يكتب الروائي فرانك سلوتر صاحب رواية "خطايا هيرودس" المنشورة عام 1968، وهو جراح وفيزيائي، وكاتب روائي أمريكي عن عناصر الكتابة الروائية الناجحة قائلاً: "إن نجاح رواية ما يُقاس عادة بعدد المبيعات الذي تحققه"، ولعل السبب في هذا النجاح يعود إلى ثلاثة عوامل:

مهارة الكاتب في تحويل اللاوعي إلى كلمات مكتوبة.

وصف الصفات والخصائص المثيرة للاهتمام للشخصيات الرئيسية.

تسلسل الأحداث الشاملة لهيكل القصة. 

ويتحدّث عن الشخصيات الثانوية بالقول إن عملية تطوير الشخصيات الثانوية ليس بالأمر المعقّد كما تظن، فبإمكانك تطويرها أثناء تطوير الشخصيات الرئيسية في الرواية. وتنتقل الرواية الجيدة الصياغة والتركيب من الذروة الأصغر إلى الذروة الأكبر على نطاق متزايد، يمكن في الواقع رسم سياقه، أي سياق القصة. وغالباً ما تكون هذه الوسيلة مساعدة ومفيدة جداً في المراجعة والتنقيح.

أما كاتبة الحدس والخيال جانيس أليوت وهي روائية وصحفية بريطانية تردد وصف" أنجوس ويلسون" ذات مرة "الكتابة الخيالية بأنها نوعٌ من السحر"، تقول في مقالتها: "لم أخطط قطا لكتابة رواية بل انتظرتْ حتى تستحوذ عليّ ويشير عقلي الباطن إلى أنه قد يكون عالما ينتظر الكشف عنه. بينما تؤكد فرانسواز ساغان عندما قالت "بدلاً من المغادرة إلى تشيلي مع مجموعة من رجال العصابات يبقى المرء في باريس ويكتب رواية. يبدو أن هذه مغامرة رائعة"! أما جورج أورويل فيؤكد: "أن تأليف كتاب صراع مروّع ومرهق، أشبه بنوبة طويل من مرض مؤلم. 

لن يقوم المرء بمثل هذا الشيء أبداً ما لم يكن مدفوعاً بشيطانٍ لا يستطيع مقاومته وفهمه". لذا يمكن للروائي فقط بدء العمل لخلق تجربة أدبية بينما تكون مهمة القارئ إكمال هذا العمل. 

ولا شك في أن التنوّع والتفاصيل الكثيرة تجسّد عملاً فنياً في ذهن القارئ، ولا يمكن أن تبدأ العملية حتى يتمّ جعل القارئ يتشارك التجربة الخيالية مع شخصيات الروائي.

هناك طريقة واحدة مؤكدة لكتابة الرواية، ألا وهي أن تكتب كلمة تلو الأخرى، فإذا اشتغلت على هذا المنوال بشكل دوري ومنتظم لفترة طويلة ستكون لديك روايتك الخاصة، سواء كانت رواية جيدة وقابلة للنشر أم لا، كما يقول دايفيد ويستهايمر، وهو روائي أمريكي، من أهم أعماله الأدبية رواية "فون بان أكسبريس"، التي اقتبس منها فيلم يحمل العنوان نفسه من بطولة المغني فرانك سيناترا. 

في معرض حديثه عن تحديد هوية القارئ يقول: "دع القارئ يشعر ويختبر الحياة الداخلية للشخصية لكي يصبح إلى حدّ ما ذلك الشخص الذي يقرأ عنه. 

وبمجرد تشكيل هذه الرابطة سيقدّم القارئ التفاصيل والجو العام والتعاطف الذي لا يمكن يخلقه أي كاتب مهما كان موهوباً. 

أي كاتب يجد صعوبة في الكتابة ربما لا يتعلّق بموضوعه الحقيقي، ولكنه يضيّع الوقت بأهداف زائفة تافهة. بمجرد اتصالك بموضوعك الحقيقي ستشرع بالكتابة". 

نختم بما جاء في مقالة جويس كارل أوتس وهي روائية أمريكية وأستاذة في جامعة برنستون، أبرز أعمالها الروائية "قلبي استلقى عاريا" ورواية " بسقوط مرتعش". 

تقول جويس "كل من يكتب، لكسب المال، يخدع نفسه. إنّه يكتب لأسباب أخرى أعمق لأسباب لا يستطيع شرحها.

ولكن طالما أنه يعتقد أنه يكتب من أجل المال أو من اجل الشهرة، فسوف يكتب بطريقة مزيفة، ويصنع العواطف في الرواية وفقاً للعواطف التي يتلقاها من الآخرين".