بعد كوارث الدول الإقليمية الزلازل تلقي بالعراق في دائرة الخطر

ريبورتاج 2023/04/12
...

  سجى رياض حسين 

يرقد أحمد على فراشه وهو يطالع سقف غرفته، يروح خياله إلى سلسلة من التحليلات التي تجعل الأرق رفيقه في تلك الليلة، فهو يعرف أن طريقة بناء منزله السيئة لن تتحمل على حد قوله أقل من 2.0 ريختر، وهي قوة زلزال تشعر به الحيوانات فقط، وسوف يجعل هذا الأمر تشارلز فرانسيس ريختر وهو مخترع مقياس الزلازل يضحك بسخرية لما سيواجهه إذا ما ضرب زلزال البلد. 

ضرب الزلزال المدمر الأخير أجزاء واسعة من تركيا وسوريا، ودفع الدول المجاورة، ومنها العراق إلى إعادة حساباتها في ما يتعلق بمخاطر تعرضها إلى أحداث مشابهة، فالعراق الذي أصبح ضمن الخط الزلزالي بحاجة اليوم إلى إجراءات استباقية للحد من الأضرار التي قد تنجم عن مثل هذه الكوارث الطبيعية.


لا أمان

وفي ضوء المتغيرات الجيولوجية، فإن موقع العراق الجغرافي، الذي يضعه ضمن خط الزلزال، يعني أنه ليس بمأمن عن الزلازل والهزات الأرضية، وهو ما اتضح جلياً خلال الزلزال الأخير الذي ضرب أجزاء من تركيا وسوريا الشهر الماضي، وتأثرت به مناطق في شمال العراق.


حزام اللب

وفي هذا الصدد يقول مدير إعلام هيئة الأنواء الجوية والرصد الزلزالي، عامر الجابري: إن العراق يعد من الدول التي تتعرض إلى نشاط زلزالي بحكم موقعه الجغرافي، إذ يقع في منطقة يطلق عليها منطقة الاصطدام، ابتداء من الجزء الشمالي والشمال الشرقي من الصفيحة الغربية والصفيحة التركية والإيرانية.

وبحسب الجابري فإن العراق يتأثر بما يعرف بحزام اللب الذي يمتد من البرتغال غرباً إلى جبال الهملايا والشرق الهندي ويمتد هذا الحزام إلى جنوب أوروبا وشرق تركيا ويستمر في تركيا ثم يتنحى إلى الجنوب الشرقي من إيران ماراً بالجزء الشمالي الشرقي من العراق، وهو ما يعرف بنطاق زاكروس.

لكن الجابري يؤكد أن "تأثر العراق بالهزات الأرضية يكون أقل من إيران وتركيا، نظراً لطبيعة موقعه الجغرافي"، موضحا أن "شبكة الرصد الزلزالي في الهيئة حددت بعض المناطق الأكثر عرضة للنشاط الزلزالي، وتشمل المناطق الشرقية والجنوبية الشرقية من البلاد، ومنها مدينة العمارة ومنطقة علي الغربي، ومحافظة واسط وقضاء بدر صعودا إلى ديالى وقضاء مندلي وخانقين وكلار، إضافة إلى مناطق أخرى في محافظة نينوى".

ويشير الجابري إلى عدم إمكانية التنبؤ بحدوث هزات أرضية، كما حصل في تركيا مؤخراً.


خارج عن الخدمة

وفي ما يخص الإمكانيات الفنية واللوجستية التي يمتلكها العراق في هذا الجانب، يقول مدير إعلام الأنواء الجوية "توجد في العراق ست محطات، تعمل منها خمس محطات فقط، والسادسة تقع في منطقة الرطبة، خرجت عن الخدمة إبان أحداث العمليات العسكرية الأخيرة لتحرير المناطق من داعش". 

وأشار الجابري إلى أن "وزارة النقل تعاقدت على شراء أجهزة متطورة أميركية المنشأ، لقياس الترددات العالية، والهزات الأرضية"، مبيناً أن "هذه الأجهزة من شأنها تغطية مناطق واسعة، إضافة لما تتميز به من دقة في المعلومات".


شروط السلامة

ويدفع الارتفاع الكبير في أسعار العقارات في عموم العراق، الشركات والمستفيدين للتوجه نحو البناء العمودي، لكن هل إن هذا النوع من البناء مستوفٍ لشروط السلامة من الزلزال؟.

يقول المهندس باسم محمد: إن "نحو 70 بالمئة من المباني العمودية التي يتم تشييدها غير مستوفية لشروط السلامة ومقاومة الزلازل والهزات الأرضية".

ويوضح أن "المباني المقاومة للزلازل يجب أن تحتوي على نظام (الجكات) أو (الدبلات) التي تمنح مرونة في حركة البناء إلى اليمين واليسار" .

ويضيف أن "المباني الحالية يتم تشييدها على أنها مستوفية لشروط الأمان، إلا أنها بالحقيقة لن تصمد أمام الزلازل، وتكون قابلة للانهيار في حال تعرضت إلى هزات أرضية"، مشيراً إلى أن "البناء الأفقي يكون أكثر أمناً ما لم تتم مراعاة شروط السلامة في المساكن العمودية". 


تنبؤات ولكن!

ويعد تعذر التنبؤ بوقوع الزلازل من أبرز التحديات التي تواجه فرق الدفاع المدني، إذ يشير مدير إعلام الدفاع المدني العميد جودت عبد الرحمن إلى "صعوبة التنبؤ بالزلازل أو الهزات الأرضية، وذلك يعود إلى أن الزلزال عبارة عن طاقة كامنة تخرج بشكلٍ مفاجئ، وبذلك فإن المهام الاستباقية للدفاع المدني تنحصر في ضمان سلامة المباني، وتحديد المواقع الآيلة للسقوط أو الانهيار".

ويضيف "وفي حال حدوث زلزال بشكل مفاجئ، تقوم فرق الدفاع المدني بإخلاء المواطنين من المناطق السكنية إلى الساحات العامة، ويجب أن يتم ذلك بخطوات سريعة".

كما أن الدفاع المدني، والحديث للعميد عبد الرحمن، "لديها تنسيق مع هيئة الأنواء الجوية، من خلال تلقي أي اشعارات تتعلق بالتقلبات الجوية، وحالة الطقس، والتوقعات بحدوث كوارث طبيعية كالزلازل والفيضانات".


توجيهات

مدير إعلام الدفاع المدني يؤكد أن "دور المديرية يتعدى عمليات الإنقاذ والإغاثة إلى إصدار الوصايا والإرشادات عبر وسائل الإعلام، من خلال فرق توعية يتم نشرها في المناطق المعرضة للأخطار، إضافة إلى الدوائر الرسمية، إذ تتضمن التوصيات مراقبة سقوف المباني، وتتبع أصوات الهزات الأرضية، والتي تكون بمثابة جرس إنذار لإخلاء المباني، لا سيما إذا كانت مرتفعة، وفي حال تعذر ذلك، يلجأ الأشخاص إلى أماكن أكثر أمناً مثل أسفل السلالم والمواقع الملاصقة للجدران، مع أخذ وضع 

القرفصاء".