هل سينعكس الزلزال على النص الأدبي العربي؟

ثقافة 2023/04/13
...

  علي لفتة سعيد

ما حدث في سوريا وتركيا من زلزال ليس مجرّد حدث طبيعي كما هو في تسونامي أو انفجارات البراكين وغيرها، بل هو الأعنف في الضحايا المادية والبشرية وتعادل قوته قنبلة نوويَّة، وهو الأسوأ في تاريخ المنطقة كما قال الرئيس التركي، وما حصل هو توالي المشاهد الإنسانية التي عبّر عنها البعض أنها تفطر القلب. والسؤال.. كيف سينظر الأدباء العرب الى الزلزال؟ وهل ستتأثر نصوصهم في مخرجات الزلزال؟ وهل سيكون الشعر أسبقهم باعتباره الأسرع تأثيرًا وانفعالًا من الرواية؟ وهل ستكون هناك روايات تتناول هذا الحدث سواء من الداخل السوري أو خارجه؟

الأدب وردَّة الفعل

الروائي إبراهيم رسول يقول: ليسَ غريبًا على الأدباءِ، أنّهم يتأثرونَ بأيِّ حدثٍ يُصيب الناس، كثيرةٌ جدًا هي الأعمال الأدبيّة ( شعريّةً أو سرديّةً) قد جاءت نتيجةَ ردّة فعلٍ لحدثٍ أرعبَ الناس وروعهم، وما حصّل مؤخرًا من زلزالٍ في سوريا وتركيا، سيؤثر بصورةٍ كبيرةٍ في أرواح العديد من الأدباء الذين تفاعلوا مع الحدث، إذ سيكون الحدث هو الثيمة الرئيسة لأعمالهم الجديدة، وطبيعيٌّ جدًا أن يكون الشعر هو الأسبق من غيرهِ، كونه لحظةٌ آنية، ومشاعر لا تحتمل التأجيل، فهو يولد أوّلاً كوّنه يتعمد على تلك النفثة التي تُحدث في الروح، فتخرج على هيئة أبياتٍ شعريةٍ، تُعبرُ عن حالة الأثر وعمق تغلغهِ في مشاعر المبدع، وكيف كانت ردة الفعل في مخيلة الأديب، أما الأعمال السردية، فإنّها ستتخذ من هذا الحدث المرعب ثيمةً مركزيةً، ولأنّ السرد هو بناءٌ معماريٌّ، أي أنّه بحاجةٍ إلى مهندسٍ ماهرٍ يُخطط ومن ثمَ يحتاج إلى بناءٍ ماهرٍ يطبق ما رسمه العقل الهندسي، لذا، تتأخر الأعمال السرديّة، كونها تمرّ بمراحل تخطيط وترسم وبناء وفلترة وإعادة نظر حتى تأتي بالصورة الأجمل والأكثر عمقًا، لتكون معبرةً عن الحدث الذي أصاب الناس، وثمةَ صفة لا يمكن أن يتجاهلها المتلقي، وهو أنّ بالإمكان التعبير عن الحدث شعريًا بصورةٍ تحكي عن جميع الناس الذي تعرضوا إلى ضررٍ جرّاء الزلازل القاسي، ولكن الأمرَ، لا يبدو بهذه السهولة في الأعمال السردية، كون أنّ لكل أسرةٍ من الأسر التي تضررت قصة قد تختلف عن غيرها من باقي الأسر، فهنا يكون الفرقُ بين لحظة الرد بصورتها الشعرية ولحظة الرد بصورتها السردية، لأنّ بناءَ الحكاية وطريقة سردها، يحتاجُ إلى مهارةٍ ودربةٍ في الكيفية التي يُسرد فيها الحكي، لأنّ القصة وحدها قد لا تكون مؤثرةً ما لم يضع الأديب المبدع روحًا أدبيةً فيها، لكي تكون مؤثرةً. عادةً، الأعمال التي تأتي بسرعة كردةِ فعلٍ على حدثٍ ما، ينقصها الكثير، كون التجربة في هذه الثيمة تحتاج أن تختمر أكثر في مخيلة المبدع السارد ليكتب عن جوانبٍ مخفيةٍ فيها وليست نمطيةٍ، أيّ يحتاجُ الأديب السارد أن يكون خالقًا لا مجرد ناقلٍ فحسب، وعملية الإبداع تكمن في الكيفية التي سيكون خالقًا فيه، أيّ الطريقة التي ستجعل من عملهِ غير مستهلك وغير وليد حادثة معينة فحسب، نحتاجُ إلى أديبٍ ساردٍ، يتأنى في العمل السردي الذي سيكتبه حتى لا يُستهلك في أوّلِ قراءةٍ له. 


دموع الضحايا

الأديب والقاص السوري رسلان عودة يشير الى انه ما كان الأدب الإنساني سواء أكان شعراً أم رواياتٍ وقصصاً إلا لسان حال البشر والحجر بحسٍّ إبداعيٍّ بعيداً عن رأي الساسة والحكام.. ويضيف أن التاريخ المكتوب استقى بعض أحداثه الغابرة من الأدب الذي تناول مفاصل مهمة في تاريخ الشعوب، فأخبار الحب والحرب، أرَّختها أقلام مبدعين عاشوا الحدث في مجالات الحياة كافة، فكتبوا عن النصر والهزيمة وتغنوا بأمجاد قادة عظماء، وكذلك نقلوا إلينا ويلات الطبيعة والطغاة، ومأساة شعوب وقبائل، إما في رواية أو في قصيدة ملحميَّة.. وبحسب قوله فإنّ أدب المناسبات يلمع لفترة ثم يقفز إلى رفوف المكاتب ويركن بعيداً في ذاكرة الناس، وهذا أمر طبيعي، فحركة المجتمعات إلى الأمام دائماً، لكن فضل هذا الأدب باقٍ ليُذكر الأجيال اللاحقة بما جرى، بصياغة أدبية أقرب إلى المتلقي من كتب التاريخ.

أيام قليلة مرت على الزلزال المدمر في تركيا وسورية، هزّت وجدان العالم وحتى بسطاء الناس، فالحسُّ الإنساني لا يأبه بالجغرافية السياسية ولا تقف في وجهه حدود وحواجز. ويرى انه من الطبيعي أن تُستنفر أقلام الأدباء من كل أجناس الأدب؛ كتبت وسوف تكتب مآسي أسر تحولت منازلها إلى قبور، وأطفال ولدوا تحت الردم، وشاب قال عن أهله الميتين تحت الركام: كلهم بخير إلا أنا؟!.. 

فكيف لا يتأثر الأديب وقد صنعت الكارثة أدباءً بالفطرة وعفوية المفجوع مثل هذا الشاب وغيره كثير. ويذكر انه بحسب ما رأيناه وقرأناه على صفحات التواصل الاجتماعي عبر الشاشة الزرقاء، وخاصة من بعض الشعراء والأدباء يؤكد تفجر الحس الإبداعي عند الجميع، فإذا كان الشعر انفعال اللحظة فإن القصة بناء الحالة بعد اكتمالها.. ومن هنا وجدنا الشعر سباقاً إلى توصيف الكارثة في أدب أقل ما يقال فيه: أدب الكارثة، فقد حمل في أبياته شعر الفجيعة وفروسية المنقذ وبكاء الأحياء على الأطلال. ويجزم أنه بعد فترة ليست بالطويلة سيخرج من دور الطباعة في الوطن العربي وربما في بلدان أخرى، روايات وقصائد تتناول آثار الزلزال في الأرض وزلزال النفوس عند الحكام والشعوب.. فهول الكارثة جعل في كل بيت حكاية وفي كل طفل قصيدة فقد وحياة.. سيسرح خيال المبدع بين الحقيقة والخيال، سيكتبون بدمع ذوي الضحايا، وينسجون قصائد وروايات ماذا قالت الجدران المنهارة لساكنيها؟!، ويزيد بقوله انه سنكتب عن رأفة المطر بالعطاش تحت الركام. 


هزّة ارتداديَّة

الكاتب السوادني زياد مبارك يرى أن للقهر أصداء لغويّة ونفسيّة عديدة حسب رأي الدكتور ماجد موريس إبراهيم، استشاري الطب النفسي في كتابه عن سيكولوجية القهر والإبداع، القهر بحدوده الثلاثة (الذات، المكان والزمان) التي يسعى المبدع لتجاوزها كأطر محدّدة له في نطاقات معيّنة قاهرة، ليتدفق إبداعه من تجاوزها لا من الرضوخ لها. 

ومن ثم فالظواهر الطبيعية «زلازل، أعاصير...» تنعكس لا على النص الأدبي فقط وإنما تعبّر عنها كل الفنون الإبداعية التي من ضمنها فعل الكتابة. بل سعى الإنسان منذ القدم لتجاوز قهر المكان فشيّد حضارات عريقة مثل الحضارة اليونانية التي اكتسبت موقعها الحضاري من تجاوز اليونانيين لحواجز الأرض والطبيعة. ويقول إن الآداب التي تشتغل على ثيمة الحرب على سبيل المثال بوصف الحرب ظاهرة إنسانية تقهر الإنسان بعدة وجوه، تتعلق بالمكان بوصفه الأقرب للإنسان. 

كما تتعلق بالآخر في صورة العدو، المحتل، المعتدي وغيرها الحروب إذ تملك قدرتها على تغيير خصائص المكان تدفع الإبداع لتجاوز القهر المتولِّد من فعل الحرب إلى إنتاج الأدب والفنون لنصرة الذات والمكان، والمحافظة على خصائصه. وبحسب قوله فإن الظواهر الطبيعية بدورها تتداخل بتأثيرها على المستويين الذاتي والمكاني، وهنا فالقهر المُولَّد بفعل هذه الظواهر بمعناه الذي يُفسّر بتلك العوامل اللصيقة التي تجبر الإنسان على ما لا يرغبه أو تحول دونه وما يرغبه (حسب الدكتور موريس) يُحرّك الحاسّة الإبداعية لاجتياز الآثار السلبية الطارئة بفعل الظاهرة. ويشير الى أن الأسئلة من قبيل أي الفنون يكون أسبق في تناول الظاهرة، وأي الأجناس الأدبية يكون أسرع أو أعمق.. الخ، وما إليه من إطلاقات عمومية هي في الحقيقة لا تعني أي شيء ذي مغزى أو معنى. لأنَّ الإبداع هو الإبداع في كل الحالات التي لا يُعنى الحقل النقدي بمولداته بقدر ما يلجأ إلى مدوناته النقديّة ذات المعياريّة التي لا تكترث في النص بأسبقيته أو موضوعه فسواء كان عن الحرب (مع الإنسان أو الطبيعة) أو السلم فهو في المختبر النقدي يظل النص الإبداعي ذاته منزوعاً من ظروفه، لا أعني من باب جماعة المدرسة البنيوية الذي يمكن أن يطرقه هذا التعبير، في مفهومهم للنقد المحايث للنصوص.. إنما يُدرج النص للنقد الفني الذي يؤصل للأمدية التي نجح في مقاربتها فنيّاً في موضوعه مهما كانت ثيماته. ويطرح مبارك سؤالا مفاده: هل ستكون هناك رواياتٌ تتناول هذا الحدث سواء من الداخل السوري أو خارجه؟ بالتأكيد سنرى العديد من نصوص الأدباء والأديبات وأهل الفنون من سوريا كهزة ارتدادية إبداعية لا شك في حدوثها.


انعكاس قوي

الروائية السورية منتهى العيادة تعتقد أن الزلزال الذي ضرب سورية وتركيا سينعكس وبقوة على النص الأدبي العربي عامة والسوري خاصة، فما حدث على الأرض في ساعات الفجر يصعب وصفه بكلمات قليلة، فخلال أقل من دقيقتين اهتزت المباني، وتساقطت فوق رؤوس ساكنيها. وترى ان مأساة الزلزال بالنسبة للشعب السوري الذي يعاني من اثنتي عشرة سنة ما يعانيه من جوع، وقتل ممنهج، وظلم، وفقر وقلة خدمات هي آثار حرب أضيف إليها تداعيات الزلزال الذي خلف آلاف القتلى ومئات الجرحى شمال البلاد ووسطه وغربه، إذ انه يوجد أصلاً أكثر من مليون يتيم سوري في عموم البلاد، وها هو عدد اليتامى السوريين يرتفع، فالتأثير السوري أكبر وسينعكس بقوة كبيرة جداً على الأدب .وعلى الصعيد الشخصي تقول رأيت مشاهد بأم عيني لأناس باتوا في العراء وأنا منهم، ومشاهد رأيتها على الشاشات ومواقع التواصل الاجتماعي ستنعكس بقوة على كتابتي التي بدأتها بغضب عما رأيته من تخاذل المجتمع الدولي عن تقديم يد العون لسورية، لكنها لا تنكر أنّه قدم عون لسورية ولكن ليس بالكم الذي قدم لتركيا، قد يكون واقع التراب السوري وتجزئته الى أجزاء، والخوف من أمريكا وعقوباتها الذي يثير الهلع في نفوس الكل، وهو أنا ما أراه وصمة عار في جبين كل الدول التي تتشدق بالديمقراطية والإنسانية، فمن العار أن لا تفتح الحدود والمعابر أمام المساعدات من قبل كل الأطراف . وبحسب قولها فإن الشعر سيكون أسبق بتناول الزلزال، ولكن تأثيره سيكون أضعف لأن الزلزال صعب تصويره بكلمات مهما كان تأثيرها على المتلقّي ولكنه سيكون وقتيا، اما الرواية فتقول عيادة أو النص المسرحي سيكون تأثيره أكبر لأنه سيصف ويصوّر الشاهد بألمها وحزنها وبكائها تحت الأنقاض بدقة أكثر، ولكنها تحتاج إلى تخطيط وترتيب للأفكار والتفاصيل الموجودة على أرض الواقع. وتظن أن الأدباء السوريين سيكتبون عن الزلزال وتداعياته في سورية، ولكن ذلك سيأخذ وقتاً مني أو غيري، فأنا ما زلت للآن لا أستطيع استيعاب ما حلَّ بسورية وتركيا خلال لحظات، وخاصة سورية التي تضرر شعبها نفسيًا أكثر، وسيكون هناك روايات سيكتبها الأدباء خاصة من الداخل السوري إلا إن كان البعض يخشى من أن يفرغ شحنات غضبه وآلمه عما حصل في سورية لأسباب يعرفها

الكل.


مطاردة الذكرى

الناقد المصري عادل عبد الرازق يقول من جهته لا غرو أن الإنسان في طبيعته التأثر بما يحدث من حوله، وعلى قدر مسافة القرب من الحدث، يكون التأثر، وما جرى لأهل سوريا وتركيا في آن واحد هو من أشد الأمور تأثيرا علينا جميعا. ويضيف ان الموت الناتج عن حركة الارض بجزء من الدقيقة، يجعل من حياتنا كلها أكذوبة، فها هي الأرواح تزهق بما لا يقل عن الآلاف، وها هي البيوت تدك في غمضة عين. فكيف تعود الحياة إلي طبيعتها من جديد؟ لن تعود فالذكرى سوف تظل تطاردنا، حتى نقيدها في رواية لننقلها للأجيال المقبلة، ونعرب عن مشاركتنا من خلال قصص قصيرات، وأشعار تهتز أبياتها من هول الصدمة، وتجسد كفاح رجال حاربوا المستحيل لإنقاذ الأرواح البشريّة. ويشير الى ان تلك هي المجالات التي تعبر عما يحدث ولا تغيره، لذلك أتمنى أن نتعلّم ما يغيّر فعل الهزّات، فالمباني تبنى وتقاوم الإنهيار، كأبيات الشعر الخالدة، والأجهزة تتنبأ بفعل الحركة الارضية، كما تنبأت روايات الخيال العلمي بما يجري في المستقبل. وقتها فقط سنشعر بالأمان، ووقتها سنعترف بفضل ما صنعته أبيات الشعر والروايات والأدب عموما. وإلا فلا شعر ولا روايات بقادرة على مشاركة الألم الحقيقي الحاصل مما جرى. ومن اللافت للنظر أن القرآن الكريم استخدم لفظ الزلزلة كحدث لقيام الساعة  {إذا زلزلت الأرض زلزالها (1) وأخرجت الأرض أثقالها (2) وقال الإنسان ما لها (3) يومئذٍ تحدث أخبارها (4) }. وكذلك في ما يعتري النفس المؤمنة في اقتراب الخطر ونذر الحرب في قوله تعالى: {هنالك أبتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا} .من هنا يجمع الإنسان بين صفتين أساسيتين هو الفزع من الزلزال وفي الوقت نفسه تعتصم بالله ليطمئن قلوبهم.

ومن هنا يأتي دور الأدب في تسجيل تلك الأحداث وتطوير الفكر العربي والشرقي في مواجهة الكوارث ومنها الزلازل بانتخاب القصد العلمي وتأطير المسؤولية العلميّة والسياسيّة لمواجهة ما ينتج من مآسٍ وخراب بفعل الزلازل، فلو استقامت البنية التحتية وهندسة المباني ما اندكت بسهولة الهزة الأرضية. ولكن الخراب ساد المجتمعات الشرقية فاختفى العلم والضمير وتم اتهام الزلازل وحدها.ورغم مسارعة العديد لمد يد المساعدة للأخوة في تركيا أو سوريا إلا اننا نشاهد تراخيا عجيبا من الحكومات العربية وكذلك من المؤسسات الحكوميّة ولا بدّ من التفاعل مع هذه الكارثة بما يجعل من شعوبنا وحدة واحدة  .


عين الأديب  

الأديبة السورية نجوى هدبي تقول من جهتها إنّه دائما وبعد كل قراءة لكتاب أو قصة أو رواية نسأل أنفسنا هل من المعقول أن يكون ما حدث حقيقة أم مجرد خيال، وهل ما وصل إلينا من كُتب الأولين عن تأريخ المنطقة والعالم من حروب وكوارث طبيعية هو من صنع بنات أفكار الأدباء والمؤرخين. بالتأكيد ليس الأمر مجرد خيال، بل جزء منه سيكون متأثرا بالواقع المعاش والأحداث الجارية في العالم، وما على الأديب بعينه شديدة الملاحظة وقلبه العارم بالإنسانيّة إلا أن يكتب ما يراه ويشعره عن كل حدث يعيشه او يسمع عنه. وأعتقد أن هذا همه الأول كمصور أمين لأحداث هذا الكوكب. وتضيف أنه بلا شك سيكون هناك أدب خاص ينشأ كرد فعل طبيعي من قبل الأدباء على اختلاف أساليبهم ونوع كتاباتهم ليتحدثوا عن الزلزال المرعب الذي حدث في العام 2023 ودمر بعض المدن الحيّة محولا إيّاها لأماكن بلا ملامح وذلك في كل من (تركيا وسوريا) كما جعل من حياة وموت ضحاياه قصصا تُروى وقصائد تُنثر. وتمضي بقوله انه ربما هذا ما يجب أن يكون او ما هو متوقع من الأدباء على مذاهبهم الأدبية سواء أكانوا قاصين، أم رواة، أم شعراء. فهؤلاء هم الأقدر على نقل ما يحدث من الأحداث والكوارث والحروب. ومن المؤكد انها ستترافق مع خصوبة خيالهم ولكل أسلوبه ورؤياه في مخرجات الحدث وإن كنا نتكلم عن (الزلزال المدمر) فمن المؤكد سيكون الإنتاج متأثرا بالقصص الحية التي سمعها ورآها، قد يكون الشعر أسبقهم على اعتبار أنه لا يحتاج لمدة زمنية طويلة في كتابة القصيدة وليس لسرعة تأثيره. وبالنسبة لمن سيكتب عن الزلزال فهو كل أديب شعر بهزات الزلزال سواء عاشه ام سمع عنه. 

ويكتب أيضا عن التعاضد الإنساني الذي يشهده العامة والخاصة في مثل هذه الظروف لاغين كل الاختلافات السياسية والعقائدية وواضعين همهم في هم واحد هو الهم الإنساني. وتشير الى ان الأديب هو الإنسان الأقدر على ربط الخيال بالواقع ليصل لأكبر شريحة من الناس بأسلوبه الذي يخترق عقول وقلوب حتى من بهم صمم. وهو الأقدر على إيصال أفكاره لأجيال المستقبل لنقُل: (ليأخذوا العبرة من سابقيهم في أخذ الحيطة والحذر عند بناء بيوتهم كما فعلت دولة اليابان). وأيضا إيصال أصواتهم للمسؤولين عن الأرواح البشرية، وأن يكونوا على أهبة الاستعداد لمثل هذا الحدث الطارئ والمخيف والمعروفة تداعياته وتأثيرها على من رحل وعلى من كُتبت له النجاة. كما أنهم يجعلون من الحدث تاريخا لا يجب نسيانه وذلك بتدوينه فيما يروون سواء كان قصة، أم رواية، أم

قصيدة.