ميشيل أونفري: الروح البشريَّة عبر الزمن

ثقافة 2023/04/15
...

 عدوية الهلالي


ميشيل أونفري هو فيلسوف وكاتب مقالات ومنظر ومؤلف للعديد من الكتب التي حققت نجاحا مثل (جمالية الأخلاق) أو سلسلة (تاريخ الفلسفة المضاد) أو الحياة الفلسفية لألبير كامو.. ومن المعتاد أن تثير كتبه الجدل، وقد نشر للتو كتاب (الأنيما - حياة الروح وموتها- من لاسكو إلى ما بعد الإنسانيَّة) الصادر عن دار ألبان ميشيل للنشر.

وتحمل الأنيما التي تعني (روح العالم) حسب عدة مدارس فكريَّة وفلسفيَّة عنوانًا فرعيًا واضحًا جدًا هو حياة الروح وموتها، إذ يرى اونفري أن الروح بناء وأنه يمكننا أن نرى بوضوح كيف تمكن إنسان ما قبل التاريخ من التفكير في الأمر بطريقة معينة وأعقبه أهل سومر وبابل والمصريون واليونان وروما وأوروبا، ثم إيلون ماسك اليوم وما بعد الإنسانيَّة. إذن الروح موجودة بالطبع، لكنها ليست الشيء نفسه اعتمادًا على مايراه أبيقور أو ديكارت أو سانت أوغسطين أو شوبنهاور أو نيتشه أو إيلون ماسك. ويعتقد الأخير أن أرواحنا هي كل البيانات التي نتركها 

وراءنا، ومن ثم يمكننا رقمنة البيانات وتجسيدها.

كان ميشيل اونفري في الخامسة عشرة من عمره عندما وقع في حب الفلسفة فعندما كان في السوق الأرجنتينية، كانت هنالك سيدة تبيع كتبًا رخيصة الثمن ورأت أنه كان يستهلك الكثير منها ويطالع بطريقة جامحة كتبا مثل (الغثيان) لجان بول سارتر. كان عصاميا فقد كان والده عامل مزرعة، وكانت والدته عاملة نظافة، لذلك قرأ أي شيء وكل شيء. قرأ علم الاجتماع، والشعر، والتحليل النفسي، والفلسفة. واكتشف نيتشه وماركس وفرويد. وقد درس الفلسفة في الصف النهائي، عندما كان عمره ستة عشرة عامًا، بعدها ذهب إلى الكلية وهناك، اكتشف أستاذه 

القديم لوسيان ييرفاجنون الذي كان شديد الإعجاب به وبالمعلومات التي يقدمها له.

خلال طفولته، كان قد وُضع في دار للأيتام في العاشرة من عمره وخرج منها في الرابعة عشرة، لكنه في الواقع، وجد نفسه في هذه البيئة العنيفة والوحشية، مع كهنة مغرمين بالأطفال، ومع خوفه الدائم من حدوث شيء ما.. درس اليونانية، اللاتينية، والقليل من العبرية، وكان يحب الكتب والثقافة وأكتشف القوة الهائلة للأدب. 

كما ولد شغفه للقراءة مع إرنست همنغواي وكتابه "الشيخ والبحر". 

وفي ذلك الوقت، اكتشف عالمًا رائعًا من الكتب ومن ثم اكتشف الكتابة. ويقول اونفري إن الكتب قد أنقذته.

ويؤمن اونفري بالفكرة القائلة بأن الحرية لا تُمنح، بل يجب انتزاعها. وهو يتمنى أن يكون قادرًا على إعطاء الأطفال الفرص التي تمكن من الحصول عليها. 

فمع وجود أب عامل مزرعة، وأم عاملة نظافة، لم يكن من المحتمل أن ينتهي به المطاف في الاستوديو الخاص بك وهو يكتب الكتب وينشرها. 

ولكن، حدث أنه التقى بأشخاص ومعلمين علموه القراءة، والكتابة، والحساب، والتفكير.. ويقول إن الفرص التي كان بإمكانه الحصول عليها، لا يعتقد بأن المجتمع يمنحها اليوم. فهو يتمنى أن ينشئ مكانا يتم فيه تقديم المعرفة طوعًا ومجانيًا.

ويؤكد أونفري بأنه مازال رجلا يساريا، على عكس ما قد يتخيله الكثيرون إذ يقول الكثيرون إنه يميني متطرف، لكنه كان دائما على الجانب الأيسر وقد قال أشياء كثيرة ضد كل من في السلطة. لأنَّ لديه اهتمام بالناس ويعتقد بأن السياسيين لا يهتمون بالناس، فهم يستخدمونهم وبعد ذلك وعندما يكونون في السلطة، ينسون أن الناس موجودين ثم بعد ذلك يقومون بإغرائهم مرة أخرى ليتمكنوا من استخدامهم وهكذا.

وبينما يقول افلاطون إن "الفلسفة هي إنقاذ روح المرء"، يهتم ميشيل أونفري بالفلسفة الأخلاقية وخاصة الفلسفة الوجودية ويعتقد أن الفلسفة هي ما يخدم وليس بالضرورة تنقذ روح المرء لأنها يمكن أن تنقذه من أي خطر من أجل بناء حياته بحيث تسمح لنا بأن نكون على قيد الحياة أولاً ثم بعد ذلك نصبح أحراراً.