شارع بارتون.. سكانه من 25 بلدًا يتحدثون 70 لغة

بانوراما 2023/04/15
...

  مادلين  روس

  ترجمة: ليندا أدور

«شارع بارتون «، الشارع الأكثر تنوعا في بريطانيا، حيث يتحدث سكانه، الذين ينحدرون من 25 بلدا وينتمون لعشرات المجموعات العرقية المختلفة، نحو 70 لغة. يعد شارع بارتون Barton Street، الذي يقع في مدينة غلوستر الهادئة، موطنا لسكان من مختلف أنحاء العالم كالهند ونيجيريا والعراق، الذين يصفون مجتمعهم المتعدد الثقافات بأنه «مذهل».

فعلى مر القرون، توافد الى المنطقة، التي كانت، تقليديا، حيّا يهودي، أعداد كبيرة من الأسر المسلمة والأوروبية الشرقية لتقطن فيه، واليوم تعلو مئذنة «مسجد جانا» الشارع الذي يمتد لمسافة نحو نصف ميل، وتنتشر على جانبيه محال البقالة ومصففي الشعر والمطاعم التي تخدم العديد من المجتمعات المختلفة التي تعيش فيه.

يعمل كومار سوبرامانيان (47 عاما)، من سريلانكا، بإدارة متجر، بمساعدة زميله فاريسا صالح (38 عاما) من السودان، شعاره «القليل من كل شيء ليناسب الجميع»، حيث يبيع الأعشاب الطازجة وأكياس الأرز وأنواع المربيات وحبوب الإفطار الأميركية الى جانب أوعية كبيرة مملوءة باللبنة والكفير (لبن متخمر يرجع أصله الى رعاة منطقة القوقاز- المترجمة). 

غادر سوبرامانيان بلده الأم منذ عشر سنوات، مسافرا عبر أوروبا حتى وصل الى بريطانيا العام 2018، قبل أن يستقر به المطاف في غلوستر ليدير المتجر المملوك لشقيقه منذ العام 2021. يقول سوبرامانيان، الذي يتحدث السنهالية والإنكليزية: «يأتي الناس من بريستول ومن لندن ليفتتحوا متاجر هنا، كل زبائني هم أصدقائي، وأنا سعيد هنا، توجد أعداد كبيرة من السريلانكيين»، مضيفا «هناك أناس من كل مكان، من الهند والباكستان وآسيا وبلدان عربية، بضاعتنا إفريقية وهندية وباكستانية وبنغالية لتناسب الجميع». 


حياة زاخرة بالتنوع

عن الحياة الاجتماعية التي جعلت من الشارع مكانا جاذبا للعيش فيه، يقول صالح: «أحببت العيش فيه لأن هناك جالية سودانية، وجنسيات أخرى، الكل تجتمع في نفس الشارع». 

من ولاية گجرات الهندية، ينحدر يوسف همسرود (47 عاما)، الذي يتحدث الهندية والفرنسية والإنجليزية ويدير محل خياطة في الشارع، بعد أن انتقل الى غلوستر سنة 2011.

درس همسرود الخياطة في مسقط رأسه قبل أن ينتقل الى باريس سنة 1991، ليستقر فيها ويتزوج من ربة منزل، وينجب ستة أطفال. 

ورغم حرصه على زيارة الهند كل خمس سنوات، إلا أن همسرود يفضل البقاء في غلوستر مع أسرته، بقوله: «مر وقت طويل منذ مغادرتي للهند، أطفالي وزوجتي يعيشون هنا، منزلي وحياتي العائلية هنا»، مضيفا «المكان والشارع رائعان ولا توجد مشاكل». «رغم أن لغتي الفرنسية جيدة لكني أفضل العيش هنا، لأن عائلتي مهمة بالنسبة لي»، يقول همسرود مضيفا «الأمور على ما يرام ولا أفتقد الهند، أذهب لزيارة والديَّ، وأنا سعيد لأني مستقر هنا برفقة زوجتي وأطفالي وأخطط للبقاء هنا لسنوات عديدة مقبلة». 

أما كوزموس أوفويجلو، (47 عاما)، نيجيري الأصل، فقد أنشأ متجره المخصص لبيع الطعام الإفريقي العام 2021، بعد أن إنتقل الى غلوستر قادما من لندن في العام 2016، حيث كان يسكن ويعمل حلاقا لأكثر من 12 عاما. يستمتع أوفويجلو بمشاركة وصفات متجره مع زبائنه المهتمين بتعلم طرق طبخ الطعام الغرب إفريقي، اذ يقول: «هنا تجد الكثير من الحياة الاجتماعية، هناك جيران طيبون، جاري يدير محل قصابة حلال، ونهتم برعاية متجرينا في حال تعذر على أحدنا الحضور لسبب ما كالسفر أو ما شابه»، مضيفا «حتى شرطة الحي يعملون معنا عن قرب للتأكد من أن الجميع يعيشون بأمان»، مشيرا الى أن زبائنه متعددي الثقافات، فهناك الإسبان والجنوب أميركيين والإنكليز والأفارقة والصينين وغيرهم الكثير. 


متجر «الفرات»

يدير سام (36 عاما) من كردستان العراق وأب لطفلين، متجرا صغيرا أنشأه العام 2020 واسمه «الفرات»، المستوحى من أصناف الأكلات الكردية والعربية والفارسية التي يبيعها، ويبيع أيضا منتجات من سوريا وإيران والعراق وأفغانستان، فعلى رفوف متجره يوجد السماق والمكسرات والخبز المسطح الطازج، إلى جانب دبس الرمان وألوان متنوعة من التوابل المختلفة.

بعد رحلة طويلة وشاقة من شمال العراق، إنتقل سام الى إنكلترا عندما كان عمره 16 عاما ونصف، ثم انتقل الى غلوستر في العام 2003، وهنا ولد ابنه آدم (سنتان) وابنته سابينا (خمس سنوات)، وأصبحت الإنكليزية، هي اللغة الثالثة التي يتحدث بها بعد الكردية والعربية، التي وجد صعوبة بالغة في تعلمها بداية الأمر، واليوم، سابينا، هي من تصحح له إنكليزيته.

يشير سام في حديثه الى أنه يسكن المنطقة ذاتها منذ عشرين عاما ولديه أصدقاء كثر من خلفيات وثقافات مختلفة، بقوله: «بعد إنتقالي الى إنكلترا، اختلطت بأشخاص من ألبانيا وروسيا، وبعض الكرد، وأوروبيين وعرب، ومن خلفيات مختلفة، أتحدث الإنكليزية والعربية وبعض عبارات من لغات أخرى بغية التواصل»، مضيفا «صديقي الذي يعمل معي في المتجر بات يتكلم التشيكية والفارسية والأفغانية بطلاقة، ولدينا سيدة شابة من الهند تعمل تحت التدريب، تتحدث ثلاث أو أربع لغات والقليل من العربية والإنكليزية واليونانية والفارسية أيضا». «في المستقبل، سنتغلب على القواميس، غلوستر هي مركز تعدد اللغات»، يقول سام مازحا.


*صحيفة ديلي ميل البريطانية