إبراهيم سبتي

في طرح جديد حول المرجع وهو الواقع الذي منه تستقي كل الفنون والآداب موضوعاتها، اصدر الناقد عبد علي حسن كتابه (وهم المرجع في المتخيل السردي)، وهو يتناول اصدارات سردية عراقية مختلفة الاجناس تجاوزت اكثر من ثلاثين اصدارا في القصة القصيرة والرواية.

 مع تطرقه إلى القصة القصيرة جدار بين ثنايا بحثه. يخلص المؤلف إلى أن الواقع هو المرجع الاساس للنصوص القصصية والروائية . ويعد الواقع هنا مصدرا ومرجعا معرفيا مهما يقود دائما إلى التجديد في صناعة مفاهيم ورؤى فكرية وخاصة بعد العام 2003، حين تحول الواقع العراقي تحولا دراماتيكيا نهل منه الكتّاب وقائعه المستحدثة وصاغوا حكاياته وفق مخيال توافقي لم يسقط في المباشرة . لقد نهلوا احداثه بعمق التجربة وقوة الحدث. ويؤكد المؤلف الناقد، بان القصة القصيرة العراقية قد تسيدت الواقع السردي واهتمت كثيرا بتنويعاتها وقوة تأثيرها وخاصة في التسعينيات. إلا أنه يؤكد بأن الرواية في العراق، قد قلبت الطاولة بعد العام 2003 واخذت تزيح القصة القصيرة عن تربعها التي تعودنا عليه (وعليه فان الرواية قد تقدمت المشهد دون القصة لما تمتلكه من مساحة واسعة تتناسب وحجم حراك خطاب الواقع تجعل المتلقي في منطقة الاحساس العميق بفداحة الخسائر التي يعاني منها. وبذا فقد استجابت الرواية لايقاع الواقع ومعطياته) ص 83 .

ضمَّ الكتاب بين دفتيه مقدمة وتمهيدا ثم الفصل الاول الذي اطلق عليه المؤلف، ارتدادات المرجع في الرواية العراقية . واحتوى على رؤى الكاتب مثل الرواية العراقية المعاصرة وجدل الواقع، مغامرة المخيال في رواية الشتات العراقية وغيرها من العناوين، التي حملت اوجاع وهموم الرواية العراقية وخاصة بعد العام 2003 . اما الفصل الثاني فقد حمل عنوان الخطاب الافصاحي في القصة القصيرة العراقية وضم، القصة القصيرة العراقية وخطاب الواقع . 

وشمل بعض الايضاحات المعرفية والتحليل لمجموعة من الاصدارات القصصية العراقية .اما الفصل الثالث فقد حمل عنوان، القصة القصيرة جدا وحداثة التجربة، وكتب المؤلف فيه، القصة القصيرة جدا في العراق من الريادة التاريخية إلى الريادة الفنية . وايضا القص القصير جدا فضاء التجنيس والدلالة لينتهي الكتاب بخاتمة وسيرة ذاتية. وبذلك يؤكد المؤلف الناقد عبد علي حسن تنوع مستويات السرد في العراق، من خلال الاجناس الثلاثة التي بدأها بالرواية ووضع لها اشتراطات التميز وبلوغ الهدف، الذي سعى اليه البعض من كتاب الرواية، وهم يضعون الواقع العراقي نصب أعينهم، ولكن وفق تقانات تمازجت مع اسلوب الحداثة، التي سارت عليه ومنحت الرواية نكهة التميز، وهي تستفيد من تماوج الاحداث وغرابتها . ولم يغادر المؤلف اهتمامه بالقصة القصيرة العراقية وهو يتناول بعض النماذج، التي راحت تؤشر إلى تميز القصة العراقية والابهار الذي قدمته من خلال افكارها المعاصرة واسلوب تناولها للأحداث، خاصة الحقب التي سبقت العام 2003 والتي منحت السرد العراقي نكهة الفرادة والتفوق. 

وتناول الكتاب في فصل واحد، القصة القصيرة جدا ومنحها بعدًا تاريخيًا ورياديًا، من خلال بعض التجارب التي كتبت بوعي التجربة ومهارة الاسلوب مع الحفاظ على مقوماتها المحددة ولغتها المختزلة المكثفة . ان كتاب "وهم المرجع في المتخيل السردي"  للناقد العراقي عبد علي حسن، يؤكد الوعي المعرفي لخلق سرد جمالي ينهل من الواقع المتخيل باسلوب متفرد يسجل رشقة من التميز في الواقع السردي العراقي المعاصر . والناقد عبد علي حسن قد صدر له الدراما والتطبيق عام 2010 وتحولات النص السردي العراقي 2012 وسرد الانثى 2015 والشاهد والمشهود 2016 وسلطة القراءة 2020 . صدر كتاب (وهم المرجع في المتخيل السردي) عن الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق، ضمن سلسلة نقد في سنة 2022 وبواقع 200 صفحة من الحجم الكبير.