لماذا تتشابه الأعمال الفنية ؟

ثقافة 2023/04/19
...

خضير الزيدي 


تتجه أغلب ممارسات فعل الرسم والنحت إلى مرجعيات تبدو أكثر تأثيرا وتتبعا لمسارات أسلوبية أخرى، سواء كان ذلك واضحا في آلية الاشتغال من حيث الشكل والتكوين وطريقة الإنشاء الفني  أو في استعارة الفكرة وتشويهها لأكثر من مرة، هكذا هو حال الفن اليوم؛ عشرات الأعمال تخضع للتأثير المباشر لتبدو العملية معقدة أخلاقيا في زمن بات فيه كل شيء قابلا للتأويل والشك والقراءة وإعادة فهم الفن والأسباب المتعلقة برداءته وتشويهه، وبما أن الفن له سوق ومريدون فقد أثار على مدار سنوات الكثير من الشكوك في مصداقية (رسم اللوحة/ وتوقيعها / وتاريخ إنجازها / واستنساخها وتزويرها ) وبات الأمر مخيفا وأحيانا تستعصي معرفة الأسباب لو أبعدنا الجانب الاقتصادي في الأمر، وترتبت على كل ذلك انتكاسة أخلاقية وتعامل مشوه ومعقد وارتبك المتلقي والجهات المعنية في رصد الحقيقة لدرجة أنني أعرف أن بعض الأسماء التي تدافع عن الفن مشتركة في تزوير اللوحة أو سرقتها أو التغاضي عن إبداء حقيقة الأمر، والمشكلة الأكبر التي تواجهنا كمتذوقي فن أو نقاد أو متابعين للحركة الفنية أننا نعي تماما مدى تردي أخلاق وسمعة الغالب منهم، وتميل في هذا الجانب المصلحة العامة والعلاقات الثنائية التي تبدي أمامك رأيا وتقول رأيا آخر في غيابك، وأجد أن المسؤولية تتحملها وسائل الإعلام الجادة وبعض الصحف لعدم إبداء رأي موحد في كشف رواج التزوير في العمل الفني أو سرقته، أو في الأقل التركيز على الظاهرة من دون أن تعلن الأسماء المشتركة في انتكاسة الفن العراقي وكل ما يحدث من التباس في الأمر . لنقل بوضوح، هناك تعال وغطرسة لدى بعض الفنانين ونجد ادعاءات فارغة وقلة ثقافة واستخدام لألفاظ نابية في لغة التخاطب اليومي مع بعضهم، ومثل هؤلاء لا يمكن نعتهم بالفنانين أو مجددي العمل الفني، لأبسط الأسباب، أنهم لا يتحملون مسؤولية أخلاقية وخلت ضمائرهم من الصدق وقول الحقيقة بل أصبحوا شهودا على غياب الضمير الحي وإفشاء ظاهرة التزوير والتأثير الفني والسرقات التي لا تعد ولا تحصى، ومن خلال متابعتي ومعرفة أدق التفاصيل لم أجد من يقول ويؤكد لي أو لغيري أنه وقع تحت طائلة التأثير بطريقة الفنان الآخر وبالأسلوب الذي يعمل عليه جماليا وفنيا، أو لم يتعمد النقل المباشر، فالجميع يدعي الأسبقية في الفكرة والإنشاء والتكوين الفني ولم يتواضع أحد منهم ليقنعنا بأنه اكتسب هذه الفكرة جراء التلقائية والتأثير. شخصيا أعرف وبالدليل القاطع فنانا عراقيا مقيما في الخارج نشر أكثر من عمل لفنان غربي وادعى أنه له، والغالب يعلق له في الفيس، وحينما أثبت لهم أن مرجعية العمل بالنص لم تكن له لا أحد امتلك الشجاعة ليخبره أو في الأقل يسحب تعليقه وإبداء إعجابه . لهذه الدرجة تبدو فضائح التشكيليين قائمة بيننا، والأمر أكثر انتكاسة حينما يكتب لي عبر الرسائل الخاصة عن الاتفاق معي حول وجهة نظري ببعض الفنانين وجريمة نقلهم لأعمال غيرهم، بينما أرى أنهم يناصرونهم ويتفقون معهم بل ويدافعون عنهم كأنهم فاتحون لنصر فني لم يسبق له مثيل ..أعترف بأنني خسرت الغالب منهم بسبب صرامة رأيي النقدي ووجهة النظر في أحقية ورصد التشابه وإعادة استنساخ الفكرة وروح العمل، وشخصيا لم أندم على تركهم أو الابتعاد عنهم فطريقي مختلف وغايتي معروفة ولكن أعيد القول؛ ما الذي يجعلك أيها الفنان تعيد أفكار غيرك من دون توظيف يلامس الواقع؟ لماذا يبدو عليك في كل مرة أنك سارق وتحطم موهبتك وتذهب مسرعا لهزيمتك أمام التاريخ؟ هل نضبت الأفكار وحاصرتك الوحشة لتكون ممثلا ماهرا في تجسيد الأساليب المطروقة؟. لم يعد أمامنا من الأعمال الفنية العراقية ما يلهب أحاسيسنا ويتعدى العبور لذائقتنا أو يمدنا بالجمال، وباتت مظاهر الخراب أكثر علوا بيننا وانسدت مسارب المؤثرات البصرية والجمالية، كأنما وقعت غشاوة على عيوننا جراء كل هذه الأكاذيب والصناعة التافهة لأعمال ولوحات مزيفة ومتكررة .