الدراما الرمضانيَّة بين الكم المعدود والنوع المعافى

منصة 2023/04/19
...

  د.عواطف نعيم 


قبل أن يطوي شهر رمضان الخير أوراقه، وكي نواكب الأحداث في أوقاتها وطراوتها، ستكون لنا وقفة مع عدد من المسلسلات والبرامجيات الدراميَّة التي توالى تقديمها وعرضها من خلال شاشات القنوات العراقيَّة التي وكما يبدو أنّها استعدت مبكرا على غير عاداتها لكي تدخل المارثون التنافسي في تقديم أعمال درامية من خلال شاشاتها واستعداداتها للموسم الرمضاني، لذا وجدنا في هذا الموسم الرمضاني الجديد عددا من القنوات دخلت هذا المارثون التنافسي لأول مرة مهتمة بتقديم أعمال درامية حتى لو لم تكن هي التي أنتجتها أو أسهمت في تحضيرها، ولكن تولت عرضها من على شاشاتها مثل قناة الرابعة، وقناة آفاق، وبعض منصات تم استحداثها منذ فترات قصيرة لتقديم بعض الاعمال الدرامية، ولكن السبق الأكبر في هذا الموسم الرمضاني، كان لقنوات الشرقية، والام بي سي عراق، واليو تيفي، ودجلة، والرشيد، والسومرية، والفرات، وان كان بمستوى محدود وموجه. 

وكان لقيام الشرقية باستحداث منصة لتقديم مسلسلاتها الدرامية تأثير كبير في جذب المتلقي لغرض المتابعة والتفاعل لاسيما أن الشرقية تميزت هذا الموسم الرمضاني في أنها اعتمدت تقديم المسلسلات المحددة في عشر حلقات وعشرين حلقة وخمس حلقات ولعل أهم ما قدمته الشرقية في موسمها الدرامي لرمضان هو مسلسل (بغداد الجديدة) والذي يعد من الأعمال المميزة على مستوى الكتابة، إذ إنّه استمدَّ حكايته من الرواية العالمية (الكونت دي مونت كريستو) لكن بقراءة وصياغة درامية معاصرة للكاتب مصطفى كاظم، إذ حافظ الكاتب على الثيمة الاساسية لهذه الرواية العالمية والتي تمَّ انتاجها في أكثر من شريط سينمائي عالمي حيث تؤكد في فكرتها الاساس على أن الفساد والاستبداد هو واحد في كل الازمان رغم  تغيراتها وضحاياه دائما هم الأناس الأبرياء الذين يتخذون من الشرف والكرامة والصدق نهجا وطريقا لهم في الحياة بعيدا عن أقنعة النفاق والزيف والاندلاق، وكان لإدارة المخرج مهند الحيالي دور جلي في قيادة الأحداث وتصميم الرؤى الإخراجيَّة الملفتة ليقدم لنا عملا يحمل إجابات عن الكثير من تساؤلاتنا وهواجسنا التي تمور داخل أعماقنا، ولا نجرؤ في أحيان كثيرة على البوح بها، وقد تضافر الأداء من خلال الإخراج في تقديم طاقات إبداعيَّة عراقيَّة وجدت لها متنفّساً في هذه الشخصيات التي تمت صياغتها وبناؤها على وفق أسلوب نفسي وإنساني غاية في الدقة والتركيب. 

وهنا لا بدَّ لنا من الإشادة بالفنان المبدع باسم قهّار وهو يقدم شخصيته بتلك التلقائية المحببة، وذلك الوعي الماهر تحيط به مجموعة من الشباب الذين تماهى بعضهم مع ما تمَّ نسجه لهم من حالات لشخصيات درامية فاعلة، لذا نجحت الشرقية وكانت مجددة وهي تقدم لنا مسلسل (بغداد الجديدة) في حلقاته العشرة، أما ما تم تقديمه من أعمال أخرى فقد كان بعضها متكلّفا وأحيانا وهذا هو الغالب مضحكا وغير مقنع مثل مسلسل (اقتحام) وبقي "محتوى خابط" تكرارا لكمامات وطن ولم يحدث معه أي تغيير إلا في تبديل الاسم وانتقال الفنانة آلاء حسين من (حامض حلو) إلى (محتوى خابط) وبقي المضمون يدور حول ذات القضايا التي تقدم بطريقة ساخرة هي الاخرى ظلت مكررة ومتوقعة!! ولأنَّ الموسم الرمضاني لهذا العام كان حافلاً فلنا وقفة أخرى نناقش من خلالها ما تم تقديمه من أعمال درامية تفاوتت في مستوياتها 

ومضامينها.


 كاتبة ومخرجة مسرحية