أوسلو وقصائدها

ثقافة 2023/04/25
...

  هادي الحسيني


ذهبت قبل أيام إلى محل باكستاني أنيق في منطقتنا داخل العاصمة أوسلو يبيع (الزلابية)، التي نشتريها منذ سنوات في كل يوم من أيام شهر رمضان المبارك، الباكستانيون يعملون الزلابية بطريقة رائعة وبلون قريب إلى الأحمر.

كنت أسير وحدي في الطريق وانظر إلى الوقت عبر جهاز الموبايل، ما زال الكثير من الوقت للفطور، لحظات حتى مرق من جانبي شاب عراقي، يرتدي نظارات شمسية ويهم بالمسير ثم توقف أمامي، ألقيت عليه التحية وهو يبتسم لي ثم قال: أعرفك؟

ابتسمت له وقلت من أنت؟

قال اسمه احمد وظلَّ يحدثني عن مجموعتي الشعرية الأخيرة ( قصائد أوسلو)، وكيف وصفتْ قصائد المدينة ناسها وبناياتها وازقتها وشوارعها وأنهارها وبحيراتها وليلها ونهارها وتاريخ المدينة، وابن فضلان مندوب الخليفة المقتدر قبل ألف عام إلى بلاد اسكندنافيا، قال احمد بالحرف: إنه قرأ قصائد أوسلو وكأنه يشاهد فيلما سينمائيا يتحدث عن المدينة بكل تفاصيلها.

هذا الرصيد افتخر به كثيرا ولطالما التقيت العديد من العراقيين والعرب، وكانت آراؤهم قريبة لرأي أحمد، الذي تبيّن أنه من أهالي الشرقاط، وقد سألته على الفور عن محمود جنداري وحسن مطلك ومحسن الرملي. 

وكان الناقد حاتم الصكر قد كتب عن أوسلو وقصائدها: 

تتشكل المدن في قصائد الشعراء بهيأة نصية، لا تخلقها المعاينة البصرية العابرة أو المعايشة التقليدية، بل تتشكل من التصور الذي تخلقه تداعيات الذاكرة عن مرائيها وانعكاساتها النفسية والشعورية، وهذا ما تقدمه قصائد أوسلو للمدينة، التي تأملها الحسيني بعين مركبة الرؤية ترى جمالياتها وتذهب إلى دلالاته في الشعور والوعي بالمكان وتفاصيله، وما يثيره من شجن يستدعي بالضرورة شجن المكان الأول والحنين اليه، فهو لا يبارح القلب ويمكن ان نلحظه في ثنايا القصائد  وطياتها. 

لكن سنجد لأوسلو وجود شعري، يتيح للمتلقي ان يستقرئ تلك الرؤى والتصورات، التي تتجسد في وعي من يأتيها بعد عناء ليقيم فيها بعناء آخر فيتجاذبان ويتركان في النصوص فسحة في التأمل والمشاركة في متعة لا تمنحها الا القصيدة.