مشاريع لمواجهة التلوثات البيئيَّة في كركوك

ريبورتاج 2023/05/03
...

 نهضة علي 

 تصوير: خضير العتابي

أصبحت الملوثات البيئية مشكلة عالمية، انشغل المختصون بالبحث عن حلول لها لإنهاء تأثيراتها على الإنسان والطبيعة والمخلوقات بشكل عام، محافظة كركوك تعاني من هذه الأنشطة ومخلفاتها وما عاثته العصابات الإرهابية في المناطق التي تواجدت بها خلال الفترة الماضية، وتشمل انبعاثات الغازات التي تلوث الهواء والماء والتربة، فضلاً عن العبوات والمتفجرات التي خلفتها داعش وعمليات التخريب والقطع والحرائق والاستخدام غير المناسب للغابات والمناطق الزراعية في المحافظة.

تلوث البيئة

في بيئة كركوك وعن الملوثات أكدت مسؤولة قسم الإعلام والعلاقات بثينة حسين لـ (الصباح)، أن معمل السمنت يعد الأكثر تلويثاً وأيضاً الشركات النفطية، فهي مصادر التلوث في كركوك، إضافة إلى معامل القير الإسفلتي الأهلية والمعامل الأخرى، إذ إن في داقوق وتازة يوجد  8 - 10 معامل، أما في دارمان فيوجد 4 - 5 ومنها بدون موافقة بيئية، وهناك شكاوى من أهالي في سكانيان من معامل مفرق الشمال القير الإسفلت، ويعد الوقود المستخدم فيها وهو النفط الأسود أساساً لانبعاث مخلفات من الغازات تسبب التلوث، وعدم وجود معالجة للتصريف يؤثر في الهواء والتربة، وبينت أن أي تلوث ينعكس سلباً على الاحتباس الحراري، ويتسبب بتغيرات مناخية مثل العواصف الغبارية والكثبان الرملية والجفاف والتصحر في الأرض وقلة تساقط الأمطار، وتم تحديد مواجهة تداعيات التغيير المناخي بجانبين وهما التخفيف والتكييف، الجانب الأول ويقصد به التقليل أو التخفيف من التلوث البيئي بالتخفيف من مصدر التلوث حتى لا يؤثر سلباً في التغير المناخي، والجانب الثاني التكييف يتضمن زيادة المشاريع الزراعية والتشجير لتوازن التلوث الصناعي. 


الطاقة النظيفة

مسؤول قسم المسح البيئي في دائرة البيئة محمد خضر أكد لـ (الصباح) "أن في  محافظة كركوك تنبعث غازات ملوثة للهواء الجوي من المنشآت الصناعية مثل شركة نفط الشمال وغاز الشمال وخاصة احتراق الغاز المصاحب لاستخراج النفط، وهو غاز الميثان وثاني أوكسيد الكاربون ويتسبب ذلك بارتفاع درجات الحرارة، وهناك اتفاقية دولية ألزمت العراق بالتقليل من الانبعاثات بحدود 13 بالمئة حتى عام 2030، ما يؤدي إلى حصوله على الدعم من صندوق المناخ الأخضر، وكلما خفضت انبعاثات الغاز كلما ورد دعم خارجي واتخذت الدولة عدة خطوات من أجل ذلك منها جهود وعقود بصدد مشروع استثمار الغاز المصاحب، وخطوة اللجوء إلى الطاقة النظيفة وعدم حرق الوقود وتمت المباشرة بالتنفيذ في الوزارات ووحداتها في المحافظات". 

ولفت: لدينا في كركوك دراسة جدوى متكاملة لبعض الأبنية لتحويل توليد الطاقة فيها إلى الألواح الشمسية في أبنية المؤسسات والمدارس

المنشأة حديثاً والمديريات.


معالجات

وتابعت مسؤولة إعلام البيئة، أن الدائرة تقوم بالمتابعة الدورية وحملات التشجير كخطوة لمواجهة التلوث في المحافظة ومصادره من خلال الاهتمام بالحدائق والمتنزهات بالتنسيق مع بلدية كركوك ومديرية بلديات الأقضية والنواحي وزراعة الأشجار لغرض زيادة رقعة المساحات الخضراء، وأطلق المحافظ العام الماضي حملة لتشجير الشوارع والمدارس والكليات، وحالياً فاتحتهم المحافظة لاجراء جرد بالمساحات التي من الممكن أن تكون خضراء لإطلاق حملة تشجير ثانية، اعتماداً على موسم تساقط الأمطار في الفترة الأخيرة، وقيام شعبة التوعية والإعلام بحملات التشجير لتقليل تأثير الانبعاثات في الهواء والتربة والمياه، وهناك دعوة قضائية وفرض غرامة مالية على معمل سمنت كركوك ومتابعة معامل إنتاج القير الاسفلتي، واتخاذ إجراء بحق أحد المعامل بغلقه ومتابعة الأخرى كي تحصل على الموافقات البيئية. وتم فرض غرامات مالية على أربعة مواقع خلال الشهر 

الماضي. 


ملوثات

مدير منظمة الغد، طوفان عبد الوهاب أكد لـ (الصباح) أن "داعش قامت بتلويث مساحات كبرى من الأراضي الزراعية وأراض أخرى على الشريط الممتد بمحاذاة مناطق جنوب وجنوب غرب، مقابل تواجد القطعات العائدة للقوات الأمنية بزراعة عشرات الآلاف من الألغام والعبوات الناسفة لمنع الناس من الخروج من مناطق سيطرتها والتي تسببت بأعداد كبيرة من الضحايا من الشهداء وحالات العوق من العسكريين والمدنيين، وبعد أن تم تحرير المناطق وطرد الإرهابيين أعدت الدولة ومن خلال وزارتها المختصة الدفاع والبيئة وبالتعاون مع المنظمات الدولية والمحلية العاملة في المجال المذكور برنامجاً لإزالة الألغام والمخلفات الحربية بعد حصر المساحات التي تحتاج إلى التنفيذ، ولم تتم تغطية جميع المساحات. 

وأضاف طوفان أن "داعش تسببت بتلوث عالٍ للهواء والتربة بسبب قيامها بتصفية البترول لإنتاج المشتقات النفطية من خلال ما يسمونه (الحراقات) وكانوا يسرقونه من حقول علاس والكيارة، وتعد من الملوثات القوية وما زالت آثارها حتى الآن وهناك مناطق لا تنمو فيها النباتات.


الغابات في كركوك

تعد الغابات من أكثر المساحات التي تواجه ملوثات البيئة، مدير البستنة والغابات أحمد حسن الدبو أكد لـ (الصباح) أنه "تعرضت الغابات في المحافظة على مر الزمن إلى تخريب وقطع وجفاف وإزالة نتيجة ظهور أنابيب نفط، وتعرضت غابات الحويجة والرياض وداقوق والعباسي إلى عمليات التجريف والحرق على أيدي القوات الأجنبية نتيجة الوضع الأمني وتبادل النيران ما بين القوات الأمنية والمجاميع الإرهابية وتواجد معسكراتهم 2008، 2009،  فضلاً عن أن داعش عبثت بها بسبب انقطاع الكهرباء وعدم توفر الوقود عند سيطرتها على مناطق جنوب غرب كركوك وكانت   عمليات قطع جائر لأشجارها لاستخدامها بديلاً للوقود للطبخ والتدفئة قد أدت إلى تدميرها بشكل كامل وممنهج على مدى 3 سنوات، إضافة إلى التجاوزات ما بعد 2003 بعد سرق الشيلمان المستخدم لتسييجها وهناك تجاوزات وادعاءات أن أرضها تعود للبعض 

منهم. 

المحافظة وبالتعاون مع الجهات المعنية في بغداد وبعد توجهات الأخيرة للجهات الرسمية لحماية البيئة لديها مشروع ضمن مشاريع الأمن الغذائي يتضمن تأهيل وتطوير الغابات القديمة في الحويجة والرياض والدبس، إضافة إلى الحديثة في داقوق وقرة هنجير وليلان وتضم أشجاراً ويتضمن المشروع في مرحلته الأولى غابات الحويجة والرياض، العباسي، داقوق، ليلان وأعمال حفر آبار وتشجير وإحياء الأشجار الدائمة الخضرة، وزرع آلاف الشتلات الجديدة، مد قنوات أنبوبية لري الأشجار ووضع محولات من أجل العمل ودراسة استثمارها سياحياً والحفاظ عليها بعد التأهيل بتنسيب موظفين للحراسة، علاوة على شتل أنواع جديدة من الأشجار ومنع القطع منعاً باتاً بتفعيل اجراءات لمحاسبة المخالفين وفقاً للقوانين البيئية، فضلاً عن مشروع تطوير غابات شناغة (نمرة 8) في الدبس التابعة لدائرة الغابات في بغداد.