تحركات حكوميَّة للسيطرة على أسعار السكن

اقتصادية 2023/05/06
...

 بغداد: شكران الفتلاوي 


شدَّد مختصون بالشأن الاقتصادي على ضرورة أن تضاعف الحكومة تحركاتها الهادفة إلى السيطرة على أسعار العقارات في بغداد بشكل خاص، وبقيَّة المدن العراقيَّة، لاسيما عقب الارتفاعات الجنونيَّة التي شهدتها في الآونة الأخيرة، والتي أدّت إلى حصول عجز شبه تام لدى الموظفين والمتقاعدين والفئات الهشة عن اقتناء سكن، فبينما اقترح المختصون دخول الجهات الحكومية سوق المنافسة بهدف كبح جماح الأسعار، أكد البنك المركزي استمراره بتوفير التمويل للمصرف العقاري وصندوق الإسكان لمنح القروض للمواطنين، مبيناً تخصيصه مبلغ 18 تريليون دينار لهذا الغرض.

وفي تحرك يهدف إلى الحدِّ من الارتفاعات الجنونية المتواصلة لأسعار السكن، أكدت الهيئة الوطنية للاستثمار، إصدار قرارات عدة بشأن ارتفاع أسعار الوحدات السكنية، فيما أشارت إلى تشكيل لجنة بهذا الصدد.

وذكر المتحدث الرسمي للهيئة، مثنى الغانمي، في تصريح نقلته وكالة الأنباء العراقية "واع"، أنَّ "قانون الاستثمار لم يتضمن تحديد أسعار البيع وإنما المسألة عبارة عن منافسة بين المستثمرين، إلا أنَّ القانون يمنع المضاربة بالأسعار بعد اختيار الشركة الاستثمارية"، لافتاً إلى أنَّ "الطلب على استملاك الوحدات السكنية أكثر من العرض المتوفر، أدى إلى ارتفاع أسعار الوحدات".

وأشار إلى أنَّ "الهيئة الوطنية للاستثمار اتخذت قرارات عدة بشأن ارتفاع الأسعار منها إلزام المستثمر ببيع الوحدات السكنية بالدينار العراقي، فضلاً عن إلزامه بالأسعار المحددة بدراستي الجدوى الاقتصادية والفنية وعدم المضاربة بالأسعار وفقاً لقانون الاستثمار".

وأردف أنَّ "كتباً عدّة صدرت من قبل الحكومة الاتحادية والهيئة الوطنية للاستثمار، وتم تشكيل لجنة لغرض متابعة أسعار الوحدات السكنية ومقارنتها بدراسات الجدوى للمشروع"، كاشفاً في الوقت نفسه عن بلوغ عدد المجمعات السكنية في بغداد 46 مجمعاً".

الخبير الاقتصادي الدكتور نبيل المرسومي قال لـ"الصباح": إنَّ "مبادرة البنك المركزي مستمرة منذ العام 2015 لأغراض مختلفة وبضمنها توفير التمويل المصرفي العقاري وصندوق الإسكان لمنح القروض للمواطنين"، لافتاً إلى أنَّ إجمالي المبادرة ارتفع إلى 18 تريليون دينار الأمر الذي أسهم في رفع رأسمال المصرف العقاري وصندوق الإسكان، إذ زاد من قدرتهما على توفير القروض السكنية للمواطنين وبأسعار فائدة معقولة وبمدة زمنية طويلة".

وأعرب المرسومي عن تفاؤله بإيجابية المبادرة وأهميتها لما تكتنفه من فقرات تسهل عملية شراء وحدة سكنية، فضلاً عن دورها في زيادة معدلات التنمية، من خلال خلق روابط أمامية وخلفية مع بقية قطاعات الاقتصاد الوطني وتشغيل الكثير من الأيدي العاملة وتوفير العديد من فرص العمل وتحريكها لأسواق المواد الإنشائية والتسليح وجميع مستلزمات الإنتاج، فضلاً عن تحفيزها قطاعي النقل والخدمات.

وتابع المرسومي أنَّ تلك المبادرة وغيرها، تعمل بالتزامن مع مبادرة رئيس الوزراء الهادفة إلى بناء 90 ألف وحدة سكنية في مدينة الصدر على مساحة 4 آلاف دونم، لافتاً إلى أنَّ تلك المبادرات كفيلة بتنشيط فعالية الاقتصاد العراقي ونقله من حالة الركود إلى مرحلة الانتعاش.

من جانبه أوضح الباحث في الشأن الاقتصادي عماد المحمداوي في حديث لـ"الصباح" أنَّ البلد يعاني أزمة خانقة ومستمرة منذ عشرات السنين الأمر الذي يتطلب ثورة إعمار تسهم بها جميع الأطراف ذات الصلة، لافتاً إلى ضرورة الإبقاء على مبادرات السكن وشراء الوحدات على وجه الخصوص وبأقل الفوائد الممكنة وبأيسر الطرق للتخفيف عن كاهل المواطنين الذين أعياهم طول الانتظار.

ويرى المحمداوي ضرورة "مضاعفة التمويل للمصرف العقاري وصندوق الإسكان لمنح القروض السكنية للمواطنين، وللإسهام بحل الأزمة، لاسيما في المجمعات السكنية واطئة الكلفة، أسوة ببقية الدول التي تمكنت من القضاء على العشوائيات، معرباً عن أمله في رؤية ملموسة لحل الأزمة وإنجاز المشاريع المتلكئة وإكمال إنجازها في الوقت المحدد.

وأشار الباحث الاقتصادي إلى أنَّ الإحصاءات تشير إلى حاجة البلاد لأكثر من 4 ملايين وحدة سكنية، فضلاً عن وجود أكثر من 4000 مجمع عشوائي في عموم البلاد، كلها بحاجة إلى جهد حقيقي للقضاء على هذه النسبة الهائلة منها، ببناء المجمعات على أطراف المدن، كما هو حاصل في جميع الدول التي تبحث عن حلول للأزمة لا داخل المدن وزيادة الاختنافات والزحامات التي تعاني منها العاصمة أصلاً.