في معرضه الأخير "ذاكرة عراقيّة"، الذي أقيم في غاليري "آرت هيل"، استحضر الفنان التشكيلي علاء جمعة شخصيات عراقية بارزة ليوثّق مراحلَ مهمة من تاريخ العراق المعاصر. جسّد جمعة في لوحاته 55 شخصية عراقيّة مؤثرة في مجال عملها، موزّعة بين 40 لوحة. وأخذت التحضيرات للمعرض عامين من العمل المتواصل، "لأنها أعمال واقعية تحتوي على تفاصيل كثيرة ودقيقة"، بحسب الفنان علاء جمعة الذي تحدّث لـ "الصباح" عن بعض الصعوبات التي واجهته في التحضيرات للمعرض: "بعض اللوحات أخذت مني شهراً كاملاً، ناهيك عن صعوبة الحصول على بعض الصور لعدم توفرها، فضلاً عن كون المشروع كله تم بتمويل ذاتي".
وثّق جمعة الذاكرة العراقية من شقّين؛ شق ثقافي وفني استحضر من خلاله شخصيات مهمة منها :الجواهري، السياب، زها حديد، جواد سليم، مظفر النواب، ضياء العزاوي، عدنان الصائغ، نامق أديب صالح الكويتي، سركون بولص وآخرون، وشقّ سياسي شمل الملك فيصل الأول، الملك فيصل الثاني، الوصي عبد الاله، نوري سعيد، حسقيل ساسون، جعفر العسكري، عبد الكريم قاسم، فهد، أحمد الجلبي، وآخرون غيرهم، مثلما حرص على
انتقاء شخصيات إبداعية من جميع ألوان الطيف العراقي.
تجرّد جمعة من التعامل مع هذه الشخصيات كمؤرخ أو مروّج لقضية ما، إنما ركز على الجانب الفني في اللوحات. وبصفته فناناً فهو غير مطالب بأن تكون تجربته الفنية انعكاساً لمرحلة أو فكر معينين: "لا احمل أي فكر أيديولوجي او ميول لجهة معينة على حساب جهة اخرى، هي مجرد تجربة تناولت فيها شخصيات أثرت في مجالها، وكان لها دور في مرحلة معينة من تاريخ العراق، وبعض تلك الشخصيات مازال الجدل يدور حولها رغم اختلاف وجهات نظر المتجادلين".
الفن بحسب تعريف جمعة، "هو التعبير عن حياة الانسان وحياة الفنان ذاته وعلاقته بالذوات الأخرى، وهذا تحديد ما ينعكس على الانجاز الفني".
يريد جمعة أن يبثّ رسالة من خلال المعرض، مفادها بأن "العراق بلد التناغم والتعايش السلمي"، قائلاً: "تناولت بعض الشخصيات التي أبعدت لأسباب قصرية، وتعاملت معها بطريقة الفن، وركزت على الجانب الانساني في مجمل تناولي لهذ الشخصيات"، في إشارة منه إلى يهود العراق الذين كان لهم دور بارز في الحياة العراقية.
ويؤكد جمعة أن"الفنان كائن بشري هويته الانسانية سابقة لهويته الوطنية او الاقليمية وسابقة للاحداث السياسية الطارئة، بالتالي من حقه ان يصغي الى ذاته والى أسئلتها".