شملت اضطرابات مناطق جديدة

بانوراما 2023/05/10
...

 ايزابيلا اومالي

 ترجمة: بهاء سلمان

ازدادت "بشكل حاد" حالات إفراط الجفاف وغزارة هطول الأمطار على مدى العشرين سنة الماضية، بحسب دراسة نشرت مؤخرا على إحدى المجلات العلمية المتخصصة. ولا تعد هذه مجرد حوادث مناخية قاسية، فهي تقود إلى أمور شديدة الضرر، مثل فشل المحاصيل الزراعية وتعطل البنية التحتية، وصولا حتى إلى أزمات وصراعات بشرية.
وتظهر الصورة الكبرى للمياه مجموع المياه فوق سطح الأرض وداخلها، وبضمنها المياه الجوفية والمياه السطحية والثلوج والجليد من خلال جمع البيانات المستقاة من زوج من الأقمار الاصطناعية، تعرف بمسمى "غريس" (GRACE)، مختصر لعبارة "استعادة الجاذبية وتغيّر المناخ"، والذي تم استخدامه لحساب التغيّرات بخزين كوكب الأرض من المياه.

يقول "بارك ويليامز"، المتخصص بعلم المناخ الحيوي في جامعة كاليفورنيا، والذي شارك في الدراسة: "بمقدورنا حاليا مراقبة نبض المياه القارية من الفضاء الخارجي. لدي شعور أنه عندما تعود الأجيال المقبلة وتحاول تحديد متى بدأت البشرية حقا بفهم كوكب الأرض بشكل عام، ستكون هذه الدراسة واحدة من أهم الدراسات المعتمد عليها."

ويقول الباحثون أن البيانات تؤكد أن كلا من تكرار وغزارة هطول الأمطار وشدة حالات الجفاف تتزايد بسبب حرق الوقود الأحفوري، إضافة لنشاطات بشرية أخرى من التي تطلق الغازات الدفيئة. "اندهشت لرؤية لمدى شدة الترابط للكثافة العالمية مع درجات الحرارة العالمية المعتدلة،" كما يقول "ماثيو رودل"، أحد المساهمين في الدراسة، ونائب مدير علوم كوكب الأرض لشؤون المحيط المائي والمحيط الحيوي وفيزياء الأرض لدى مركز غودارد لرحلات الفضاء التابع لوكالة ناسا. 


أمطار متواصلة

العلاقة القوية بين حالات المناخ المتطرّفة هذه ووسائل ارتفاع درجات الحرارة العالمية المبقية على حالة الدفء العالمي سوف تعني المزيد من الجفاف والعواصف المطرية، وستكون أسوأ حين قياسها بكثير من الوسائل، وأكثر تكرارا وأشد قوة وأطول زمنا وأوسع حجما. وتفحّص الباحثون 1056 حدثا من العام 2002 لغاية العام 2021، مستخدمين خوارزمية حديثة تعمل على تحديد أين تكون الأرض أكثر رطوبة أو جفافا من الوضع الطبيعي.

وأظهرت تلك الدراسة أن غالبية الأمطار غزيرة الهطول تركزت عند منطقة جنوب الصحراء الكبرى الأفريقية، خلال كانون الثاني 2021، وهي فترة نهاية معطيات البيانات. كما هطلت الأمطار بشكل شديد أيضا ضمن مناطق وسط وشرق أميركا الشمالية منذ العام 2018 ولغاية العام 2021، وفي استراليا خلال العامين 2011 و2012 بشكل متواصل.

أما أشد حالات الجفاف فقد كانت تلك الحالة غير المسبوقة المسجلة في شمال شرق أميركا الجنوبية في سنتي 2015 و2016، وجفاف آخر بدأ في العام 2019 ضمن منطقة سيرادو البرازيلية ومستمر حتى الآن، علاوة على جفاف متواصل على امتداد الجنوب الغربي الأميركي الذي تسبب بانخفاض خطير لمستويات المياه لأكبر خزانين في الولايات المتحدة، هما: بحيرة ميد وبحيرة باول؛ وتبقى المستويات منخفضة رغم الأمطار الغزيرة التي هطلت هذا العام.وفاقت حالات الجفاف بنسبة عشرة بالمئة عن الهطول الغزير للأمطار، أما مدياتها الجغرافية ومدياتها الزمنية التي استغرقتها، فقد كانت متساوية. وتعمل الأجواء المرتفعة الحرارة على زيادة معدل تبخير الماء خلال فترات الجفاف، كما تجمع أيضا المزيد من بخار الماء، الذي يغذي بدوره حالات الهطول الغزير للأمطار.


مجاعة الصومال

ونوهت الدراسة إلى أن البنية التحتية، مثل المطارات ومحطات معالجة مياه الصرف الصحي، والتي تم تصميمها لمقاومة أحداث تحصل مرة واحدة كل مئة عام، فقد باتت أمر أكثر الحاحا مع حصول هذه الحلات المتطرفة بشكل متكرر وبشدة متزايدة. 

يقول "ريتشارد سيغر"، عالم المناخ لدى جامعة كولومبيا، والذي كان أحد معدّي الدراسة: "بالتطلّع نحو المستقبل، وفيما يتعلق بإدارة موارد المياه والسيطرة على الفيضانات، يجب علينا توقّع الحالات المطيرة الشديدة الأكثر مطيرة، وكذلك حالات الجفاف الشديدة ستزداد

جفافا."

ويشير سيغر إلى أنه من الخطأ الافتراض بامكانية إدارة الحالات المتطرفة للأمطار والجفاف بنفس ما سبق في الماضي، لأن "كل شيء يزداد اتساعا من الطرفين النهائيين لنطاق الجفاف والأمطار الغزيرة." وبحسب النظام الأميركي المتكامل لمعلومات الجفاف، فان نسبة عشرين بالمئة من الخسائر الاقتصادية السنوية الحاصلة بسبب أحداث مناخية متطرّفة في الولايات المتحدة تقع نتيجة للفيضانات والجفاف. وتسير حالة من التأرجح الحاد بين حالات جفاف شديدة وفيضانات هائلة غير متوقعة، لتصبح أمرا شائعا في بعض المناطق.

ومن المتوقع أن يؤثر ضغط نقص المياه بشكل بارز في التجمّعات السكنية لطبقة الفقراء والمحرومين، علاوة على الأنظمة البيئية، التي تعاني من قلة التمويل والإستغلال غير المشروع. على سبيل المثال، تقول الأمم المتحدة أن الصومال تمر بأطول حالة جفاف وأكثرها شدة، متسببا بوفاة ملايين من رؤوس الماشية وحالة مجاعة واسعة الانتشار. أما فنزويلا، الدولة التي تواجه أزمات سياسية واقتصادية مزمنة، فقد لجأت إلى فرض قطع واسع للطاقة الكهربائية خلال نيسان 2016 نتيجة لظروف الجفاف التي أثرت في مستويات المياه في سد غوري.

وفيما يخص الحلول، فان استخدام مياه الفيضانات لملء طبقات المياه الجوفية الناضبة، وتحسين وضع التربة الزراعية لأجل أن تكون قادرة على امتصاص الماء بشكل أفضل وتخزين المزيد من الطبقة الكربونية هي مجرّد وسائل قليلة التي بامكانها أن تخدم مرونة المياه ضمن عالم دافئ، بحسب الدراسة.


عن موقع لوس انجليس تايمز الأميركي