المخدرات قاتل الأحبة ومرتكب الزنا

منصة 2023/05/11
...

لا نبالغ إذا قلنا إنَّ ظاهرة المخدرات لا تقل خطورة عن ظاهرة الإرهاب من حيث الأضرار التي تلحقها بالفرد والأسرة والدولة، والأخطر ما فيها أنها عدوٌ خفيٌّ ينخر هيكل البناء الاجتماعي، كما تنخر الأرضة في بيتٍ من خشب، ينهار على أصحابه فجأة وهم عنها غافلون.

لقد كان العراق قبل نصف قرنٍ يعدّ من البلدان الأقل نسبة في تعاطي المخدرات، بينما هو الآن من الدول التي ينتشر فيها تعاطي وتجارة المخدرات لتوافر أسبابها النفسيَّة والأسريَّة والاقتصاديَّة والإعلاميَّة التي تضطر بعض الشباب الى تعاطي المخدرات.


تساؤل: لماذا يلجأ الفرد للمخدرات؟

الدراسات العلمية توجز الأسباب بالآتي:

• موت أحد أفراد الأسرة، أو شخص عزيز عليه فيلجأ لها لنسيان الأزمة.

ولا يوجد شباب في أي مجتمع بالعالم فقدوا آباءهم أو أحبتهم بانفجارات إرهابيَّة واحتراب طائفي كالذي حصل في العراق.

• حوادث الطلاق والتفكك الأسري، التي زادت نسبها عندنا عبر أربعين سنة من حصارٍ وحروب.

• عدم الرضا عن الحياة والقلق من المستقبل وتضاعف بطالة الشباب، والفقر.. الذي وصلت نسبته الى 25 % في 2023 بحسب وزارة التخطيط.

• وجود أجانب يتعاطون أو يتاجرون بالمواد المخدرة.

• توافر المواد المخدره وسهولة الحصول عليها.

والمخدرات لا تعني فقط: الهيروين والافيون والكوكايين ومشتقاتها، فالحبوب بأنواعها من عقاقير طبية ومهدئات ومسكنات للآلام ومنشطات مثل: المورفين، الفاليوم، السرمنتين، الارتين، الكودايين، مجدون، الليبريوم، زانكس، ترنكسين، وبعض هورمونات النمو والذكورة التي يستخدمها الرياضيون.. تحوي موادَّ مخدرة، بل حتى البنزين، الغراء، السيكوتين، وملمع الأحذية، التي يلجأ إليها المتعاطي في البداية لكونها رخيصة وفي متناول اليد.

ومع أهمية المخاطر الاجتماعيَّة والاقتصاديَّة لتعاطي المخدرات، لكنَّ أوجعها أنها تؤدي الى موتٍ تدريجي أو مفاجئ لمتعاطيها، وأبشعها أنها تضطر المتعاطي الى ارتكاب جرائم السرقة والقتل، وأقبحها أنها تدفع بعض المتعاطين الى ممارسة البغاء والدعارة والقوادة وإكراه محارمه على الزنا، بل والزنا بالمحارم.


تساؤل ومقترح

التساؤل: لماذا شاعت المخدرات في العراق بعد 2003؟. ولماذا صارت تجارة المخدرات في العراق (أكثر من تجارة النفط والسلاح) على حد تعبير النائب (السكيني) من البصرة؟. هل يعود السبب فقط الى (وجود متنفذين يوفرون الحماية لتجار المخدرات) بتوكيد قائد الشرطة السابق في البصرة الفريق رشيد فليح في 20 تموز 2019 أم هناك أسبابٌ أخرى أخطر؟


مقترح نقدمه عبر {الصباح}

إنَّ المؤتمرات والندوات والنشاطات على مستوى الوزارات والمنظمات الخاصة بمكافحة المخدرات لن تعالج مشكلة المخدرات رغم جهودها المباركة، لأنها غالباً ما تنتهي بتوصيات لا تأخذ طريقها الى التنفيذ.

وعليه نقترح تشكيل هيأة باسم (الهيأة العليا لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية) ترتبط مباشرة برئيس مجلس الوزراء، تضم ممثلين متخصصين عن وزارات: الصحة، التربية، التعليم العالي، مديرية مكافحة المخدرات بوزارة الداخلية، علماء نفس واجتماع، ورجال دين.. 

تقوم بوضع استراتيجية علمية تنفذ على مراحل، وبدونها سنبقى سنواتٍ نعقد المؤتمرات والندوات من دون أنْ نقضي على هذا الموت الزاحف على الشباب، والأرضة التي نخرت قيم وأخلاق مجتمعنا ونحن عنها في صراعاتنا 

منشغلون.