السوشيال ميديا... بطلة الدراما العراقيَّة

ريبورتاج 2023/05/15
...

 أمير البركاوي 


لا يمكن الاستغناء عن الاختصاص وتوظيفه في مجال العمل لتكريس العلوم التي تمت دراستها لاكتساب مهارة التعامل في مختلف المجالات، لكن اليوم أصبحنا نشاهد العديد من البشر وهم يمضون في مجالات لا يفقهون أي شيء عنها، ومثال على ذلك مشاهير السوشيال ميديا في أعمال درامية على شاشات التلفزيون وحرمان الفنان صاحب الاختصاص والمهنة من تجسيد أدوار الأعمال، ولهذا كانت لنا وقفة تحقيقية.


تهريج

نجم الخفاجي وهو موظف في وزارة الثقافة يقول: أول الأمر علينا تحديد تلك الأعمال، فإن كانت تلك الأعمال ترتقي لأن تكون عملاً فنياً متكاملاً، فإن كانت كذلك فهي تتطلب فناناً يمتلك المواصفات الفنية اللازمة من صوت وإلقاء وتجسيد للشخصية وتقمصه لتلك الشخصية، وأن يدخل في أغوار تلك الشخصية وله إلمام بالثقافة العامة ويحترم ذائقة الجمهور.

ويبين الخفاجي "أما إذا كانت أعمالاً لا ترتقي إلى تسميتها بالأعمال الفنية فلا بد للفنان الحقيقي أن يبتعد عنها لأنها تسيء إلى الذوق العام، وهنا لابد أن نذكر أن هناك شخصيات أصبحت معروفة ومشهورة في وسائل التواصل الاجتماعي ليس بسبب تقديمها فناً محترماً وإنما يقدمون تهريجاً هابطاً أساء إلى ذائقة الناس".


واجهة مجتمع

يرى المخرج السينمائي عزام صالح أن "الفنان هو الفيلسوف والذاكرة وواجهة المجتمع، وهو صاحب الرؤية والإبداع والمستقبل والتاريخ الذي سيبقى أثره، هو المثقف الذي يستطيع تحليل ما يجري من أوضاع داخل وخارج بلده عن طريق فنه ورسالته، أما أولئك الذين يسمون أنفسهم بـ (اليوتيوبرية)، فهم مشاهير التواصل فقط، ولا نغبن حق واحد منهم ولكن لا يمكنهم أن يصلوا إلى الإبداع والتميز الذي يصل إليه الفنان".


تسويق التفاهة

يضيف صالح أن "برامج التواصل مثل سوق شعبية تستطيع أن ترى فيها السلعة الجيدة والسلعة الرديئة، كما أن السلع الرخيصة التي ليست عليها سيطرة نوعية وقد تكون مغشوشة، وهكذا هو التواصل فالمشاهير لو كانوا مبدعين لما عرضوا سلعتهم بالتواصل، لذا ستجد به الكثير من التفاهة والأفكار السيئة.


قنوات مؤدلجة

بينما أشار عزام صالح إلى أن "بعض القنوات المؤدلجة تبث سمومها، فأخذت نصيب الفنان الواعي والمثقف والذي درس علوم الفن والاجتماع وعلوم النفس والتاريخ وحتى السياسة، وراحت تتحكم بالسينما والتلفزيون من خلال المعروفين في التواصل الاجتماعي، لأنها لا تمتلك الاقناع، لذلك تستثمر الذين لديهم رصيد من المتابعين لتجسيد أدوار مهمة في مسلسلات، لتكون مشاهدتهم سيئة كما هم، فتراهم يتحركون مثل الدمى ولا يستطيعون أن يحركوا مشاعرهم كما يحركها الممثل الذي نذر نفسه لهذا الغرض بعلمية ودراسة واعية". منوها أن "أغلب الانفعالات لدى "اليوتيوبرية" هي انفعالات مفتعلة لأنهم غير قادرين على دراسة أبعاد الشخصية وعلاقاتها داخل أحداث المشهد الدرامي أو السينمائي، فقد تجد بعض البصمات لها تأثير على "اليوتيوبرية" من خلال المخرج المتمكن، ولكن تظهر هنا وهناك لدى "اليوتيوبر" لأنه لا يمتلك تجربة الممثل".


مشاهير مواقع

يعتقد الفنان وليد العبوسي أن التقليد أصبح يسيطر على الساحة الفنية ألا وهو زج مشاهير السوشيال ميديا في الأعمال الدرامية، نحن لسنا ضد هذا التوجه لكن على ألا يكون على حساب الفنان الحقيقي، ذلك الذي درس الفن إضافة إلى موهبته.

ويتابع "أما أن نأتي بهؤلاء النكرات الذين يقدمون محتوى تافهاً يكسبون من خلاله آلاف المشاهدات من أشخاص لا يقلون تفاهة عنهم وعما قدموه، ليكون أو تكون بعدها نجمة تلفزيونية بفضل مخرج أو وجه منتجة أكثر تفاهة من هؤلاء الذين نسميهم مشاهير، ورغم كل هذا نقول العيب ليس فيهم ولكن بالجمهور، والذي تدنى مستوى ذوقه حتى أصبح يتابع ويعجب بكل محتوى تافه ومتدنٍ".

بينما يحدثنا الكاتب ولاء المانع فيقول: إن جهات الإنتاج التي أخفقت في تقديم أعمال ناجحة تجذب الجمهور هي المسؤولة عن تقديم نجوم السوشيال ميديا في أعمال غير ناجحة، وذلك من أجل الاعتماد على قاعدتهم الجماهيرية. 

ويضيف "لا بأس إن كان "البلوغر" قادراً على أن يقدم عملاً فنياً جيداً، لكن هناك جانباً آخر من المشاهير الذين دخلوا الساحة من خلال المحتوى التافه على حساب النجوم والفنانين الكبار. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن خلو الساحة الفنية لأسباب عديدة دفع جهات الإنتاج لملئها بهؤلاء".


الرقابة علاج

أزهر حامد الياس- موظف، يقول: إن عملية زج بعض المشاهير ذوي المحتوى (غير المنتج) هو إحدى ظواهر الانقلاب المجتمعي والذي يطرأ على المجتمعات التي تتعرض إلى تغيير مفاجئ ومن نتائج ذلك هو تحجيم الفنان الحقيقي الناتج عن معاهد أكاديمية محترمة ورصينة. 

ويسترسل: الكثير من المؤسسات الإعلامية همها الأول والأخير الجانب المادي والذي يعتمد على أن مشاهير التواصل الاجتماعي لديهم عدد كبير من المشاهدين بغض النظر عن الفئة التي تتابعهم أو المحتوى وهذا يتطلب رقابة حقيقية من قبل الدولة كي لا يتحول المجتمع إلى مرحلة القولبة والأدلجة القادمة من جهات مجهولة تدعو إلى إلغاء القيم وجعل المجتمع موجهاً بعيداً عن الوعي والإدراك.