الغابات تحترق في انكوريج مع انتشار الثلوج على الأرض

بانوراما 2023/05/16
...

 مارك ثيسن

 ترجمة: بهاء سلمان

يدور البحث عن بقعة مسطحة لأجل عمليات الاجلاء الجوي، وهناك حديث عن صفارات الإنذار القديمة للدفاع المدني تهدف إلى تحذير من حرائق الغابات سريعة الحركة، كما يتدرّب المئات من رجال الأطفاء المواكبين للتطوّر الحضري على تقنيات مكافحة حرائق البراري، بينما لا يزال الثلج يغطي

الأرض.                      


هذا هو الواقع الجديد في أكبر مدينة ضمن مقاطعة ألاسكا، حيث أثارت سلسلة حرائق الغابات الأخيرة بالقرب من أنكوريج، إلى جانب اليوم الأكثر سخونة، على إطلاق مخاوف من إحتمال أن يؤدي ارتفاع درجة حرارة المناخ قريبا إلى حرائق خطيرة لا يمكن تحمّلها في المناطق الحضرية، تماما كما هو الحال في بقية مناطق الغرب الأميركي التي تعاني من حالة جفاف قاسية.

ويتركّز الخطر بشكل خاص في حي هيلسايد المزدهر بالمدينة، حيث توغّلت المنازل التي تقدر أقيامها بملايين الدولارات على المنحدرات الحادة وصولا إلى حافة الغابة. ما يجعل التحدي الأكبر هو أن العديد من هذه الأماكن على منطقة هيلسايد، وهي موطن لنحو 35 ألف شخص، لا تملك سوى طريق واحد فقط للدخول والخروج، ما يعني أن السكان الفارين قد يغلقون الطريق المعبد، أو تنعدم لديهم وسيلة الوصول إلى انكوريج.

ويبقي توقع إندلاع حريق هائل كبير هناك رئيس قسم مكافحة الحرائق لمدينة  أنكوريج، "دوغ شريج"، مستيقظا طوال ساعات الليل عندما يكون الجو حارا وجافا. 

يقول شريج: "لقد وصفت هذا الحال بأنه ربما يمثل أكبر تهديد منفرد لبلدية أنكوريج".


الحاجة الى التدريب

ويعد قسم مكافحة الحرائق بارعا في مكافحة النيران التي تطال المباني، ولكن مع توسع المدينة، تزايدت امتدادات مناطق المسؤولية، حيث تتقاطع المناطق البرية والحضرية، وتختلف هذه الحرائق تماما عما يتدرّب رجال الإطفاء على مكافحته. كما لا تمتلك المدينة كذلك إلا القليل من المعدات المتخصصة بمكافحة حرائق الغابات، ولا يمكن على الأغلب إيصال أية سيارة إطفاء إلى المناطق المرتفعة، حيث الطرق المتعرّجة المؤدية إلى المنازل الواقعة عند أعالي الجبال.

يقول شريج: "تتمثل استراتيجيتنا أساسا في وضع أكبر امكانيات متاحة من الموارد لدينا لخدمة تحييد حريق صغير حتى نتمكّن من احتوائه، فيما ننتظر وصول مساعدة قسم الحماية من الحرائق."

يواصل 360 فردا من رجال الإطفاء في المدينة تدريباتهم على وسائل لمكافحة حرائق البراري، مثل استخدام خراطيم المياه لإنشاء خط حاجز حول محيط الحريق، وتشجع بلدية المدينة أصحاب المنازل على المشاركة في برنامج لتحديد المخاطر المتمثلة بالأشجار القديمة التي من شأنها تغذية ألسنة النار وتوسيعها قبل فوات الأوان. وفي أحد الأحياء الجبلية، يبحث المجلس البلدي هناك عن مواقع لتحديده كمهبط طائرات مؤقت يمكن استخدامه في عمليات الإخلاء الجوي.

ويناقش نفس هذا الحي الصغير، الذي يحتوي على طريق واحد فقط للدخول والخروج للمدينة، يناقش أيضا تركيب صفارات الإنذار لتحذير السكان بالمناطق الواقعة على الأطراف المشجرة بالمدينة من خطر الحريق، ويأمل ببناء قاعدة بيانات لجميع السكان لتأمين الاتصالات عند حالات الطوارئ.

يقول "مات مور"، الذي فر من منزله سنة 2019 خشية أن تحاصره ألسنة اللهب على طريق وحيد لا يوجد غيره: "إنه أمر لا ترغب بفعله.. فهو أشبه برمي النرد كي تكون حيّا أو ميّتا."

هذه الاحتياطات، الشائعة في الولايات الجافة والمعرّضة للحرائق مثل كاليفورنيا وكولورادو، تعد جديدة نسبيا لمنطقة أنكوريج لمواجهة مخاطر الحرائق المتزايدة التي تغذّيها ظاهرة الاحتباس الحراري. وبلغت درجة الحرارة ذات مرة قبل أربع سنوات نحو 33 مئوية، كأعلى درجة حرارة سجّلتها المدينة، وشهدت خمسة حرائق غابات كبيرة على مدى السنوات السبع الماضية، تم اخمادها جميعا قبل أن تسبب أضرارا جسيمة.


القادم يثير الرعب

يقول "بريان بريتشنايدر"، عالم المناخ في إدارة منطقة ألاسكا، إن "الولايات المتحدة تتجه إلى عام من ظاهرة النينو هذا الموسم، وهو ما يعني تقليديا حصول مزيد من الحرائق، وإثارة المزيد من المخاوف. فقد احترقت مساحات بنحو 4500 ميل مربع على مستوى الولاية العام الماضي، تعادل مساحة ولاية كونيتيكت.

منذ العام 1950، تم تسجيل 14 عاما احترقت خلالها أكثر من 4700 ميل مربع، ما يعادل ثلاثة ملايين فدان، خلال موسم الحرائق القصير زمنيا وحاد في ألاسكا. وحدثت نصف مواسم الحرائق هذه منذ عام 2002، بضمنها أسوأ عام مسجل، وهو عام 2004، عندما احترق أكثر عشرة آلاف ميل مربع.

في العام 2019، كان مور يراقب المشهد من منزله فوق أنكوريج، فرأى الدخّان الأسود يتصاعد من حريق على بعد أميال وسط منطقة كثيفة الأشجار بالمدينة. فقام بجمع حيواناته الأليفة وأوراقه المهمة في سيارته، وإطمأن على زوجته التي كانت آمنة فعلا في أنكوريج، ليقطع مسافة خمسة أميال على الطريق الوحيد الذي يخدم نحو 600 من سكان الحي إلى بر الأمان.

في الوقت الحالي، تركّز كل من بلدية المدينة وإدارة الإطفاء على إبقاء الأمور تحت السيطرة، وتنفيذ أكبر عدد ممكن من التدابير الوقائية. وقامت إدارة الإطفاء بإزالة الأشجار دائمة الخضرة وتقليل الأغصان لمسافات تصل إلى 28 مترا بجوار الأحياء السكنية، للمساعدة في احتواء أية حرائق مستقبلية، كما قامت أنكوريج بإزالة الأشجار الجافة والمخاطر الأخرى في الحدائق وعلى طول الأحزمة الخضراء. وقام رجال الإطفاء بعمليات مسح لمنازل المواطنين لتحديد مخاطر الحرائق، مثل الحطب القريب من منازلهم، أو الكثير من الغطاء النباتي ضمن أملاكهم، كل ذلك على أمل الحفاظ على المنازل وسبل العيش والمجتمع، في وقت تتزايد فيه حالة عدم التيقّن من أوضاع المناخ.


صحيفة لوس انجلس تايمز الاميركية