هشام شربتجي.. صانع الفرجة والدهشة والابتسامة والوجع

منصة 2023/05/24
...

  علي العقباني


صانع البهجة والدراما، نساج الحكايات، ومعلم مهنة الدراما، صانع الفرح  وصانع الفرجة والدهشة والابتسامة والمؤسس لنهضة الدراما السورية في الخمسة والعشرين سنة الأخيرة وشيخ الكار في الدراما السورية المخرج هشام شربتجي يترجل بعد مشوار طويل وحافل مع الحياة والفن ليلحق بركب الراحلين عن عمر يناهز الـ 75 عاما شكل فيها بصمة وعلامة فارقة ومؤثرة في الدراما السورية والعربية وترك كثيرين خلفه يتجرعون الحسرة والدموع على رحيله.

 ولد هشام شربتجي في الثاني من مارس عام 1948، في دمشق، وتعلم في مدارسها، وحصل شربتجي على بكالوريوس أكاديمية الفنون من المعهد العالي للفنون المسرحية في القاهرة، مطلع سبعينيات القرن الماضي، بعدها سافر إلى ألمانيا لإكمال دراسته، وعاد للعمل في سوريا كمخرجٍ بإذاعة دمشق، بمشاركة الإعلامي نذير عقيل، وأسس شكلاً جديداً من أشكال الدراما الإذاعية الناقدة، فأصبح اسماً معروفاً رغم عمله خلف الكواليس، وتابع مسيرته في العديد من الأعمال التي لاقت رواجاً كبيراً، ثم طبق التجربة على أعماله التلفزيونية التي وجدت طريق الخلود في ذهن المشاهد على مستوى الساحة العربية، ويتابع ما أسسه الجيل الأول من المخرجين السوريين الأوائل، ولاقت أعماله رواجاً كبيراً في كافة البلدان العربية لما تميزت فيه من خفة ظل، ومن معالجة لمواضيع كوميدية بسيطة قريبة من هموم الناس في كل مكان.

انطلق هشام شربتجي في عالم الإخراج عندما أخرج مسلسل مرايا الجزء الأول في عام 1984، ويعد من أشهر المسلسلات الاجتماعية الكوميدية على مستوى الوطن العربي، وهو من بطولة الفنان ياسر العظمة، والذي تحول لاحقًا إلى سلسلة انتقادية ساخرة، تُوصف العديد من لوحاتها بالأيقونية، وكان هشام شربتجي قد أبدع في إخراجه، كما أبدع في إخراج العديد من المسلسلات الاجتماعية والكوميدية التي أحدثت نقلة في سوريا وتجاوزت الـ 30 عملاً.

ومرايا تعتبر إلى حد كبير نقطة التحول في حياة شربتجي المهنية، واستمر الراحل بالعمل مع العظمة على هذه السلسلة، قرابة الـ 10 سنوات، بمعدل جزء كل عامين، وتحول اسمها في أحد الأجزاء إلى "شوفوا الناس"، وفي العام 2006 عاد لإخراج "مرايا"، بين عدة أسماء تعاقبت على إخراجها.

أسس خلال مسيرته مدرسة بارزة في فن الكوميديا، تعاون خلالها مع نخبة من أبرز الممثلين الكوميديين، منهم دريد لحام وياسر العظمة، ونجوم الكوميديا الشباب والمخضرمين، من خلال مسلسل "عيلة 5 نجوم"، الذي حقق نجاحًا جماهيريًا كبيرًا، والتي ما زال تأثيره مستمرًا حتى وقتنا الحاضر، وله الفضل الكبير في اكتشاف مواهب فنية كبيرة فيه، وخلال الفترة ذاتها، دخل في شراكة إبداعية مع الفنان السوري أيمن زيدان، أثمرت عن مسلسلات كوميدية لا تنسى، وعلى رأسها "يوميات مدير عام"- الجزء الأول، وتلاها "يوميات جميل وهناء"، و"بطل من هذا الزمان"، و"أنت عمري".

ولم يقتصر تأثير المخرج الراحل هشام شربتجي على ما قدمه من الأعمال الكوميدية، بل قدم أعمالًا تلفزيونية سورية، رصدت تحولات المجتمع السوري، ودقت جرس الإنذار لتنبه لخطورة هذه التحولات الاجتماعية، منها تآكل الطبقة الوسطى، الفساد، واليوميات القاسية التي يعيشها سكان ما يعرف بمناطق العشوائيات المحيطة بدمشق، والمجاورة لها، وذلك من خلال مسلسلي: "أسرار المدينة" و"أيامنا الحلوة" من تأليف حسن سامي يوسف ونجيب نصير، "رياح الخماسين" للكاتب أسامة إبراهيم، وقدم تناقضات الطبقة المثقفة في "رجال تحت الطربوش" للكاتب فؤاد حميرة.

وخلال سنوات الجمر التي عصفت بسوريا في السنوات الأخيرة من حياته، قدم المخرج هشام شربتجي 3 أعمال درامية هي "المفتاح" الذي يغوص في كواليس الفساد الإداري والقضائي، وقدم كذلك المسلسل السوري- اللبناني المشترك "مذكرات عشيقة سابقة"، واختتم مسيرته بمسلسل "أزمة عائلية" وتناول تداعيات ما يحدث في البلاد على يوميات السوريين بطريقة كوميدية ساخرة وتهكمية يحاكي الشارع وينقل واقعه وهمومه إلى الشاشة الصغيرة.

وواكب الراحل الجيل الجديد بإخراج جزء واحد من سلسلة "بقعة ضوء" الشهيرة أيضًا، وأخرج جزءًا من السلسلة الكوميدية السعودية "طاش ما طاش"، واقتصرت تجربته فيما يعرف بدراما البيئة الشامية على مسلسل "جرن الشاويش "ولُقب المخرج الراحل هشام شربتجي بـ "شيخ الكار"، لما له من خبرة وأثر في صناعة الدراما السورية، وتقديم عددٍ من نجومها البارزين اليوم، خاصة في مجال الكوميديا.

فضلاً عن الإخراج، فقد خاض شربتجي تجربة التأليف في مسلسل «البناء 22»، وفيلم «البحث عن الهوية» وغيرها الكثير من الأعمال.

مثل عيلة خمس نجوم، يوميات مدير، عيلة ست نجوم، أحلام أبو الهنا، عيلة 7 نجوم، يوميات جميل وهناء.