السلامُ والحربُ في {سومريات ناصر الموزاني»

العراق 2019/04/23
...

قحطان جاسم جواد
سومريات ناصر الموزاني” المعرض التشكيلي الذي قدمه الفنان خلال هذه الأيام على قاعة “ألق للفنون والعمارة” في بغداد، هو استعادة للفن الرافديني، إذ حاول أنْ يجلبه من ماضيه العميق ليولد في لوحاته مجدداً. كما حاول أنْ يستحضر آلهات وملوك سومر ليخرج بهم من المتحف (الزمن والمكان)، ويلقي بهم في سياق الحاضر. مازجاً بين الفن الرافديني وفن الحداثة. وبين الماضي ويومنا هذا، حيث بقايا آليات وأسلحة الحروب والهموم اليومية وتشققات الشوارع والأمراض والأوبئة والزحام.
هذه التحولات دخلت في تجربة الفنان ناصر الموزاني الذي عانى من الحروب والويلات والغربة. كل ذلك يتجلى عنده في معنى الفن الجديد الذي يحاول أنْ ينهض به ليجيب على أسئلة القلق والحيرة على ما يحدث. “سومريات” الموزاني هنا تمتلك خطاباً أصيلاً لأنها لا تبتكر وسائل إبداعية للتذكر فقط بل تبتكر الذاكرة. إضافة الى ذلك ضمت تجربة الموزاني بعض المنحوتات الصغيرة عبَّر بها عن نظرته للحرب ومخلفاتها، إذ استطاع تحويل نفايات وبقايا الأسلحة وخردة الحديد الى أشياءٍ تنطقُ بالسلام والجمال، باعتبار ذلك أهم ردٍ على منطق الحرب وولاياتها التي اكتوى بها العراقيون خلال الحقب المختلفة من تاريخهم، لا سيما السنوات الثلاثين الأخيرة للنظام السابق. 
وهو الخارج منها أسيراً ومحطماً نفسياً. لكنه من جانب آخر حوّل بقايا الحرب الى شيء جميلٍ يدعو للأمل والخير والجمال. فصنع عربة تشبه عربات السومريين من بقايا مخلفات الأعتدة والأسلحة وترك لنا فرصة التأمل فيها لنرى الفرق بين الحروب والموت والدمار، وبين الحياة والسلام والأمل الذي صنعه بعربة السلام.
ناصر الموزاني فنانٌ تشكيليٌ وصانعُ آلاتٍ موسيقيَّة، قدَّمَ ما يقارب الـ”50” معرضاً تشكيلياً في الدنمارك مكان إقامته، وبلجيكا وألمانيا وهولندا. وكذلك بلده العراق، إذ إقام 3 معارض شخصيَّة خلال السنتين الأخيرتين، منها معرض في كاليري برج بابل. في معرضه الأخير (سومريات ناصر الموزاني) قدم 21 لوحة تشكيليَّة زاوج فيها بين الفن السومري العراقي الأصيل وفن الحداثة. وعاد بنا الى عهودٍ سحيقةٍ كانت فيها الحضارة السومريَّة هي الحاضرة في العالم بتطورها في جميع مجالات الحياة، وقد قدمت للبشرية الكثير من الأشياء. 
لكنه لم يكتف برسم عوالم السومريين بل زاوج مع تحديثات هموم اليوم، عبر أسلوبه الخاص في كل شيء بالفكرة والتخطيط واستخدام الألوان والفرشاة وكلها من صنع يديه، اكتشفها أثناء وجوده في معسكر صحراء رفحاء. 
مستخدماً الزيت والالكريك للتعبير عن رؤيته في تقديم موضوعات من وجهة نظره الخاصة. ولم يتوقف الموزاني عند حد بل اكتشف خطاً جديداً اسماه “خط الكرسي” من خلال حرف يشبه حرف السين بالمقلوب. وهو اكتشاف جديد قدمه بكراس خاص وأعجب به الكثير من المختصين منهم الناقد الدكتور جواد الزيدي الذي قال عنه: إنه خط تجريدي هندسي جديد... سيجد القارئ في عدد اليوم بعضاً من لوحات الفنان ناصر الموزاني.