تربية الإبل في المثنى.. مهنةٌ شاقةٌ ولغةٌ خاصة

ريبورتاج 2023/06/14
...

 احمد الفرطوسي

زيادة في أعداد الإبل والجمال في البادية الجنوبية سجلتها الدوائر الزراعية في محافظة المثنى، بالرغم من التوسعات الزراعية والصناعية في البادية، إلا أن المتبقي من المراعي الطبيعية ما زال قادرا على تلبية احتياجات هذه الأعداد، فيما الخشية من السنوات القادمة نتيجة تكاثر أنواع الإبل المتواجدة هناك، حيث يحتاج الجمل إلى مساحة واسعة للرعي والتكاثر

إضافة إلى تكيفه مع الطبيعة وحرارة الجو في البادية الصحراوية، كما واستخدم البعير في عمليات النقل الصحراوية وتجارة الأسلحة المهربة بين الدول، ويتماز بغلاء سعره، حيث يصل سعر الجمل الواحد من عمر 2 - 3 سنوات بـ (5) ملايين دينار.
وقالت رئيسة قسم خدمات الثروة الحيوانية في زراعة المثنى بدرية شلاكة لـ(الصباح) “تنتشر قطعان كبيرة من الإبل في مناطق متفرقة من بادية المثنى وخاصة في قضاء السلمان، حاليا هذه الأصناف في تزايد مستمر، وصلت إلى اكثر من 25 ألف جمل، حيث نتعامل مع مربي هذه الحيوانات بشكل متواصل، من خلال تجهيزهم بالمواد العلفية المدعومة من قبل الوزارة، ونشجع مربي الابل في منحهم سلفا وأدوية، بغية الاستفادة من زيادة إعداده كثروة وطنية”.

كنز
الابل كنز من كنوز الصحراء، فيها مميزات كثيرة وفوائد متعددة، ولها مكانة خاصة عند البدو من سكان مناطق البادية الجنوبية، كانت وما زالت رفيقة في الصحراء ومصدرا من مصادر التنوع والفرادة، ويمتاز أغلب أنواع الابل في تحمل حرارة الصحراء، ومنها اشتق تسمية سفينة الصحراء، لأن الجمل يستطيع خزن كمية 16 لترا من الماء تكفيه لمدة شهر في فصل الشتاء، واسبوع في فصل الصيف، كما له أسنان حادة تجعله يقطع الأشواك ويمضغها. من جانبه تحدث مدير المستشفى البيطري في السماوة الدكتور مشتاق عبدالحسين لـ(الصباح): يمتاز الجمل بوجود السنام وهو كتلة دهنية على ظهره، يستفاد منها في الغذاء عند شح التغذية، الجمل العربي ينفرد عن بقية الابل في أواسط آسيا وبعض مناطق قارة أفريقيا، بأنه ذو سنام واحد، بينما هناك اصناف من الجمال ذات السنامين، والذي يحتفظ بفروة كثيفة من الوبر تحميه من البرد القارس، كما انه يتراوح معدل عمره بين 35 - 40 سنة، إضافة إلى أن سرعته تبلغ 60 كم بالساعة، وتسمى (الضبعان، العرفان، الشعلان، وأم طويلع وأم رموش والكثير من المسميات)”. اطلقوا عليه سفينة الصحراء، ومربي الابل ينادي عليها بـ لغة خاصة، ويسرح بها طوال النهار، متنقلا في صحراء لا نهاية لها، وبحسب توافر العشب والمياه، الكثير من الخبرة والدقة يحتاج لها المربي، لأن الابل تميز وتتأثر بنوع المعاملة وتدركها في أحايين كثيرة، مهنة توارثوها من آبائهم وأجدادهم، وتقيم الدول العربية والافريقية مسابقات خاصة بالجمال، وأغلبها في قطر والامارات والسعودية، وتلاقي رواجا كبيرا من قبل المهتمين بتربية الابل، والتي تنقلها القنوات العربية بشكل مستمر وتحظى بجوائز ثمينة تعود بالنفع على مربيها.

تربية ولغة
ويشير مربي الابل عواد التوبي الذي قال لـ(الصباح) إلى أن “تربية الابل صعبة للغاية، إلا أنه توارث هذه المهمة من والده وجده، في فصل الشتاء والربيع نتجول مع الابل في بادية المثنى، حيث الماء والاعشاب، ويبدء هناك موسم التكاثر الخاص بالابل، اما في فصل الصيف فمن الضروري الاقتراب من مراكز المدن، بغية توفير الاعلاف لها وملء خزانات مياه، التي هي عبارة عن حوضيات محمولة على عجلات خاصة، وعن لغة الابل فهناك نداء خاص لها عند استدعائها لشرب الماء، ونداء آخر خاص بالغذاء أو التجمع حول أحواض الاعلاف، وعن التسميات فعند ولادة الإبل يسمى صغيرها حوار، وبعد سنة يتغير اسمه إلى مخلول، وبعد سنتين يدعى لجي، وبعدها عند عمر خمس سنوات يسمى بعير”.
ويضيف التوبي “أن اسعار الابل تختلف بحسب عمر الجمل ونوعه ولونه، اذ يعتبر ثمن الناقة البيضاء هو الأغلى، وتأتي بعدها النوق الحمراء والصحراوية وبأعمار تتراوح بين 1 - 3 سنوات وبأسعار خيالية قد تصل إلى 10 ملايين دينار للناقة البيضاء، وهناك عشاق لهذه الأصناف والألوان من مختلف الدول العربية في دير الزور و”ال بو كمال” في الحدود السورية والمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان والامارات وقطر، وقد استقبلت بادية السماوة في موسم الربيع الماضي عددا كبيرا من السائحين الخليجيين والمهتمين بتربية الإبل”.