هدى عبد الحر

على الرغم من تغيّر الأوضاع والانفتاح الهائل في وسائل التسوق واتساع فرص السفر وسهولتها إلاّ أن مهرجانات التسوق الدولية تبقى لها نكهة خاصة ومكانة مهمة في النشاط الاقتصادي للبلدان ومن ثمّ  هي فرصة سانحة للمجتمعات المحلية للتعرف على ثقافة (الآخر) وتقبّله  من خلال منتوجاته  وبضائعة فهي لاتزال تحمل  صفة الجذب لكل باحث عن الاختلاف  والمعرفة وحبّ الاطلاع .

لذا لم يكن مهرجان النجف الأشرف الدولي للتسوق الشامل 2023 الذي يقام على أرض معرض النجف الدولي مجرّد عملية تبضع أو تجوال أو اطلاع على المواد المعروضة فحسب إنما  هو أشبه  بمؤتمر  معرفي   بفقرات وجزئيات  مختلفة، إذ يمكن  من خلاله  التعرف على ثقافات البلدان المشاركة، فضلا عن  تفاصيل ثانوية تمثل ثقافة  تلك البلدان و(إتيكيتها) بطريقة عرض البضائع، وترغيب الزائر، ونوعية المنتجات وجودتها والأسعار، والتنافس فيما بينهم لتحقيق أكبر قدر من المبيعات، فضلا عن التعرف على حضاراتها، والتعايش المباشر مع  لغاتها ولهجاتها، وأزيائها ومعرفة المشتركات الثقافية والاختلافات .

إن ثقافة "السوشل ميديا" في العرض التجاري تحولت إلى تطبيق عملي في  هذه المهرجانات فما كنت تراه في الصفحات وتتأمله وتسأل عن سعره سيكون أمامك حاضرا من دون سفر أو جهد،  أنت هنا لتشتري فقط،  وإذا أحببت أن تبدي إعجابك  فهذه المرة بكلمات مسموعة وبملامح وجهك الحقيقية لا بمجرّد (لايك) أو  (سمايل)  جامد ذي ملامح كارتونية .   شارك في المهرجان العديد من الدول العربية والمجاورة، وكان تنقلك بين جناح وآخر وكأنه تنقل ما بين بلد وآخر من خلال ما تسمعه من لغات عربية وفارسية وتركية، ولهجات مصرية وشامية.

زخر المعرض كذلك بالمنتجات الفولكلورية والمشغولات اليدوية من حياكة وتطريز وغيرها، فضلا عن الفخار والخزف والخوص والمجسمات الطينية والنحاسية والجبس وغيرها من المنتجات الفنية ولوحات الرسم بحسب الطلب ومستلزمات العمل الفني من ألوان وغيرها.

كذلك كانت باحة معرض النجف مقسّمة على قسمين، فهناك القسم  الخاص  بالمطاعم العربية التي تحتوي على أكلات تحمل ثقافات البلدان  المشاركة  وقسم آخر  ضم مختلف النباتات والأزهار من مختلف الأنواع الأصناف والأحجام  في محاولة  من القائمين على المهرجان من  جعله  مهرجانا شاملا، وقد تخللته  فعاليات ومسابقات  وعروض شراء  مخفضة  مما أضاف له حيوية  كبيرة وكثف من حضور الأسر النجفية، فضلا عن المحافظات القريبة واستطيع القول بكل ثقة القول ان المهرجان قد حقّق نجاحا كبيراً جدا أما التكهن بعدد الزوار له فهذه مهمة صعبة .

إنّ هذه المهرجانات ستشكّل علامة مهمة في ثقافة التسوق فيما لو كان تنظيمها دقيقا - مثل مهرجان النجف- وستكون فرصة كبيرة لتنشيط الاقتصاد المحلي، فضلا عن طبيعتها الترفيهية الراقية ومساهمتها في تنشيط السياحة في جوانبها المختلفة.