عندما تتجاوز مقالب السوشيال ميديا حدودها

استراحة 2023/07/03
...

 الديوانية: عباس رضا الموسوي 


ما أن خرجت صباحا من منزلي متوجها إلى عملي، حتى صرخ بي شاب صرخة ارتجفت لها جميع مفاصل جسدي النحيل (انطيني السويج - هاي السيارة مبيوگه)، ورغم محاولاتي تهدئته كي لا يخرج جيراني الذين يتركون مفاتيح منازلهم عندي أيام سفرهم، ولكن صرخاته المدوية سبقت محاولات التهدئة، ولأنه نجح في تجسيد دور المسروق، جعل زوجتي الوفية تشككني بنفسي عندما قالت (سيدنا انت منين اشتريتها)، وبعد نحو خمس دقائق هبط الفرج من السماء، فتحول هذا الاسد الزائر إلى حمل وديع، وهو يقول لي بابتسامة، وأشار إلى شخص يصور بجانب حاوية القمامة (الموسوي أنت في مقلب)، فما كان مني سوى المسامحة مقابل حذف التصوير، غير أن جاري الملاكم لم يسامحهم فولوا الادبار فرارا.

فلطالما، سعي الاشخاص الذين يبحثون عن الشهرة إلى تحقيق مبتغاهم بمختلف الطرق، خصوصا أن امكانية إنتاج مثل هذه الفيديوهات ونشرها للعالم من أقصاه إلى أقصاه، باتت لا تكلف ماديا، بل تعود بالربح على صاحبها، لذلك انتشرت هذه الظاهرة التي لا ضوابط لها وراح الكبار والصغار يمارسون هذه الهواية الخطرة دون قيود حيث ان الهدف هو الحصول على اعلى نسبة من المشاهدات، حتى ولو كان ذلك على حساب الآخرين، الذين هم مجرد مادة مباحة في نظر المنتجين.

فقد أصبح من الطبيعي أن نشاهد في العالم العربي إنتاج مقالب ذات قيمة متدنية ثقافيا واجتماعيا ودينيا ونفسيا، ومن ذلك الرعب الذي يتعرض له المارة دون الاكتراث لمرض القلب، وتصوير الفتيات دون اذن بما في ذلك بنات الأسر المحافظة، والتنكر بزي الفتيات للإيقاع بالشباب، وغيرها من مقالب منها ما تسبب بمشكلات أسرية واجتماعية.

يقول الاستاذ في علم الاجتماع علي كامل لـ"الصباح" إن غياب الرقابة وهوس أصحاب منصات التواصل الاجتماعي وسعيهم المفرط لكسب الشهرة ساهم في اتساع رقعة تصوير المقالب الخطرة، والتي بعضها يتسبب بأمراض مستقبلية مثل امراض القلب والسكر، نتيجة الصدمة، مشيرا إلى أن الغريب ما نلاحظه من تعد على الآخرين، دون أدنى مستوى من احترام الخصوصية وخطورة بعض المقالب على الوضع الصحي والاجتماعي.

مضيفا، غير أن بعض صانعي هذه المقالب لديهم امكانية عالية، من خلال انتقاء الفكرة وانتاجها باحترافية تخلو من السلبيات، لذا تشعر وأنت تتابع مقاطعهم بشيء من الراحة النفسية والسعادة الغامرة.