عصابات البطاقات المصرفيَّة.. إرهابٌ اقتصادي

ريبورتاج 2023/07/04
...

 احمد حسن
برزت ثغرة في (فيزا كارد العراق) يستخدمها مهربو الدولار حيث شبكات الاحتيال، تتفنن بالإفلات من تعليمات الجمارك والأمن الاقتصادي بهذه الوسائل، فقد تعددت عمليات تهريب العملة الصعبة إلى حوالات سوداء خارج العراق كالبطاقات الائتمانية المصرفية، حيث كان حصيلتها تهريب الدولار الالكتروني داخل بطاقات فيزا أو ماستر وتحويله إلى كاش نقدي في دول الجوار، بما يعادل فارق السعر الحكومي للدولار في العراق والسعر التجاري.
إجراءات
علاء الدين القيسي المتحدث الرسمي باسم هيئة المنافذ أكد لـ (الصباح) أن "عملية تهريب الفيزا كارد خارج البلاد تتم بطرق شتى أغلبها تكون مخفية خلف بطانة حقيبة المسافر وأيضاً ضمن الملابس والأمتعة وأكثرها حصلت في (مطار بغداد والنجف والبصرة والقائم)، وبأعداد قليلة في المناطق البرية وإلى غاية شهر حزيران بلغ عدد الفيزا كارد المهربة خارج العراق أكثر من (2400) بطاقة دولية بمختلف الأنواع وبالنسبة لكمية الأموال المهربة بموجب الفيزا فهي أموال ضخمة وتكون معبأة بـ (10.000) دولار مع فارق التصريف بين السعر الرسمي والسعر التجاري".
موضحاً أن "منافذنا فعالة على مدار اليوم وللهيئة دور فعال للحد من عمليات التهريب متخذة إجراءات صارمة عبر مصادرنا الخاصة أو عن طريق التفتيش الدقيق لكل المسافرين بعد ورود معلومات دقيقة، فيتم بعد ذلك تنظيم محضر أصولي وإحالة جميع المضبوطات إلى مركز الشرطة ضمن الرقعة الجغرافية واتخاذ الإجراءات القانونية الرادعة بحق المخالف".
مشيداً بتوجيهات رئيس الوزراء بالدعم المتواصل لهيئة المنافذ الحدودية بضربات استباقية لكل الأشخاص المهربين.

للقانون دور
الخبير القانوني أمير الدعمي يبين أن المادة 164 تنص على عقوبة الإعدام لكل من يضر باقتصاد العراق، وقد أكد في حديثه لـ (الصباح) أن "تهريب الفيزا يدخل من باب تهريب العملة المضر بالاقتصاد، كما أنه يدخل من باب غسيل الأموال الذي ينص قانونه رقم 39 لسنة 2015 على السجن لمدة عشرين سنة وغرامة تصل إلى خمسة أضعاف المبلغ المهرب". ويرى أن هذه العقوبات قد تكون رادعة لكن في الوقت الذي يجهله المهربون وبالتالي يجب تطبيقها بالحد الأقصى لتكون عبرة لضعاف النفوس.

التلاعب بالعملة
يرى الخبير الاقتصادي مصطفى أكرم حنتوش أن "الحكومة العراقية المتمثلة بالبنك المركزي العراقي عمدت إلى طريقة لزيادة الكاش وهي عملية البيع عبر النافذة لأغراض الصرف وليس التحويل"، منوهاً بأن "سعر الدولار يتجه إلى الاستقرار نتيجة لبعض المعالجات والمشكلات والتي تكمن في العرض لا في السيولة، وأيضاً في تعبئة فاتورة المبيعات التي أدت إلى قلة عملية بيع العملة، ومن الخطأ الكبير ايقاف التداول بالدولار لأنه يخلق حالة من الهلع لدى الجمهور ومن ثم اكتناز الدولار، فيجب إعادة التداول في السوق الحرة المسببة لهبوط الأسعار".
وبين حنتوش أن "البنك المركزي انتبه إلى العمليات التجارية التي تُستغَل من قبل شركات السياحة التي تمنح فيزا كارد لـ (10  أو 20) للشخص الواحد عبر النافذة التي مُنِحَتْ من قبل البنك المركزي للمسافرين، فإذا كان لديه 20 فيزا وقيمة الواحدة 3000 دولار فإن 60.000 دولار للشخض الواحد وإذا كانوا (10) فيحصل على 600.000 دولار وهكذا يتسلم 6000.000 دولار عن كل مئة شخص فتتم التعبئة في داخل العراق بالدينار ويتسلم المبلغ في البلد المحول إليه سواء بالدولار أو بعملة ذلك البلد وهكذا حيث استمرت لمدة شهرين".
مشيراً إلى أن "مكتب غسيل الأموال في دولة الإمارات العربية المتحدة هو من أوقف هذا العمل لأنها أموال كبيرة تنسحب وتصبح عمليات تحويل أخرى، لذا اضطر البنك المركزي إلى السحب كأقصى حد 300 دولار  وباختيار فئات متميزة من التجار".

بيئة صعبة
سعيد ياسين موسى الناشط في مجال ملفات الفساد يرى في حديثه لـ (الصباح) أن "هذا النوع من التهريب جديد يتم من خلال تعبئة بطاقات الدفع المسبق بالسقف العالي وتهريبها خارج العراق المتأتية من عمليات الفساد المالي بعد التضييق على غسيل الأموال عن طريق سوق العقارات وعدم جدوى تبييض الأموال عن طريق شراء الأحجار والمعادن الثمينة كالذهب، وكذلك شراء أنواع من السيارات الفارهة الغالية".
مبيناً أنه "من أجل ضبط تهريب وغسيل الأموال فعلى العراق إعادة تقييم وهيكلة النظام المصرفي بشكل يلائم النظام المصرفي العالمي مع تبسيط الإجراءات في التحويلات المالية لشركات القطاع الخاص، لاستيراد السلع والمعدات مع اعتماد الأتمتة والحوكمة الإلكترونية من دول المنشأ للاستيراد في قطاع الجمارك، ومطابقة الكلف مع الأموال التي تم تحويلها".  
وعلى صعيد متصل أشار سعيد ياسين، بأن جريمة غسيل الأموال وتهريبها تعتبر من الجرائم العابرة للوطنية وتتطلب تعاوناً وتنسيقاً دوليين في مكافحتها.
مؤكداً أن "تنظيم حركة الأموال واعتماد نظام مصرفي بشفافية عالية يساعد ويشجع على الاستثمار واستقدام شركات استثمارية في المجالات الاقتصادية والصناعية والزراعية الإنتاجية، ويبقى التحدي كبيراً من دون تعديل القوانين الساندة كمنظومة عقابية رادعة وإجراءات وقائية والتنسيق الكامل بين المؤسسات القضائية والمالية والرقابية مع مكتب غسيل الأموال في البنك المركزي".

مسؤولية مشتركة
مظهر محمد صالح مستشار السياسة المالية بيّن أن "تنظيم سوق التحويل الخارجي على مستوى الدولار النقدي أو التحويلات يتم من خلال منصة الامتثال أو منصات (فتر) لبيع الدولار عبر شبكة النافذة المركزية للبنك التي تصدر بطاقات الدفع المسبق أو الائتمانية باعتبارها جزءاً من النظام المصرفي العالمي، وهي تتصف بالامتثال الطبيعي، منوهاً بحديثه لـ (الصباح) بأن "بعض ضعاف النفوس جَمَعُوا مئات جوازات السفر مع البطاقات الوهمية والوقتية لملئها بالعملة الأجنبية وتهريبها خارج العراق وتحويلها إلى (حوالات سوداء) فتتجه إلى جهات غير معروفة".  
وأشار أيضاً إلى أنه "موضوع حساس تداركته السلطة النقدية والأمن الاقتصادي ويعاد تنظيمه والجميع يخضعون لمنصة الامتثال مثلها مثل شراء العملة الأجنبية على المستوى الفردي، كونها وسائل منحرفة تعتبر من الجرائم الاقتصادية وتخضع لقوة القانون، ونحذر بقوة من مخاطر هذا التهريب الذي يضر بمصالح العراق واقتصاده".
وعلى صعيد متصل هناك دوائر اتصفت بالجهود المتميزة والاجراءات الصارمة من مراكز الشرطة وهيئة المنافذ الحدودية، لاحباطها أكبر عمليات تهريب للبطاقات الائتمانية بواقع أكثر من (4000) بطاقة في (6) منافذ حدودية من بينها (3) مطارات، إذ كانت حصيلة شهر أيار الماضي وبحسب أقوال المتحدثين الرسميين تمكن مصادرهم الخاصة من ضبط ثلاثة مسافرين بحوزتهم (367) فيزا في منفذ مطار النجف الدولي، بعد أن تمت تعبئة البطاقات بمبالغ مالية لغرض تهريب العملة الصعبة خارج البلد عن طريق سحب تلك المبالغ في الدول التي ينوون السفر إليها، وأفادت هيئة المنافذ الحدودية بضبط نحو نصف مليون دولار معدة للتهريب، خلال الأشهر الستة الماضية، وإبعاد (11) شخصاً من دول الجوار، والقبض على (81) مطلوباً للقضاء وانجاز (763 ) محضراً مشتركاً مع الدوائر العاملة في المنافذ، بينما بلغ عدد الدعاوى الجمركية المحالة إلى القضاء (441) دعوى خلال هذه المدة أيضاً، وتم اتخاذ الإجراءات الأصولية والقانونية بحقهم وإحالتهم للقضاء مع المضبوطات لينالوا جزاءهم العادل.