كيف تُغير الابتسامة أمزجة الناس؟

منصة 2023/07/04
...

  بغداد: نوارة محمد

خيّل لي أنها ستكسر زجاج النافذة وترمي بنفسها من الطابق الخامس إن لم تحصل على ما تريد.
كانت ليلى قد مرت وهي ترافق والدتها من أمام واجهة أحد المحال التجارية، التي تختص بألعاب الأطفال.
أثناء ما كُنا قرابة سبعة أشخاص، بدت ملامح الانزعاج مرسومة على وجوهنا بعد أن مارست الصغيرة حيل الصراخ والبكاء، ولم يحرك أيا منا ساكنا، باستثناء بائعة العطور، التي مدّت ذراعيها باتجاه ليلى وهي تحاول إسكاتها بحضن دافئ وابتسامة عريضة حتى أنها نجحت بذلك وغّيرت طاقة الجميع.
يُقال إن الابتسامة مُعدية وهي قادرة على تغيير أمزجة الاخرين، إذ يعتقد البروفسور راث كامبل من جامعة كولدج لندن بأن هناك خلية عصبية عاكسة في المخ تثير الجزء المسؤول عن التعرف على الوجوه والتعبيرات، وتسبب رد فعل فورياً مماثلاً.
هكذا هو الأمر.
نحن وبدون إرادة منا نقلد تلقائياً التعبيرات التي نراها.
فقد أثبت العلم أنه كلما زاد تبسمك، زادت ردود أفعال الآخرين الإيجابية نحوك.
ومما لا شك فيه إن الأمر يؤثر على صحة الأجساد، إذ ذكر البروفيسور ويليام فراي من جامعة ستانفورد أن 100 ضحكة تعطي الجسم تمرين أيروبيك وهي تعادل تمرين على جهاز التجديف لمدة عشر دقائق.
ويبين إن اخذ الحياة على محمل الجدية يزيد من تقدمنا في العمر، فالشخص البالغ يضحك بمعدل 15 ضحكة في اليوم فقط، أما من في مرحلة ما قبل المدرسة فيضحك بمعدل 400 مرة وهذا يفسر إن نادراً ما يصاب الأشخاص السعداء بالمرض، على عكس هؤلاء الذين يتذمرون غالباً ما يبدون مرضى.
سارة أحمد تبلغ 25 عاماً تعمل كمروجة للإعلانات في إحدى الشركات "قُيل إنني أمتاز بحس الفكاهة والدعابة، وهذا ما جعلني موظفة ناجحة، ووجدت أن الابتسامة تزيد المبيعات، والدعابة تجعل المستهلكين يقبلون على شراء كميات أكبر، وأدركت بعد سنوات من ممارسة مهنة الترويج أن الإعلان الذي يُقدم بحس فكاهي يحصل على نتائج جيدة، فالإعلان الفكاهي، الذي يقدمه شخص مشهور يكون ناجحاً ومقبولاً
أكثر."
تقول سالي فؤاد "أحب الجلوس في الكافيه الذي يبتسم عماله، هذا يجعلني أشعر بالارتياح وإذا ما صادفتُ وجوهاً مُكتئبة، تلك التي تبقي طاقة تشاؤم سلبية، فأنا غالباً ما أترك المكان وما يحيطه وأظن هذا ما يفعله الجميع".
من جهتها، تقول هيبة إسماعيل وهي موظفة في إحدى الجامعات "انتظر أيام العطل لأنني أعمل في قسم لا أحب الموظفين فيه، الذين يفضلون قضاء ساعات العمل بالتذمر والشكوى ".
وتضيف: "المتذمرون يطلقون ذبذبات كئيبة في الجو ويلوثون الدم وهؤلاء يجلبون الحظ السيئ والطاقة السلبية.
أنا شخصيا أهرب من المتذمرين ولا أحبهم".
أظهرت دراسة، أجريت في جامعة UCLA على 236 شخصا أن رفع مستويات "أوكسيتوسين" تعزز التفاؤل في العالم، وهذه النتيجة لها آثار مهمة، لأنها تستطيع في الواقع أن تؤثر في الجينات التي ولدنا بها وتغيير الطريقة التي نتفاعل بها داخل المجتمع.
وبهذا فإن 50 بالمئة من سعادتنا هي وراثية، وتتأثر 10 بالمئة منها ببيئتنا، و40 بالمئة يتم تحديدها بكيفية التنشئة والتربية.