فواتير الكهرباء.. {أعباء مليارية} و{ضرر للتنمية والاقتصاد}

اقتصادية 2023/07/11
...

 بغداد: علي موفق 


في ظل تردي تجهيز الطاقة الكهربائية، تعيد أزمة الكهرباء إلى الأذهان معاناة المواطنين مع بداية كل موسم صيف، فعلى الرغم من صرف مبالغ مليارية طيلة أعوام ووعود بالتحسن، إلا أنها تبخرت مع أول موجة حر تشهدها البلاد.

ولم تقتصر الازمة على شح توفير الكهرباء فقط، بل الخسائر الكبيرة التي سببها هذا القطاع للاقتصاد على مدى العقدين الماضيين، فمنذ العام 2003، يقول خبراء: إنَّ العراق صرف مبالغ هائلة لإنتاج الطاقة الكهربائية لكن بدون فائدة كبيرة.

وفي عام 2021، قالت الحكومة: إنَّ العراق أنفق نحو 81 مليار دولار على قطاع الكهرباء، وهو إنفاق غير معقول دون أن يصل إلى حل المشكلة من جذورها.

وبحسب الخبير الاقتصادي أحمد الهذال فان قطاع الطاقة في أغلب البلدان يعد من أهم الادوات التي تحفز الاقصاد”، مشيراً إلى أنه “يرتبط بشكل وثيق مع القطاعات الصناعية والزراعية باعتباره المشغل الأساس لتلك القطاعات».

وقال في تصريح لـ”الصباح”: إنَّ “الاقتصاد العراقي يتعرض إلى خسائر كبيرة وفادحة بسبب النقص الحاد في تجهيز الطاقة الكهربائية”، موضحاً أنَّ “الحكومات المتعاقبة لم تتمكن طيلة السنوات الماضية من بناء محطات كبرى قادرة على تعويض هذا النقص». 

وأكد الهذال أن “لا تنمية اقتصادية بدون قطاع متكامل للطاقة الكهربائية، لافتاً إلى أنَّ “ تكاليف العمل في القطاعات الصناعية والزراعية ستكون باهظة في ظل تراجع ساعات التجهيز، ما يعني الاستمرار في استيراد أغلب السلع والبضائع».

ويوضح تقرير لمعهد بروكينغز، أنَّ العراق يخسر سنوياً نحو 40 مليار دولار بسبب نقص إنتاج الطاقة، وتشمل الخسائر الأموال الكبيرة التي يصرفها العراقيون على شراء الكهرباء، والخسائر في قطاعات الصناعة والزراعة والمشاكل الصحية التي يسببها الانقطاع المستمر للطاقة، حيث يشتري العراقيون الأمبير الواحد من أصحاب المولدات بنحو 20 دولاراً شهرياً، مضافاً إليها تكاليف متوقعة للصيانة، وبفترة تجهيز يصل مجموعها إلى 14 ساعة يومياً.

بدوره، يرى الخبير الاقتصادي مصطفى أكرم حنتوش في تصريح لـ”الصباح”، أنَّ “ملف الكهرباء يعد من الملفات التي تستنزف الاقتصاد العراقي منذ 30 عاماً”، مشيراً إلى أنَّ “المبالغ المصروفة على قطاع الكهرباء منذ 2003 تجاوزت الـ60 مليار دولار، إلا أنها لم تنجح بحل تلك المشكلة».

وأضاف أنَّ “40 مليار من المبلغ المصروف ذهب الى جيوب الفاسدين”، لافتاً الى أنَّ “تحرك الحكومة الحالية لا يختلف عن الحكومات السابقة بشأن هذا الملف، اذ لا تزال مستمرة في ضخ تريليونات الدنانير الى وزارة الكهرباء بدون أي جدوى». 

ويكشف حنتوش عن “وجود تجارب ناجحة في العالم لحل مشكلة الكهرباء، كمصر والمغرب ودول أخرى، من خلال التعاقد مع شركات عالمية بالآجل وتوفير الطاقة بشكل سلس وتفعيل نظام الجباية بشكل صحيح».

ويشير تقرير لوكالة الطاقة الدولية، إلى أنَّ قدرة العراق الإنتاجية من الطاقة الكهربائية تبلغ حوالي 32 ألف ميغاواط، لكنه غير قادر على توليد سوى نصفها بسبب شبكة النقل غير الفعالة التي يمتلكها، وتشير التقديرات إلى أنَّ العراق يحتاج إلى 40 ألف ميغاواط من الطاقة لتأمين احتياجاته، عدا الصناعية منها.

وعلى غرار ما يحدث منذ أعوام، قدمت وزارة الكهرباء أحد أهم الأسباب التي تقف وراء تراجع ساعات الإمداد، حيث قال المتحدث باسم الوزارة، أحمد موسى في تصريح صحفي: إنَّ “انحسار إطلاقات الغاز المورد عاودت تأثيرها الواضح في منظومة الكهرباء، وبالتالي توقفت جملة من المحطات وفقدان كمية تتراوح بين 5 ـ 6 آلاف ميغاواط».

واحتل العراق بحسب تقرير صادر عن البنك الدولي، المركز الثاني عالمياً للسنة الرابعة على التوالي بين أعلى الدول إحراقاً للغاز الطبيعي، حيث جاء بعد روسيا وتبعته الولايات المتحدة ثم إيران، وليس هذا فحسب، بل إن كمية الغاز التي يحرقها العراق يومياً وفقاً لبيانات وكالة الطاقة الدولية تكفي لإمداد ما لا يقل عن 3 ملايين منزل بالطاقة الكهربائية التي يعاني العراقيون من شحها منذ أعوام.