مختصون يدعون لوضع قوانين فعّالة لدعم المنتجات الوطنية

العراق 2019/04/27
...

بغداد /هدى العزاوي / مهند عبد الوهاب 
 
استجابة لمطالب المنتجين والصناعيين العراقيين ودعماً للمنتج الوطني المحلي، وفي خطوة هي الأولى من نوعها قرر مجلس الوزراء قبل أيام منع استيراد بعض المنتجات الصناعية (المرطبات والعصائر) ابتداءً من حزيران المقبل وفق المادة (60) من قانون الموازنة الاتحادية لسنة 2019، وجاءت الاستجابة بعد مطالبات دعا فيها عدد من النواب وأصحاب المعامل المختصين في الشأن الاقتصادي الى منع استيراد منتجات الصناعة الغذائية والتمور والفواكه والخضر التي لها منتج محلي مماثل يغطي احتياجات السوق المحلية، تماشياً مع رؤية تنشيط القطاع الصناعي التي كانت في مقدمة أهداف البرنامج الحكومي الذي وضعه رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، وسط تزايد المطالبات بمنع الاستيراد الفوضوي واستباحة السوق العراقية.
وأوضحت وزارة الصناعة والمعادن أن قرار مجلس الوزراء الذي ينص على ايقاف استيراد العصائر والمرطبات والآيس كريم الذي صدر يوم الثلاثاء الماضي سيدخل حيز التنفيذ ابتداءً من شهر حزيران المقبل، وقالت الوزارة في بيان تلقته “الصباح”: إن “مجلس الوزراء وبجهود وتدخل شخصي وعاجل من وزير الصناعة الدكتور صالح عبدالله الجبوري اتخذ قراراً خلال جلسته الاعتيادية المنعقدة الثلاثاء بإيقاف استيراد العصائر والمرطبات والآيس كريم من خلال تفعيل المادة (60) من قانون الموازنة العامة للعام الحالي، التي تنص على منع استيراد منتجات الصناعات الغذائية (المرطبات والعصائر) والتمور والفواكه والخضر والتي لها منتج محلي مماثل يغطي السوق المحلية”.
 
منتجات محلية
عضو تحالف سائرون النائب جواد حمدان، أوضح في تصريح خاص لـ”الصباح”، “ضرورة الاعتماد على المنتجات المحلية التي تغطي الاحتياجات العامة للبلد والتي تضاهي بصناعتها المنتجات المستوردة”.
وأكد أن “توجهاتنا تصب في دعم التظاهرات التي قام بها أصحاب معامل المنتجات الغذائية والمرطبات والعصائر والألبان للمطالبة بحماية منتجاتهم التي أفضت إلى لقاء مع وزير الصناعة وبحضور رئيس اتحاد الصناعات العراقية، والاتفاق على آلية منع استيراد المواد الغذائية المشابهة لمنتجاتهم بعد أن أعلن أصحاب هذه المنتجات عن قدرتهم على تغطية السوق المحلية بالمواد الغذائية دون اللجوء الى استيراد المماثل منها من الدول الجوار”، مضيفا: “ستطرح 13 مادة للنقاش في مجلس الوزراء من الممكن صناعتها محليا وبكفاءة تضاهي المنتج المستورد”. 
من جانبها، أشارت عضو اللجنة الاقتصادية النائب ندى شاكر جودت إلى ضرورة “تقنين استيراد المواد المماثلة للصناعات المحلية التي تسد حاجة السوق، اضافة الى تفعيل أجهزة التقييس والسيطرة النوعية لقياس أهمية المواد ومدى صلاحية المستورد منها”.
وأوضحت جودت خلال حديثها لـ”الصباح”، أن “المنتجات المحلية خالية من المواد الحافظة التي تضر وبشكل كبير على صحة المواطن وهذا ما لا تتمتع به المواد المستوردة التي تحتوي على المواد الحافظة والكيمياوية، لذا يجب أخذ هذا الأمر بنظر الاعتبار من قبل الجهات المعنية والتشديد على أهمية تشجيع المنتج الوطني”.
مؤكدة، أن “جميع الاتفاقات التي أبرمها العراق مع دول الجوار تصب في مصلحة تشغيل عجلة الاقتصاد، فضلاً عن ضمان حماية المنتج المحلي وإنشاء صناعات ترتقي بسمعة الصناعة العراقية”.
وأفاد عضو تحالف الفتح النائب وليد السهلاني في تصريح خاص لـ”الصباح”، أنه “على الحكومة دعم المنتج المحلي وتشريع القوانين اللازمة لحماية الصناعة الوطنية التي تمثل دوراً ريادياً في تحريك عجلة الاقتصاد العراقي وتحقيق تنمية مستدامة ضمن عوامل ضبط قانونية؛ منها تقنين المستورد بما يتماشى مع حاجة السوق العراقية، لذا على أصحاب المعامل أن يبذلوا جهداً استثنائياً في انتاج مواد تضاهي المنتج المستورد”.
حماية الصناعة الوطنية
وبين الناطق باسم وزارة الصناعة والمعادن عبد الواحد الشمري، “لقد أصدرت الوزارة في وقت سابق قرار حماية المنتجات كالعصائر والمرطبات ومنع دخول المستورد،  وذلك لأن شركات القطاع الخاص تستطيع سد الطلب المحلي لتلك المنتجات، إلا أن عدم تطبيق قانون التعرفة الجمركية بشكل صحيح سمح بدخول الكثير منها عبر المنافذ الحدودية، اضافة الى عدم التزام قسم من وزارات الدولة بقانون حماية المنتج المحلي اسهم وبشكل كبير على إغراق السوق بالمواد المستوردة المماثلة للمنتج الوطني”.
ويضيف الشمري خلال حديثه لـ”الصباح”، إن “وزير الصناعة والمعادن وجّه مدير عام  دائرة البحث والتطوير في مقر الوزارة بالعمل على تفعيل المادة رقم (60) من قانون الموازنة لعام 2019 الذي يخوّل مجلس الوزراء في التصويت مباشرة على منع المنتجات المستوردة المشابهة للمواد المحلية”، مبيناً أن “هناك ما يقارب 84 قانوناً لحماية المنتج المحلي نتمنى تفعيلها بشكل صحيح لإعادة الصناعة وأن تتصدر عبارة (صنع في العراق) التي تحمل المواصفات العالية الجودة الاسواق المحلية”.
وكشف الناطق باسم الصناعة، عن “وجود ما يقارب 283 مصنعاً في العراق، 150 منها تعمل بطاقة انتاجية مختلفة تتراوح ما بين 25 و50 و75 بالمئة، وماتبقى منها والبالغ عددها 133 مصنعاً متوقفة بسبب عمليات السرقة ولا نستطيع إعادة تشغيلها لأنها تتطلب مبالغ مالية طائلة إضافة الى تقادم خطوط انتاجها”، لافتاً إلى أنه “تم عرض ما يقارب 186 مصنعاً كفرصة استثمارية وقعت عليها شركات عراقية وعربية وأجنبية وتوفير جميع التسهيلات لإعادة المصانع الى سابق عهدها وبشكل أفضل”.
 
المنافذ الحدودية
ورداً على الاتهامات التي طالت تقاعس المنافذ الحدودية عن تأدية واجبها بشكل صحيح والسماح بادخال المنتجات المحظورة، أكد مصدر في هيئة المنافذ الحدودية لـ “الصباح”، أن “الهيئة جهة رقابية تدقق إجراءات تطبيق الكتب الخاصة للجهات التنفيذية المتواجدة في المنافذ، وبناء على الرزنامة التي تصدرها وزارتا الصناعة والزراعة  تحدد المواد المحظورة لحماية المنتج المحلي أو برفع  الحظر عنها وإدخالها بسبب شح المنتج، لذا لا نسمح بدخول أي منتج دون كتاب رسمي من الجهات المعنية هذا من جانب، ومن جانب آخر إذا تم ادخال السلع على شكل تهريب فإنه يجري تشكيل لجنة من قبل وزارة الصحة وشعبة الأمن الوطني والمخابرات وبرئاسة مدير المنافذ وبإشراف هيئة المنافذ الحدودية  لإتلافها”. ويوضح المصدر، أنه “على الرغم من الاتفاق الاخير بين رئيس الهيئة واقليم كردستان لدعم المنتج المحلي وتوحيد التعرفة الجمركية بين الطرفين، إلا أن اقليم كردستان غير ملتزم بالاتفاقية ولايمكن منع دخول تلك المواد المحظورة كالعصائر كونها غير تابعة لهيئة المنافذ”، وأضاف، إنه “على ضوء اجتماع مجلس النواب الأخير، فإننا بانتظار قرار اخضاع منافذ الاقليم لسلطة الحكومة الاتحادية وأن تعود وارداتها الى خزينة الدولة لوزارة المالية الاتحادية”.
 
صنع في العراق
ومن جانبه، أشار نائب رئيس جمعية الاقتصاديين العراقيين باسم جميل انطوان في تصرح خاص لـ”الصباح”، إلى “صدور قانون لحماية المنتج الوطني رقم 11 لسنة 2010 الذي أقره مجلس النواب مع ثلاثة قوانين أخرى (قانون حماية المستهلك، قانون التعرفة الجمركية، قانون منع الاغراق السلعي والتنافسي) ومع الأسف الشديد هذا القانون صدر يتيماً ولم يطبق كونه مرتبطاً وبشكل وثيق مع تطبيق القوانين الثلاثة الاخرى”.
ولفت أنطوان إلى أن “الاسواق العراقية جرت استباحتها منذ أن أصدر بريمر تعرفة جمركية خمسة بالمئة على المنتجات التي تدخل العراق بمعزل عن نوعيتها ومطابقتها للشروط الصحية والموافقات العراقية، ومنذ ذلك اليوم بدء المنتج المحلي يتحجم، واستمرت هذه العملية ولم تعط فرصة للمنتج الوطني للتقدم والمنافسة 
سواء إن كان من ناحية القطاع العام أو الخاص حتى انخفض المنتج المحلي الى واحد ونصف بالمئة بعدما كان 18 بالمئة، ليصبح المنتج عاجزاً عن مقاومة الغزو الهائل لسلع شرق آسيا ودول الجوار، إضافة الى تعطيل الكثير من المصانع وبيعها بأسعار زهيدة  جداً”.
وأكد أنطوان، “لقد استطعنا أن نحقق حماية لـ30 نوعاً من المنتجات العراقية؛ في مقدمتها الاسمنت والمشربات الغازية (بيبسي كولا) ونحن بصدد التوجه لحماية الالبان والعصائر والمرطبات وكل صناعة لها مواد أولية محلية تستطيع تلبية احتياجات السوق، وبذلك يمنع الاستيراد
وتحقيق كفاية ذاتية وتوفير العملة النادرة التي تهرب الى الخارج والتقليل من نسب البطالة وتشغيل الايادي  العاملة”.
ويشير انطوان خلال حديثه لـ”الصباح”، الى أن “على السياسيين والبرلمانيين النظر الى الصناعة المحلية بعيون وطنية وألا يسمحوا لدول الجوار تحقيق جدوى اقتصادية من خلال ترويج منتجاتها على حساب المنتج المحلي، فالمنهاج الوزاري لرئيس الوزراء عادل عبد المهدي كان واضحاً وفي مقدمته تطوير القطاع الصناعي وتحقيق الكفاية؛ لا أن نفتح اسواقا ومولات لا نجد فيها عبارة (صنع في العراق)”، مطالباً “بدعم البضاعة العراقية وذلك من خلال رفع الضرائب وفق ستراتيجية قانون حماية المنتج الوطني وتشكيل هيئة لمتابعة حماية المنتج الوطني لوجود خلافات في المحاصصة السياسية التي لعبت دوراً في إصدار قانون الحماية”.
 
رابطة الصناعيين 
(توحيد التعرفة الجمركية من الفاو إلى زاخو أثر وبشكل كبير في المنتج المحلي وسمح بدخول المواد المماثلة لمنتوجاتنا وبأسعار زهيدة جداً)، بهذه العبارة استهل (وسام جبار) صاحب معمل للمرطبات حديثه لـ”الصباح”، مؤكداً، “لقد شكلنا رابطة على مواقع التواصل الاجتماعي للصناعيين العراقيين لدعم الصناعات الغذائية والعصائر والمرطبات والالبان والمياه المعدنية، وطالبنا من خلالها ومن خلال التظاهرات التي أجريناها في محافظة السليمانية والبصرة وأربيل وبغداد بحماية المنتج المحلي ومنع استيراد المنتجات التي لها منتج محلي مماثل يغطي احتياجات السوق المحلية”. ويوضح جبار، أنه “قبل توحيد التعرفة الجمركية والسماح بدخول المنتجات المماثلة لمنتجاتنا وبأسعار - أقل ما يقال عنها بخسة الثمن- كان عدد العاملين في المعمل 350 عاملا بوجبتيه الصباحية والمسائية وقد تم الاستغناء عن أغلبهم بعد أن قل الانتاج ليصل عدد العاملين الى 100 عامل”، لافتاً، الى “إننا نعمل بطاقة انتاجية تصل الى 30 أو 35 بالمئة، بينما نستطيع أن نسد حاجة السوق بالمنتج المحلي دون الحاجة الى الاستيراد وهذا ما وعد به أصحاب هذه الصناعات عندما قابلوا وزير الصناعة، لذا نأمل بتفعيل مادة (60) من قانون الموازنة ومنع استيراد منتجات الصناعة الغذائية والمرطبات والعصائر والتمور والفواكه  والخضر”.
ويطالب صاحب معمل ألبان هو (خالد الحاج علي)، بحماية المنافذ الحدودية ومنع ادخال البضائع التي يكون عليها حظر وفقا للرزنامة الزراعية أو الصناعية، فضلا عن توفير المواد الاولية لمعاملهم لغرض أن تكون الصناعة عراقية 100 بالمئة.
ويشير الحاج علي في حديثه لـ “الصباح”، إلى أن “عدد العاملين في شركته بلغ 750 عاملا تم الاستغناء عن أغلبهم والابقاء على 200 عامل، وذلك بسبب عدم قدرتهم على منافسة المنتج المستورد الى العراق والعمل بطاقة انتاجية تصل الى 15 بالمئة من انتاج الالبان والعصائر والمرطبات”. 
ولم يبتعد كثيرا، عداي الشمري، صاحب معمل الاوائل للمرطبات، عن الاراء السابقة، حينما اكد لـ”الصباح” اهمية القرار الذي اتخذته الحكومة بمنع استيراد المصنعات التي تنتج محليا، لافتا الى ان معمله اضطر الى تقلص عدد العاملين فيه الى النصف جراء غزو المنتجات المستوردة، واضراره لايقاف عدد من خطوط الانتاج، لافتا الى ان المنتج المحل بات يضاهي ويتفوق على نظيره المستورد، لاسيما عقب استيراد مكائن متطورة من مناشئ عالمية.