إجراءات فاعلة توقف «جموح الدولار» وترحيب بمبادرة الـ «TBI»

اقتصادية 2023/07/31
...

 بغداد: حيدر فليح الربيعي وحسين ثغب 


أفضت الإجراءات السريعة التي اتخذتها السلطتان المالية والنقدية في البلاد، إلى السيطرة على "جموح" الدولار، وخفض سعر صرفه إلى حدود الـ1500 دينار في السوق الموازية، لاسيما عقب الإجراءات التي وصفها مختصون بالشأن الاقتصادي بـ"الفاعلة" والتي تضمنت توسيع نطاق عملية التحويل المالي الخارجي للتجار من خلال مصرف الـ"  TBI"  الذي قرر منح مبلغ يصل إلى 100 آلاف دولار لرجال الأعمال بهدف تغطية بضائعهم المستوردة.

ووفقا لذلك الإجراء، فإن مراقبين يرون، إمكانية انحدار أسعار الدولار أمام  الدينار بشكل ملحوظ خلال الأيام المقبلة، مؤكدين أن تلك الخطوة من شأنها توفير عرض سلعي مرن، ويساعد على ثبات الاستقرار في السوق الموازية للصرف.

وسجلت أسعار "العملة الخضراء" تراجعا ملموسا خلال اليومين الماضيين بعد أن سجلت ارتفاعا واضحا الأسبوع الماضي، في وقت يرجح خلاله خبراء اقتصاد أن ينجح البنك المركزي في كبح جماح الدولار الموازي عبر إجراءاته الهادفة إلى السيطرة على السعر الموازي، مؤكدين أن "السلطة النقدية" قادرة رفع قيمة الدينار بشكل كبير خلال الفترات المقبلة.

الخبير الاقتصادي، وعضو مجلس تطوير القطاع الخاص في وزارة التخطيط، الدكتور علي هادي جودة، أكد لـ"الصباح" أن "البنك المركزي يمتلك حلولا بدأ تطبيقها فعليا للسيطرة على سعر الصرف الموازي، منها تسريع الحوالات ومراقبة السوق السوداء، مبينا أن تلك الإجراءات ستتم ملاحظة نتائجها قريبا جدا".

ولفت هادي، إلى أن "السياسة النقدية للعراق بحاجة إلى إدارة المعروض وحوكمة الطلب للسيولة الدولارية، والإشراف على استقرار سعر الصرف الذي هو هدف سام ذو بعد إنساني واقتصادي، الأول كونه المتحكم بسلة المستهلك من الطبقات الاجتماعية الهشة، والثاني يتمثل بقتل دالة الاستثمار والإنتاج واستنزاف الاحتياطي النقدي".

بدوره، قال الخبير الإعلامي للمصرف العراقي للتجارة، عقيل الشويلي، خلال حديثه لـ"الصباح" إن "المصرف عمد إلى توسيع نطاق عملية التمويل الخارجي للتجارة، أي يستطيع أي تاجر أن يحول ما مقداره 100 آلاف دولار شهريا، وبسعر 1320 دينارا، وسيتم التوسع بهذا التوجه قريبا في بقية المحافظات، إذ يستطيع التاجر أن يجلب المستمسكات المطلوبة ويكون التحويل إلى مصرف وليس أشخاصا".

ولفت الشويلي، إلى أنه "انطلاقاً من توجيهات رئاسة مجلس الوزراء والبنك المركزي العراقي للحد من ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الدينار في الأسواق المحلية، ولدعم عملية الاستيراد وفق الأطر القانونية والسياقات الصحيحة والسليمة بما يضمن سلامة عمليات التحويل المالي، التي تنعكس إيجاباً على التجار الأفراد وأصحاب المحال التجارية، قرر المصرف العراقي للتجارة TBI المبادرة بتوسيع نطاق عملية التحويل المالي الخارجي".

بدوره، رحب المستشار المالي لرئيس الوزراء، الدكتور مظهر محمد صالح بخطوة المصرف العراقي للتجارة، مؤكدا أن الخطوة تأتي ضمن حراك واسع لثبات استقرار أسعار صرف الدولار.

وقال صالح، إن "التجارة الخارجية لصغار التجار تشكل الرقم الأعلى في نشاط السوق التجاري الاستيرادي وقد تصل نسبتها إلى 60 بالمئة من احتياجات السوق المحلية من البضائع المستوردة".

وأضاف، "أن خطوة الـTBI  تأتي بهدف فك الحلقة التجارية التمويلية المحتكرة لتمويل التجارة الخارجية ومجمل عمليات التحويل الخارجي المترتبة كقوى وسيطة خطرة والتي تحمل الكثير من الضوضاء الملونة بين التاجر الصغير وتمويل التجارة بالعملة الأجنبية سواء في موقف الامتثال الدولي أو التصرف بالعملة الأجنبية خارج ضوابط الاستقرار".

وأشار صالح، إلى أن "هذا الأمر سيؤدي إلى توفير عرض سلعي مرن ويساعد على ثبات الاستقرار في السوق الموازية للصرف، فضلاً عن إبعاد قوى الاحتكار التجاري عن أخطر عملية وساطة بين صغار التجار وسوق الصرف وبما يحقق تنافسية مستقرة يتطابق فيها سعر الصرف الموازي مع سعر الصرف الرسمي تدريجياً".

المختص بالشأن المالي، الدكتور سلوان النوري، بين لـ"الصباح" أن "الإجراء  الأخير بتوفير الدولار لصغار التجار وبإجراء ميسر يقود إلى تراجع الطلب على الدولار في السوق الموازية، الذي بدوره يقود إلى عودة مرحلية لأسعار  الصرف عند مستويات مقبولة لا تؤثر في واقع الأسواق المحلية، ثم إلى استقرار أسعار الصرف قرب السعر الرسمي المحدد من قبل المركزي العراقي". 

ولفت إلى أن "تقليل الطلب على الدولار داخل السوق الموازية أمر غاية في الأهمية، وحسنا عملت الحكومة والجهات المعنية حين توجهت إلى تحقيق انسيابية عالية في توفير الدولار لتغطية العمليات التجارية ولجميع الفئات من التجار". 

ونبه النوري إلى أن "حجم التجارة الخارجية كبير وعلينا أن نعمل على تبني آليات تعمل على تغطية التجارة الحقيقية بالعملة التي تتطلبها والتي بدورها سوف تحقق استقرارا في أسعار المعروضات داخل الأسواق المحلية".