الإجازة الوظيفية بين المزايا والعيوب

اقتصادية 2023/08/02
...

ياسر المتولي 



ما جدوى منح الموظف إجازة رسمية لمدة خمس سنوات براتبٍ اسمي؟ حين تتجه وزارة المالية لمنح الموظفين إجازة لمدة خمس سنوات براتب تام تهدف  إلى تحقيق مزايا متعدة منها التخفيف عن زخم موظفي الدولة في مختلف الوزارات ومؤسساتها ودوائرها المتخمة بالبطالة المقنعة هذا أولاً: وثانياً قد تهدف  إلى خفض النفقات التشغيلية في حقل الرواتب .

وثالثاً قد تسعى  إلى توفير بعض الدرجات الشاغرة لفسح المجال لتعيينات جديدة لامتصاص جزء يسير من العاطلين وهذه الميزة تتقاطع وتتناقض مع تفريغ الدوائر من فائض العمالة.

ورابعاً وهو سبب قد يكون وجيهاً يهدف  إلى إعطاء فرصة لذوي المرتبات المنخفظة لتحسين أوضاعهم المعيشية في البحث عن فرص عمل في القطاع الخاص لكنه يتقاطع مع فرص العاطلين أصلاً ولهذا أسبابه لا مجال لشرحها.

والأهم أن هذا القرار يخدم المرأة على وجه الخصوص ذات الولادة الحديثة لتتفرغ لتربية أطفالها.

هذه تبدو أبرز المزايا التي تلمَّسناها من حيثيات وخلفيات القرار ، ولكن ما العيوب التي تشوب هذا القرار أو التي تترشح عنه؟

هنا تبرز مشكلة الاستفادة من الفرص المتوقعة لأصحاب المرتبات المنخفظة حيث ستنتقل  إلى أصحاب الدرجات العليا وأصحاب الرواتب المجزية لأسباب مختلفة من بينها الخبرة التي يمتلكها هذا الموظف فتتلاقفه الشركات برواتب أعلى مما يحصل عليها في وظيفته وخصوصاً في اختصاصات مهمة فنية وهندسية وطبية ومالية ومحاسبية هذا أولاً .

والعيب الثاني أنه غالباً ما تُعطى الفرص لبعض المتنفذين أي الدرجات الخاصة ومعاوني المديرين العامين ورؤساء أقسام ممن لهم تأثير في دوائرهم فتتلاقفهم الشركات التي لها تعاملات مباشرة مع تلك الدوائر وهذه النقطة لاتحتاج  إلى تفسير .

وثالثاً في تقديري أن هذا القرار سيُسهم في تسرُّب الاختصاصات والكفاءات المهمة في الدولة وتفرغ منهم كأساتذة الجامعات والأطباء والمهندسين وغيرهم وهنا لابد من قياس حجم التكلفة الاجتماعية من جانب حسابات جدوى القرارات وأهميتها. 

إن هذه الجزئية وأقصد تسريب الكفاءات لها انعكاسات على واقع الخدمات المقدمة .

وهنا عند مقارنة المزايا والعيوب لهذا القرار ستجد أن الكفة تميل لصالح كفة العيوب  ولكي يكون القرار مدروساً لابد من التفات  إلى الجوانب المهمة التالية  .

إن المعالجات  لهذا الواقع تتطلب  وضع  ضوابط وآليات لتنفيذ القرار  تحكم السيطرة على العيوب للمحافظة على توازن أداء أجهزة الدولة وعدم إفراغ الدوائر الخدمية ذات المساس بحياة المواطن من الخبرات والكفاءات .

من جانب آخر ولغرض استثمار توفير درجات وظيفية شاغرة يتعين منح مثل هذه الإجازات  إلى الأعمار التي تقترب من سن التقاعد وتلك الوظائف الثانوية لكي يكون البديل قد أُحل بدرجة شاغرة وليست إضافية .

أماذا إذا أُطلق القرار بدون ضوابط فإن ذلك  سيعني حرمان العاطلين من فرص العمل في القطاع الخاص نظراً لتنافس الخبرات وإذا أُخذت هذه التوصيات عند ذلك تتحقق الجدوى الاقتصادية لقرار الإجازة براتب اسمي التي تهدف الدولة لتحقيقها.

وعلينا أن ندرك أن التكلفة الاجتماعية لأي قرار تفوق أي تكلفة مادية والشواهد كثيرة.