سلام مكي
منح المشرع هيأة النزاهة، اختصاصا مختلفا عن اختصاصات باقي الهيآت، حيث نصت المادة 21 من القانون 30 لسنة 2011: تعد الهيأة الجهة التحقيقية المختصة من بين الجهات الثلاثة لاتخاذ الاجراءات التحقيقية الجزائية المناسبة بشأن التحقيق في قضايا الفساد. من خلال هذا النص، تستقرئ الدور المهم والمحوري للهيأة في متابعة الاجراءات التحقيقية الخاصة بقضايا الفساد. ويمكن ان نقرأ أيضا ان الاجراءات التحقيقية التي تقوم بها باقي الجهات، تعد مكملة ومساعدة للتحقيق الذي تقوم به الهيأة وهو بمثابة وثيقة تستأنس بها الهيأة في سبيل الوصول الى نتائج التحقيق التي يمكن اعتمادها من قبل المحكمة المختصة في اتخاذ الاجراء القانوني المناسب بحق الموظف المحال اليها. كما ان المادة 2 من قانون الهيأة نصت : تعمل الهيأة على المساهمة في منع الفساد ومكافحته واعتماد الشفافية عن طريق: التحقيق في قضايا الفساد طبقا لأحكام القانون، بواسطة محققين تحت اشراف قاض التحقيق المختص ووفقا لأحكام قانون اصول المحاكمات الجزائية. الواقع العملي الذي تشهده محاكم التحقيق المختصة بنظر قضايا النزاهة، يشهد اتخاذ عدد من الاجراءات الادارية والاعمامات الصادرة من قبل مجلس القضاء الاعلى ومجلس الوزراء بخصوص التحقيق الاداري. حيث وجهت الأمانة العامة لمجلس الوزراء كتابا بالعدد ق/2/1/27 في 3/3/2014 الى كافة مؤسسات الدولة، توجه فيه ضرورة الالتزام بتطبيق أحكام المادة 10 من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم 14 لسنة 1991 المعدل. وتضمن الكتاب: عدم مفاتحة القضاء او هيأة النزاهة حول الأفعال التي تنسب الى الموظف في غير حالة الجرم المشهود الا بعد اجراء التحقيق الاداري من قبل اللجنة المشكلة بموجب المادة 10 وتوصيتها بإحالة القضية الى المحكمة المختصة عند تحقق العنصر الجزائي. هيأة النزاهة بدورها وجهت كتابا الى الأمانة العامة لمجلس الوزراء بالعدد ق ش/1/172/4155 في 8/6/2014 ترد فيه على كتاب الأمانة. تضمن الكتاب مجموعة فقرات منها:
اولا: ان التوجيه اعلاه بإشارته لعدم مفاتحة هيأة النزاهة في موضوع اللجنة لا بالنسبة للجرم المشهود عطل كليا نص المادة 1 من قانون الهيأة التي تحدد النظر في قضايا الفساد من اختصاص الهيأة ان كان التحقيق الذي تجريه الهيأة يدور حول شبهة فساد او هدر للمال العام كما ان التوجيه المذكور تجاهل دور المفتش العام الذي يتجسد بالقسم 1 من الأمر 57 لسنة 2004 الذي خوله صلاحية التحقيق بغية رفع مستويات المسؤولية والنزاهة. ومنع وقوع اعمال التبذير والغش واساءة استخدام السلطة.
ثانيا: ان التوجيه يتعارض مع نص الفقرة رابعا من المادة 21 من قانون الهيأة التي اشارت الى وجوب قيام المفتش العام باخبار الهيأة والجهات التحقيقية المناسبة بكل ما يعد جريمة وبالتالي فالوجوب يلزمه بإعلام الهيأة حتى وان لم تتم المصادقة على التوصيات.
ثالثا: ان التحقيق الاداري ليس الا صورة من صور الرقابة اللاحقة التي تملكها الوزارات والجهات الرسمية التي تمكنها من ضبط سلوك موظفيها من جهة وتحديد المسؤولية الانضباطية للمفاصل والتشكيلات والأفراد من جهة أخرى..رابعا: لابد من مراعاة عدم الخلط بين مفهوم التحقيق الاداري الفني الذي يتطلبه القضاء احيانا وهيأة النزاهة او الجهة المختصة والمستند الى القوانين الجنائية او الاجرائية او الرقابية الذي يتخذ القضاء نتائجه كقرينة يسترشد بها على سبيل الاستئناس وبين التحقيق الاداري المستند الى قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام الذي تساعد نتائجه القضاء او هيأة النزاهة او اية جهة رقابية في تحديد مسارات التحقيق وتكوين القناعة ببعض الاجراءات.