الجديد في مشروع تعديل قانون هيئة النزاهة رقم30 لسنة 2011

العراق 2019/04/29
...

القاضي ناصر عمران الموسوي
جاء في مستهل البيان الصادر للأمر (55) لسنة 2004 والصادر من المدير الاداري لسلطة الائتلاف المؤقتة والذي بموجبه تشكلت (المفوضية المعنية بالنزاهة ) كجهاز مستقل مسؤول عن تنفيذ وتطبيق قوانين مكافحة الفساد ومعايير الخدمة العامة  ( ... ان الفساد آفة تصيب الحكومة الصالحة بالهلاك وتبتلي حالة الرخاء و الازدهار ,واعترافا بأن الشعب العراقي يستحق قادة يتسمون بالنزاهة ويكرسون انفسهم لشفافية الحكم في العراق
وتأكيدا على ان الحكم الفعال يعتمد على ثقة الشعب العراقي بحكامه ، وعلى ان الفساد يزعزع تلك الثقة ..)  وبعد صدور قانون هيئة النزاهة رقم 30 لسنة 2011 والذي الغى الامر رقم 55 لسنة 2004 جاء في الاسباب الموجبة للقانون المذكور( لتنظيم عمل هيئة النزاهة وبيان اختصاصاتها ومهامها وصلاحياتها التي تمكنها من أداء هذه المهام في سبيل رفع مستوى النزاهة والحفاظ على المال العام ومحاربة الفساد وتنظيم العلاقة بينها وبين الأجهزة الرقابية الأخرى واستناداً لأحكام المادة 102 من الدستور صدر
 هذا القانون ) . 
ان مرحلة زمنية ليست بالقصيرة من عمل هيئة النزاهة وضعت عملها في ميادين الاختبار وامكن للجهات الرقابية الداخلية والدولية ان تضع ملاحظات واضحة عن ضرورة تفعيل عملها بالشكل الذي يحقق انتاجية على المستوى الداخلي في مكافحة الفساد وعلى المستوى الدولي وبالتالي نقل العراق الى مراحل متقدمة ضمن التصنيف الدولي للشفافية الدولية لمكافحة الفساد وقبله تعزيز ثقة المواطن بالمؤسسات الحكومية ولان هيئة النزاهة هيئة مستقلة طبقا للدستور وحسب المادة (102 ) وتخضع لرقابة مجلس النواب وامام التحديات الخاصة في ميدان عملها والرؤى الجديدة للحكومة باعتبارها المسؤولة عن ادارة السياسة العامة للدولة والتي انتجت تشكيل مجلس اعلى لمكافحة الفساد مع ظهور الدعوات النيابية المستندة على المطالبات الشعبية والجماهيرية والتي اثمرت عن قرارات اولية لمجلس النواب من حيث المبدأ بإلغاء مكاتب المفتشين العموميين  ومنح جهاز الادعاء العام دور رقابيا عبر مكاتب له في الوزارات والهيئات المستقلة وهو ما ينص عليه قانونه الجديد وفي ضوء كل ذلك  صار لزاما على الهيئة ان تعيد تفعيل دورها وتأشير مجموعة من العقبات تقف  بطريق دورها في مكافحة الفساد ولان الفساد لا يحده مكان و لا يرتبط بزمان فهو يتسع كلما وجد له مساحة من الانتشار ولغرض اتساع الدور الرقابي للهيئة جاء في الاسباب الموجبة للتعديل الاول لمشروع قانون هيئة النزاهة  رقم 30 لسنة 2011  ما نصه ( لغرض امتداد صلاحيات هيئة النزاهة إلى الجرائم المرتكبة في الاتحادات والنقابات والمنظمات غير الحكومية والجمعيات المهنية وللاستجابة لالتزامات العراق الدولية ) وهي التفاتة تشريعية لم تأت من فراغ فقد تلقت  المحاكم الكثير من الشكاوى الجزائية والدعاوى المدنية المرتبطة بآفة الفساد مرتبطة بعمل الاتحادات والنقابات والمنظمات غير الحكومية والجمعيات الاهلية ومنظمات المجتمع المدني اضافة الى مشاكل ادارية ظهرت خلال عملها  وقد تناول التعديل في المادة (1) منه والذي ينص على ما يلي ( يلغى نص المادة (1) من قانون هيئة النزاهة رقم (30) لسنة 2011 ويحل محلـــــــــــــــــــه ما يأتي: المادةـــ 1ـــــ يقصد بالتعابير الآتية لأغراض هذا القانون المعاني المبينة إزاؤها :-
أولاً: السلطة التشريعية :- السلطة المنصوص عليها في المادة (48) من دستور جمهورية
 العراق .
 ولدى الاطلاع على نص المادة المذكورة من الدستور نجدها تنص على ان السلطة التشريعية الاتحادية تتكون من مجلس النواب ومجلس الاتحاد وهو امر قد ينشأ تعارضا  في حالة تشريع قانون الاتحاد والذي سيجعل السلطة التشريعية براسين كما هو حال السلطة التنفيذية واذا كان الدستور النافذ قد حدد الصلاحيات بشكل واضح بين  رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء فان الشيء ذاته لم يتم النص عليه  بطبيعة العمل والاختصاصات بين مجلس النواب ومجلس الاتحاد وان كان الامر برمته الان خاضع لما سيتضمنه قانون مجلس الاتحاد ولكن موضوع الاشكالية ان النص كان واضحا دستوريا باستقلال الهيئة ورقابة مجلس النواب ولم تتم الاشارة في النص الدستوري الى  رقابة مجلس الاتحاد عليها.
ثانياً: الهيئة : هيئة النزاهة .
ثالثاً:1.قضية فساد : هي دعوى جزائية يجري التحقيق فيها بشأن جريمة من الجرائم المخلة بواجبات الوظيفة وهي ((الرشوة ، الاختلاس ، تجاوز الموظفين حدود وظائفهم ، وأية جريمة من الجرائم المنصوص عليها في المواد (233 ، 234 ، 271 ، 272 ، 275 ، 276 ، 290 ، 293 ، 296) من قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969 المعدل ، وأي جريمة أخرى يتوافر فيها أحد الظروف المشددة المنصوص عليها في الفقرات (5 ، 6 ، 7) من المادة (135) من قانون العقوبات النافذ المعدلة بالقسم (6) من القانون التنظيمي الصادر عن مجلس الحكم (المنحل) الملحق بأمر سلطة الائتلاف المؤقتة (المنحلة) رقم (55) لسنة 2004)) .
ولتحقيق امتداد صلاحيات هيئة النزاهة الى المنظمات والاتحادات والنقابات غير الحكومية والجمعيات الاهلية جاءت  ( ثالثا/ 2 )  لتوسع من مفهوم قضية الفساد  بإضافة جريمة خيانة الامانة وهو الوصف القانوني المناسب للمخالفات والجرائم التي ترتكب على الاموال التي تتلقاها النقابات والمنظمات والاتحادات غير الحكومية والجمعيات الاهلية ذات النفع العام والتي تسهم الدولة في اموالها والتي منحتها الاموال فيها صفة اموال عامة وان موظفيها مكلفون بخدمة عامة وقد صدرت عدة قرارات قضائية اعتبرت فيها الاموال الخاصة بالنقابات والمنظمات والاتحادات اموالا عامة فقدر صدر قرار قضائي اعتبر اموال الجمعيات الفلاحية اموالا عامة وقد نصّ القانون المدنيّ العراقيّ المرقم 40 لسنة 1951 في المادّة  (65 )  منه علىّ أن ( المال هو كل حق له قيمة مادية  ونصّ في المادة ( 61 ف1 ) على انه  : كل شيء لا يخرج عن التعامل بطبيعته أو بحكم القانون يصح أن يكون محلا للحقوق المالية  اما تعريف المال العامِفهو المال الذي يعود إلى الأشخاص المعنوية العامة بوصفها من أشخاص القانون العام , وينتج من ذلك  أن الاشخاص الخاصة لا يكون لها إلاّ أموال خاصة أما الأشخاص المعنوية العامة فلها أموال خاصة وأموال عامة  و ان موظفيها ينطبق عليهم وصف المكلفين بخدمة عامة وتعرف المادة (19/ 2 ) من قانون العقوبات المكلف بخدمة عامة : كل موظف أو مستخدم أو عامل أنيطت به مهمة عامة في خدمة الحكومة ودوائرها الرسمية وشبه الرسمية والمصالح التابعة لها أو الموضوعة تحت رقابتها ويشمل ذلك رئيس الوزراء ونوابه والوزراء وأعضاء المجالس النيابية والإدارية والبلدية كما يشمل المحكمين والخبراء ووكلاء الدائنين (السنديكيين) والمصفين والحراس القضائيين وأعضاء مجالس إدارة ومديري ومستخدمي المؤسسات والشركات والجمعيات والمنظمات والمنشآت التي تساهم الحكومة أو إحدى دوائرها الرسمية أو شبه الرسمية في مالها بنصيب ما باية صفة كانت، وعلى العموم كل من يقوم بخدمة عامة باجر أو بغير اجر ولا يحول دون تطبيق أحكام هذا القانون بحق المكلف بخدمة عامة انتهاء وظيفته أو خدمته أو عمله متى وقع الفعل الجرمي أثناء توافر صفة من الصفات المبينة في هذه 
الفقرة فيه.
كما ان التعديل اعتبر الجرائم الخاصة بالقطاع الخاص جرائم رشوة ورشوة الموظف الاجنبي مشمولة بمفهوم قضية فساد وهوما جاء به التعديل في  (ثالثا /  2) .تُعد قضية فساد الجرائم الآتية :- أ‌.جرائم الفساد وبضمنها خيانة الأمانة التي ترتكب في المنظمات غير الحكومية الممنوحة صفة النفع العام وفي الاتحادات والنقابات والجمعيات المهنية التي تسهم الدولة في أموالها أو التي مُنحت أموالها صفة أموال عامة أو التي مُنح منسوبوها صفة المكلفين بخدمة عامة . ب‌. جرائم الرشوة في القطاع الخاص ورشوة الموظف الأجنبي.
رابعاً: المكلف : هو الملزم قانوناً بتقديم تقرير الكشف عن الذمة المالية . 
خامساً: أولاد المكلفين التابعين له : هم أولاده القاصرون ، أولاده غير المتزوجين ، ومَن لم يستقلوا عنه مالياً ولو كانوا قد تزوجوا أو بلغوا سن الرشد . المادة ـــــ 2 ـــــ يُضاف نص المادة أدناه إلى قانون هيئة النزاهة ويُعدل تسلسل المواد تبعاً لذلك :- المادة ـــــ يُعد مرتكب أحدى الجرائم المنصوص عليها في البند (ثالثاً/2) من المادة (1) من هذا القانون مكلفاً بخدمة عامة لأغراض تطبيق أحكام قانون العقوبات .  ولقد اشار مشروع التعديل الاول لقانون هيئة النزاهة الى  اتساع صلاحيات عمل هيئة النزاهة لتشمل عمل الاتحادات والنقابات والمنظمات غير الحكومية ذات النفع العام والجمعيات الاهلية وبالشروط القانونية الواردة في التعديل وهو الجديد في التعديل وعلى ضوئه  تم تعديل المفهوم القانوني لقضية الفساد  لتدخل جرائم الفساد وبضمنها جريمة خيانة الامانة والرشوة المدفوعة للموظف الاجنبي والرشوة في القطاع الخاص  ومشروع التعديل جاء انسجاما مع التوجه الجديد لعراق ما بعد التغيير وتحررا من الفكرة المركزية الادارية التي تكون محصورة بالحكومة وادواتها التنفيذية دون القطاع الخاص والعمل المهني والنقابي والمنظمات غير الحكومية حسب قانونها رقم 12 لسنة 2010 والجمعيات الاهلية  والاتحادات فلا استثناء في مكافحة الفساد بين القطاع الحكومي العام والقطاع 
الخاص