الغذاء والاستصلاح الزراعي

اقتصادية 2023/08/06
...

وليد خالد الزيدي 



لم تقتصر عملية تأمين الغذاء على زراعة المحاصيل الستراتيجية فحسب بل تلك القضية أصبحت تستند على سياسات وبرامج متشعبة الأطراف متعددة الجوانب لأن توفير الغذاء وتطوير أسس زراعته بشكل شامل تندمج مع أطر متكاملة لتكوين خزين ستراتيجي منه بهدف مواجهة العجز أو النقص الذي قد يحصل نتيجة الظروف الطارئة محلياً أو خارجياً وأهمها برامج استصلاح الأراضي أوقات الوفرة المائية فضلاً عن برامج عملية أخرى.

من عوامل إنجاح عملية تأمين الغذاء وبمحاصيله المتنوعة الإدارة السليمة لتحسين الموارد البيئية وتنمية السوق والتبادل الداخلي والخارجي مع الأخذ  بعين الاعتبار محدودية الموارد المائية وتأثيراتها في البرامج الزراعية المستقبلية لذا يجب إجراء عمليات مرادفة للاستصلاح بالعمل على استخدام بدائل مهمة لترشيد استهلاك كميات المياه المصروفة لهذا الغرض مثل توسيع تجربة أساليب الري الحديثة بواسطة طرق التنقيط  والسعي إلى تطبيق نظام إدارة الجودة الشاملة على إنتاج وتسويق المنتجات الزراعية ومشاريعها وفرض نظام رقابي جيد على تلك العمليات ورفع كفاءة شبكات مياه الشرب للحد من تأثيرها السلبى من خلال إهدار وتبديد كميات المياه بالتسرُّب والسرف العشوائي وتوعية الفلاحين بعدم التوسُّع بزراعة المحاصيل الشرهة فى استهلاك المياه كالرز الذي يتطلب حقولاً مغمورة بالمياه وتربة طينة غرينية وأجواء حارة والذي يمكن زراعته في ظروف مكانية وزمانية أخرى قرب مصادر مياه الأنهار أوقات الزيادات المائية وكذلك قصب السكر ونبات البرسيم رغم أنه من النباتات النشيطة في امتصاص ملوحة الأرض والإقدام على زراعة محاصيل ذات جدوى وعوائد كبيرة كمحاصيل بديلة مثل الحنطة والذرة وأصناف الفاكهة.   

من أهم أشجار الفواكه الموفرة للمياه هي النخيل والرمان وتعد تلك المحاصيل عصب الزراعة حتى فى الأراضي الصحراوية وموفرة للمياه وعالية الإنتاج كما تتحمل الظروف المناخية المعاكسة وفى مقدمتها فترات الجفاف وكذلك أشجار الزيتون ذات القيمة الاقتصادية العالية التي تتحمل ملوحة التربة والعطش وقليلة الاحتياجات المائية وتنتج مواد خام تعتمد عليها صناعة الزيوت النباتية والدوائية ومستحضرات أخرى.

واقع الإنتاج الزراعي الوطني في مجمله سجل مؤشرات متدنية لاسيما  مع انخفاض الدخل الزراعي وتدني المستوى المعاشي لأفراد البلد بالإضافة إلى صعوبات ومشكلات شحِّ الموارد المائية وذلك لسيطرة دول الجوار على منابع المياه فقد أُشِّر أيضاً ضعف التشريعات الزراعية في ما يخص قوانين وأنظمة الإدارة الزراعية وعدم مواكبتها للتطورات العلمية والتقنية في العالم كما أن ضعف الاستثمار الزراعي تسبب بهجرة رؤوس الأموال المحلية إلى الخارج لذا فإن الاستصلاح الزراعي يتطلب إيجاد تشريعات قانونية وتسهيلات مالية لتشجع القطاع الخاص لاستثماره وتأمين الأسمدة والبذور والمكننة والمبيدات المختلفة لمكافحة الآفات المختلفة وتأمين الغذاء بشكل أمثل ومستدام.