التشكيلي والناقد أديب مخزوم: أعيد صياغة المرأة في أعمالي ببساطة واختزال

منصة 2023/08/20
...

 حاورته: هويدا محمد مصطفى 

صدر لأديب مخزوم في بداية العام 2010 كتاب (تيارات الحداثة في التشكيل السوري) وهو مجلد موسوعيٌّ ونقدي، وثق فيه لـ 100 عامٍ من الفن التشكيلي السوري الحديث والمعاصر.

ومخزوم عضوٌ مؤسسٌ في جمعيَّة النقاد والباحثين المنبثقة عن اتحاد الفنانين التشكيليين السوريين، أقام في دمشق العديد من المعارض الفردية التي توزعت بين دار الأوبرا وصالة الرواق والمنتدى الاجتماعي، إلى جانب مشاركاته المتواصلة في المعارض الجماعيَّة الرسميَّة والخاصة. 

كما وحاز شهادة تقدير وزارة الثقافة 2019، ودرع مديريَّة ثقافة دمشق 2019، وشهادة تقدير نقابة الفنون الجميلة 1996، وغيرها.

وقد استعان بعض طلاب الدراسات العليا، في كليات الفنون الجميلة، بمؤلفاته ودراساته ومقالاته، في خطوات إعداد أطروحات، درجتي الماجستير والدكتوراه، في الفن التشكيلي، وله آلاف الدراسات والمقالات والزوايا المنشورة في الصحف والمجلات العربيَّة.

لمخزوم اهتمامات واسعة في الفن الموسيقي، والتسجيلات النادرة (ويمتلك أكثر من ألف أسطوانة قديمة لكل موسيقى الشعوب). 

ولقد التقى مع بعض كبار نجوم الموسيقى والغناء في عالمنا العربي بحوارات مطولة. وله عدة كتبٍ في التشكيل والموسيقى تحت الطبع.

لإلقاء مزيدٍ من الأضواء على تاريخه الطويل في الفن والنقد والتوثيق التقته "الصباح" وكان الحوار التالي .

* اللافت عودتك خلال العقد الأخير إلى إنتاج اللوحة وعرضها؟

- نعم عدت إلى إنتاج اللوحة وعرضها وبزخمٍ كبيرٍ، أي بمعدل معرض فردي كل عام، إلى جانب مشاركاتي في بعض المعارض الجماعيَّة.

* أين أقمت تلك المعارض، وما هي الموضوعات والتقنيات والأساليب التي اتبعتها؟

- أقمت معرضي الفردي بدار الاوبرا 2016 تحت عنوان (تأويلات جديدة لقواربي الورقيَّة ولياسمين الشام) ولقد شكل عودة الى ذكريات طفولتي على امتداد الشاطئ الرملي في مدينتي طرطوس، من خلال التركيز على موضوع القوارب الورقيَّة، ولقد رسمتها من زوايا مختلفة وعلى خلفية لونيَّة تجريديَّة، حتى لا تأتي تقليديَّة ومستهلكة. كذلك جسدت في قسمٍ من لوحات ذلك المعرض الياسمين الدمشقي، للتعبير عن عشقي المزمن لمدينة دمشق التي عشت فيها سنوات طويلة. 

والقسم الآخر من اللوحات جسدت فيها عازفات على آلات موسيقيَّة مثل البيانو والتشيللو والكمان والغيتار والعود وغيرها، وهي تعبر عن عشقي المزمن للموسيقى والغناء الراقي في الشرق والغرب.

ولقد حمل معرضي الفردي الثاني في دار الأوبرا 2020 عنوان (بكائيات الحرب والأقنعة والانبعاث الجديد) وتضمن عدة مجموعات: المجموعة الأولى: استعدت من خلالها تأملاتي القديمة لمدى وأفق البحر، وطيور النورس، وقواربه المترسخة في ذاكرتي البصريَّة الطفوليَّة.

وحملت المجموعة الثانية عنوان "بكائيات الحرب ـ سوريا نهر الدموع" لقد عبرت عن ضياع الأحلام ودموع الأحزان، خلال الحرب المدمرة.

والمجموعة الثالثة حملت عنوان "الأقنعة" فالحرب أسقطت الأقنعة، وأظهرت كلَّ شخصٍ على حقيقته، كما أنَّ القناع موجودٌ في حياتنا، ويخفي خلفه الوجوه المزيفة في كل زمان ومكان.

أما المجموعة الرابعة فحملت عنوان "الانبعاث الجديد" فسوريا تعرضت في مراحل تاريخيَّة سابقة للكثير من النكبات والأزمات، وكانت في كل مرة تخرج من بين الرماد كطائر الفينيق، ودلالات الولادة الجديدة ظهرت في ألواني المشرقة، وفي موضوع طالبات وطلاب المدارس، الذي تناولته في بعض اللوحات، فهم رمز المستقبل والانبعاث الجديد.

ولقد أقمت معرضين (في صالة الرواق 2021 والمنتدى الاجتماعي 2022) ركزت فيهما على العلاقة المتبادلة والمتداخلة بين الفن التشكيلي وخطوط الموضة الحديثة.

وعلى الصعيد التشكيلي تفاوتت أعمال معارضي بين التصريح والتلميح، أو بين الواقعيَّة والاختزال التعبيري، وصولاً إلى شغل كامل خلفية اللوحة، بالحركات اللونيَّة العفويَّة السريعة والانفعاليَّة، وموضوعي المفضل كان ولا يزال: امرأة بصياغة مختزلة ومبسطة، على خلفية لونيَّة تجريديَّة (تجريد انفعالي حركي). 

وهذا ما عبر عنه الناقد اللبناني أ. د . فيصل سلطان (الناقد التشكيلي الأساسي في صحيفتي السفير والنهار، على مدى أكثر من نصف قرن، وأستاذ الدراسات العليا للفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية) في تقديمه لمعرضي بدار الأوبرا 2020 بقوله: "يجمع أديب مخزوم في تجاربه الفنيَّة ما بين طقوس الإشارات الواقعيَّة والتجريديَّة، كما لو أنَّ الزمن في لوحاته بلا حدود. فهو يجمع ما بين ذاكرة الطفولة وتداعيات الصورة الشعريَّة للطخات 

اللونيَّة".

* بماذا تختلف لوحاتك التي قدمتها سابقاً عن لوحات اليوم؟

- تشهد لوحاتي من معرضٍ إلى آخر، تحولات وانعطافات من ناحية الموضوعات المطروحة والتقنيات المستخدمة والاتجاه بشكلٍ تدريجي نحو الاختزال والتبسيط والتجريد وخاصة في الخلفيات.