{مجلس الناتو} يجتمع اليوم في أنقرة وسط خلافات تركية – أميركية

قضايا عربية ودولية 2019/05/05
...

اسطنبول / فراس سعدون
 
تستضيف العاصمة التركية أنقرة، اليوم الاثنين وغدا الثلاثاء، اجتماع مجلس شمال الأطلسي الهيئة المسؤولة عن صنع القرارات في حلف الناتو. ويأتي انعقاد الاجتماع على وقع خلافات تسليحية – عسكرية، بين الولايات المتحدة الأميركية صاحبة أكبر عدد جنود في الحلف، وتركيا صاحبة ثاني أكبر عدد جنود في الحلف.
وذكرت وكالة الأنباء الرسمية التركية أن اجتماع مجلس شمال الأطلسي ينعقد، لمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين للحوار المتوسطي، برئاسة يانس ستولتنبرغ، الأمين العام لحلف الناتو، والمقرر أن يعقد اجتماعات ثنائية مع كبار المسؤولين الأتراك لبحث الخلافات في إطار الحلف.
 
خلاف الصفقة الروسية
ويتواصل الخلاف التركي – الأميركي بشأن صفقة شراء أنقرة من موسكو منظومة الدفاع الصاروخي إس – 400، والمقرر تسليمها لتركيا هذا الصيف، وتلويح واشنطن بإخراج أنقرة من برنامج تصنيع طائرات إف – 35 المقاتلة إذا تسلمت أنقرة المنظومة الروسية.
وحاول مولود جاويش أوغلو، وزير الخارجية التركي، استباق اجتماع مجلس حلف الناتو، بتبسيط الخلاف.
وقال جاويش أوغلو، في تصريحات صحفية، إن "العلاقات التركية الأميركية ليست منوطة بصفقة إس – 400، وإف – 35، ولكن بالطبع هذان شأنان مهمان، ولدينا العديد من القضايا الإقليمية والثنائية بينها عملية الانسحاب العسكري الأميركي من سوريا"، مضيفا "لسنا مضطرين لقطع روابطنا مع بلد إزاء القضايا الأخرى، إذا لم نتفق على قضية ما".
وجدد وزير الخارجية التركي اقتراح تشكيل مجموعة عمل لطمأنة الجانب الأميركي وحلف الناتو، في ظل شكهما بأن المنظومة الروسية تهدد منظومات حلف الناتو ومقاتلات إف – 35، مؤكدا أن تركيا ستدير منظومة إس – 400 وليس روسيا.
ويؤكد المسؤولون الأتراك أن صفقة إس – 400 تمت ولا تراجع فيها، نافين وجود أي بند في عقد إنتاج طائرات إف – 35 يمنع تركيا من شراء منظومة الصواريخ المضادة للطائرات إس – 400، أو يجعلها خارج الإنتاج.
 
خلاف المنطقة الآمنة
وتستمر المحاولات التركية الأميركية للتغلب على خلاف المنطقة الآمنة المراد إنشاؤها في الشمال السوري، وعند الحدود الجنوبية لتركيا، لتحييد خطر التنظيمات المسلحة الكردية على تركيا.
وقال خلوصي أكار، وزير الدفاع التركي، في مقابلة تلفزيونية عقب مباحثات أجراها مؤخرا في أنقرة مع جيمس جيفري، المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، إن "الولايات المتحدة أقرب إلى وجهات نظر تركيا بشأن المنطقة الآمنة، وأصبح موقف الولايات المتحدة أكثر مرونة". وذكر أكار أن الولايات المتحدة "أقرب إلى رأي تركيا بضرورة إبقاء وحدات حماية الشعب الكردية على عمق 34 – 40 كيلومترا في المنطقة الآمنة". وكانت تركيا تهدد في الأشهر الأخيرة بتدمير الوحدات الكردية بصفتها الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني، لكنها ومع تصريحات وزير الدفاع تبدو مقتنعة بإبعاد الوحدات عن حدودها في الوقت الحالي.
وصرح أكار "لقد أخبرت السيد جيفري أننا نضيع الوقت بشكل كبير، مما يوفر فرصا للإرهابيين الذين يهددون أمن بلدنا وشعبنا، ونحن بحاجة إلى العمل في أقرب وقت ممكن"، مواصلا "لقد قمنا بعملية درع الفرات من جانب واحد عندما كان العمل معا غير ممكن. قلت إننا لا نريد أن نكون في هذا الموقف مرة أخرى". وشنت تركيا عمليتي "درع الفرات" و"غصن الزيتون" في 2016 و2018 لطرد التنظيمات الكردية من مناطق واسعة في الشمال السوري بينها عفرين.
وتريد تركيا السيطرة على المنطقة الآمنة في حال إنشائها.
وعلق أكار "في السابق اقترحت الولايات المتحدة بعض أعضاء التحالف من دول أوروبا والناتو لنشر القوات البرية. لم يستجب أحد لهذا العرض بشكل إيجابي، وبهذا المعنى، فإن القوات المسلحة التركية هي القادرة على العمل في هذه المنطقة مع توافرها". 
تحليل الخلافات
ويرى زهير عطوف، الباحث في العلوم السياسية، أن "منظومة إس – 400 الروسية حجر عثرة في سياق العلاقات بين تركيا وأميركا، وبالتالي بين تركيا وحلف شمال الأطلسي"، معتقدا أن "تركيا ستشتري إس – 400 لأنها تحتاجها، على اعتبار أنها تواجه مجموعة تهديدات عند حدودها مثل الإشكال السوري، والإشكالات مع حزب العمال الكردستاني، والتهديدات المحيطة من اليونان والبحر الأبيض المتوسط، وبالتالي تركيا تحتاج هذه الصواريخ".
ويؤكد عطوف، في حديث لـ"الصباح"، أن "ما يجمع تركيا بأميركا أكبر من صواريخ إس – 400، نظرا لعلاقات التحالف الستراتيجية، والعلاقات التجارية بين البلدين البالغ التبادل فيها أكثر من 20 مليار دولار سنويا". ويعتقد الباحث السياسي أن "تركيا يمكن أن تواجه بعض العقوبات وبعض الضغوطات الأميركية، لكنها لن تصل إلى قطع العلاقات، فلا يمكن التخلي عن علاقات تحالف مقابل علاقات جيدة لا تصل إلى التحالف مع روسيا".
ويعزو الباحث تمسك تركيا بامتلاك منظومة الصواريخ الدفاعية إلى أنها "تعد نفسها دولة مستقلة، ولها قرار سيادي، وتحاول أن تكون لاعبا أساسيا في الشرق الأوسط، وصاحبة دور مركزي في الإقليم". ويصف الباحث المتخصص في الشؤون التركية الخلافات بين أنقرة وواشنطن في سوريا بأنها "مركزية". ويجد أن الخلافات تأتي من "اتهام تركيا لأميركا بدعم حزب العمال الكردستاني وفروعه في شمال وشمال شرق سوريا، وهي تنظيمات تعدها أميركا بمنزلة اليد في هذه المنطقة".
ويرجع عطوف عمق الخلافات في هذه المسألة إلى أن "الأزمة التركية – الكردية استنزفت تركيا على مدى 4 عقود، إذ صرفت أكثر من 400 مليار دولار على محاربة العمال الكردستاني". ويفسر الباحث أي حديث عن تقارب تركي أميركي بأنه اقتراب من تحقيق المصالح الأميركية. ويبيّن أن "أميركا قالت إنها ستنحسب عسكريا وحتى الآن ليس هناك انسحاب حقيقي، على اعتبار أن ترامب يحاول ما أمكنه تحقيق المصالح الأميركية في المنطقة، وأي تفاهم يحقق تلك المصالح سيحدث بعده الانسحاب".